ضع اعلانك هنا

نخبة من أبناء تهامة يلتقون السفيرة الفرنسية لدى اليمن لبحث المستجدات السياسية والأمنية والحقوقية…

التقى عدد من الشخصيات التهامية البارزة بالسفيرة الفرنسية لدى اليمن، السيدة كاترين قرم كمون، في لقاء خاص ناقش أبرز القضايا المتعلقة بالوضع في اليمن، وخصوصًا ما يتعلق بإقليم تهامة من تحديات سياسية وأمنية وإنسانية وحقوقية. وضم اللقاء عددًا من القيادات والنخب التهامية في مجالات متعددة، من بينهم العميد محمد عماد عيسى، والدكتور محمد السمان، والدكتور نجيب جبريل، والأستاذ عبدالمجيد زُبَح، الذين قدموا للسفيرة رؤى شاملة عن قضية تهامة وواقعها واحتياجاتها الملحة، ومستقبل دورها في بناء السلام.

وفي بداية اللقاء، بالسفيرة الفرنسية شرح الحاضرون المعاناة الإنسانية المتفاقمة لأبناء تهامة، وخصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يعاني السكان من الألغام ونهب الأراضي والإيرادات، وفرض الجبايات والإتاوات المختلفة، وانعدام الخدمات وأبسط مقومات الحياة، وارتفاع معدلات الفقر، وتدهور الأوضاع الصحية والتعليمية، والتجريف الفكري والثقافي، والترهيب والتضييق والاعتقالات والانتهاكات (لا سيما بحق الناشطين والمعارضين)، ناهيك عن الإعدامات ذات الطبيعة التمييزية الطائفية بحق السكان.

وقد قدم العميد محمد عماد عيسى شرحًا مفصلًا حول الوضع العسكري والأمني، مؤكدًا أن اتفاق ستوكهولم أوقف عملية التحرير وأدى إلى تجميد الجبهات، مما سمح للحوثيين بإعادة التموضع وتعزيز سيطرتهم في مناطق الساحل التهامي. وأوضح أن استمرار بقاء مدينة الحديدة تحت سيطرة الحوثيين يهدد الأمن البحري والإقليمي، وأن أبناء تهامة وحدهم القادرون على تأمين الساحل التهامي الممتد من ميدي شمالًا إلى باب المندب جنوبًا. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم أبناء تهامة وتمكينهم من أداء هذا الدور، باعتبار أن أمن البحر الأحمر مسؤولية دولية لا تحتمل التجاهل.

من جهته، ركز الدكتور محمد السمان على أهمية الحلول المستدامة، ودعا إلى ضرورة إشراك أبناء تهامة في صياغة وبناء عملية السلام، عبر المرجعيات الثلاث، وبما يضمن تمثيلًا حقيقيًا وفاعلًا لهم، بعيدًا عن التهميش الصارخ الذي تعرضوا له طوال السنوات الماضية. وأشار إلى أن أي سلام لا يشمل تهامة كمكوّن أصيل في المعادلة اليمنية هو سلام هش ولا يمكن أن يصمد.

الدكتور نجيب جبريل استعرض مظاهر الظلم والتهميش والإقصاء الممنهج الذي تعرضت له تهامة – ولا تزال – لعقود، مؤكدًا أن أبناء تهامة يريدون إدارة شؤونهم ذاتيًا وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة، ضمن إطار دولة اتحادية عادلة. كما شدد على ضرورة تحقيق اصطفاف وطني شامل لاستعادة مؤسسات الدولة وتفعيل مسار المرجعيات الثلاث المعترف بها دوليًا، وصولًا لتحقيق سلام عادل ومستدام.

أما الأستاذ عبدالمجيد زُبَح، فتناول الوضع الحقوقي في تهامة، موضحًا أن مليشيات الحوثي تمارس انتهاكات واسعة النطاق بحق أبناء تهامة، من اعتقالات تعسفية واختطافات إلى تغييب قسري ومحاكمات وإعدامات غير قانونية، في ظل غياب دور فاعل للمؤسسات والمنظمات الحقوقية. كما أشار إلى ضعف التأهيل الحقوقي في تهامة، داعيًا إلى دعم مشاريع المجتمع المدني التي تعزز من قدرات الشباب التهامي على الدفاع عن حقوقهم وبناء وعي مجتمعي حقوقي مستدام.

كما تناول اللقاء موضوع فتح الطرقات، وخصوصًا الطريق الحيوي الرابط بين مديريتي حيس والجراحي، لما له من أهمية كبيرة في التخفيف من معاناة المدنيين وتسهيل حركة التنقل والإمدادات. وأكد الحاضرون أن الطريق من جهة السلطة المحلية في المناطق المحررة مفتوح وجاهز للاستخدام، وقد تم الإعلان عن ذلك كمبادرة من السلطة المحلية، فيما ترفض مليشيات الحوثي فتح الطريق من جهتها، ما يعكس تجاهلها للمعاناة الإنسانية واستمرارها في فرض الحصار على مناطق تهامة.

واختتم اللقاء برسالة واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أن أبناء تهامة لديهم القدرة والإرادة لتحمل مسؤولياتهم الوطنية في مختلف المجالات، وأن استمرار تهميشهم يمثل خطرًا على جهود السلام وبناء الدولة. وطالب الحاضرون فرنسا والمجتمع الدولي بدعم تطلعاتهم، والوقوف إلى جانبهم في تحقيق شراكة وطنية عادلة تضمن حقوقهم وتعيد لهم مكانتهم.

وقد أعربت السفيرة الفرنسية في ختام اللقاء عن اهتمامها بما طُرح من قضايا وملفات، مؤكدة حرص بلادها على دعم الجهود المبذولة لإحلال السلام في اليمن، ومشددة على ضرورة تحسين الوضع الإنساني في جميع المناطق، بما في ذلك تهامة، وفتح الطرقات كخطوة أولى نحو بناء الثقة وتحسين حياة المدنيين. وأكدت أنها ستنقل ما تم تداوله في اللقاء إلى دوائر القرار في بلادها وإلى الجهات الدولية المعنية.

ضع اعلانك هنا