ضع اعلانك هنا

دعم الصناعة الوطنية.. بين الاحتياج والضرورة ..

كتب / محمد شمسان …

خلال الأيام الماضية أثارت حملة التوعية بدعم وتشجيع الصناعة الوطنية، جدلًا كبيرًا في الأوساط الاعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وكان الأمر بين مؤيد للحملة ومعارض لها.

والحقيقة أنني كمواطن يمني يتألم لأوضاع وطنه ومعاناة شعبه، فأنني أجد في دعم وتشجيع الصناعة الوطنية والترويج للمنتجات المحلية، طريقًا بديلًا وآمنًا للخروج من هذا الوضع الاقتصادي المتردي، حيث أنه لابد من دعم وتشجيع الصناعة الوطنية للاسهام في رفع مستوى الاقتصاد الوطني وتوفير العملة الأجنبية الصعبة التي تذهب معظمها في عمليات وصفقات الاستيراد وشراء المنتجات الخارجية على حساب وضعنا الاقتصادي وعملتنا الوطنية، كما أن الترويج والاقبال على شراء المنتجات المحلية يساعد في تحسين وتطوير جودتها ويخلق مجالات كثير للاستثمار وفرص العمل واقامة مشاريع وطنية مختلفة وكل ذلك سيساعدنا في تحسين ورفع مستوى الاقتصاد المحلي للبلد.

هناك عدد من السياسيين والناشطين والاعلاميين يتغنون بحب الوطن ويزايدون علينا بالهوية الوطنية والانتماء لليمن، وهم في الحقيقة مجرد أرقام في مشاريع صغيرة تتقاتل على مصالح فردية أو شخصية ضيقة ومعظمها مشاريع خارجية لا علاقة لها باليمن ومصالحها وشعبها، فتجدهم يعارضون ويرفضون فكرة دعم الصناعة الوطنية بذريعة عدم الجودة أو السوق الحر أو توجه السلطات التي تدعو إلى تعزيز الصناعة المحلية وضرورة تشجيع وشراء المنتج المحلي – لمجرد انهم يختلفون معها ومع توجهاتها – مع أن الموضوع لا يتعلق بالسلطة ولا بالصراع السياسي، بل يتعلق الأمر بالبلد واقتصادها ومستقبلها.

صحيح أن السلطة السياسية “أي سلطة” تقع عليها مسؤولية سن القوانين والتشريعات التي تساعد في خلق فرص للاستثمار وتشجع على تطوير وتحسين الصناعة الوطنية ورفع مستوى جودتها لتكون سلعة جيدة تستطيع الدخول في منافسة مع المنتجات الخارجية ولتجد طريقها للسوق العالمية ، وهذا أمر يدعو الفخر والاعتزاز ، لكن السلطة ( أي سلطة) لن تستمر وقد تتغير وتتبدل وفق قناعة الشعب اليمني ووفق الخيارات الديمقراطية، لكن المنتج أو السلعة الوطنية هي التي ستبقى وتستمر بل ويجب عليها أن تتطور وفق احتياجات المستهلك ووفق المتغيرات العصرية.

إننا كيمنيين في الداخل والخارج سلطة ومعارضة موطن ومسؤول صغير وكبير رجل وامرأة مطالبون جميعا بدعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الصناعات المحلية والترويج للمنتجات والسلعة اليمنية والاقبال عليها، وتقديم الملاحظات التي تساعد في تحسين جودتها وتوسع انتشارها، لأن في ذلك مصلحة عامة لليمن واليمنيين، وعلينا أن نستفيد من تجارب عالمية في مجال الصناعات من دول كانت من أفقر الدول وأصبحت اليمن في طليعة الدول المصنعة والمصدرة (الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا.. وغيرها).

هذه الدول بدأت من الصفر وتطور أداءها وتحسنت جودة منتجاتها بعد تجارب ومحاولات متعددة، لكنها لم تفشل ولم تتراجع، فقط كان الأمر بحاجة إلى سلطة قوية شجاعة قادرة على إحداث تغيير في قناعات شعوبها وتمكين العقول الناضجة وإتاحة الفرص لكل المبدعين والمبتكرين والمصنعين ليأخذوا مكانتهم في المجتمع ويخطوا طرق عدة للانتصار لأنفسهم وعقولهم وقدراتهم في تلبية احتياجاتهم وتشغيل اسواقهم المحلية ، ومن ثم الانطلاق نحو العالمية.

نحن قادرون على فعل ذلك وعلى تحقيق أكثر من ذلك، فقط يتطلب الأمر مراجعة جادة لحساباتنا ومواقفنا والعمل على ايجاد آلية تقارب وتصالح وتسامح وشراكة وطنية حقيقة، تفضي إلى سلطة وطنية وقوية يلتف حولها كل اليمنيين، وهذه السلطة تكون هي المعنية بدرجة اساسية باتخاذ قرار دعم الصناعة الوطنية بين خيارات الاحتياج والضرورة…

ضع اعلانك هنا