عبدالرحمن محمد
إنه لأمر غريب أن يصدر عن الدكتور عيدروس النقيب ما صدر بشأن حادثة معاشيق الأخيرة، عبر ما يسمى بهمس اليراع، وأن يستخدم كل العبارات الهابطة والإسفاف في الخطاب مع رئيس حكومة ومع قيادة دولة وأن يفرغ كل امراضه واحقاده في ذلك المنشور الخالي من الكياسة واللغة الرصينة والذي لجأ فيه إلى قلب الحقائق رأسا على عقب وبكل تبجح يدعو إلى التحريض والعنف وهو رجل برلمان لا يفترض فيه ان يهبط ذلك الهبوط السيئ أو يتحول إلى مناطقي فض.
أي شهادة علمية حصل عليها عيدروس النقيب إذا كانت هذه مخرجاتها وكم هو محزن أن يعترف بان عدد من 100 إلى 200 فرد هم من هاجموا مقر رئيس الوزراء ومارسوا أبشع الممارسات في مكان يمثل رمزية سيادة الدولة لا يجوز معه لأي مليشيات أو قوات أن تدخل إليه إلا بقرار من القائد الأعلى، ثم إن هذا العدد الذي اقتحم معاشيق دون اذن من رئيس الحكومة، بحسب النقيب، لأن المفترض أنهم كانوا ذاهبين إليه للشكوى فيفترض أن يكونوا على تنسيق مع مكتبه ليسمح لهم بالدخول ومقابلته لا أن يدخلوا بقوة السلاح إلى سكنه.
لنأتي أيضًا إلى موضوع الكليات العسكرية، ما شأن أبو زرعة وقواته فيها؟! وألا يفترض أن المخاطب هو وزير الدفاع والأجهزة المعنية؟! والأدهى والأمر أن من ادعى عيدروس انهم يحملون الورود لرئيس الوزراء كانوا يحملون الاسلحة والعربات المدرعة ودخلوا إلى داخل سكن رئيس الوزراء وتناولوا وجبة الغداء جبراً على المقيمين بالمبنى.
فعلاً كما وصف عيدروس، تمكن رئيس الوزراء من المغادرة من الجهة الخلفية بعد ان دخلوا إلى داخل المبنى ولم يكن معه خيار إلا أن يصنع ذلك، اما أبو زرعة فأي عظمة يصفه عيدروس بها وهو يمثل أعلى سلطة ويقوم بأبشع فعل ويقتحم رمزية الدولة مقر الرئاسة ويتدخل بما لا يعنيه ويرسل مئات المسلحين ليهاجم رئيس حكومة.
إنه وأيًا كانت اخطاء رئيس الحكومة فلا يجوز استخدام العمل الميلشاوي ضده، وإذا كان أبو زرعة يرى أن هذه الحكومة فاشلة وفاسدة فمن بأب أولى، وهو الآن يتعامل بثلاثة وجوه متناقضة نائب رئيس مجلس قيادة ونائب رئيس مجلس انتقالي وقائد عسكري، كان الأولى به أن يأخذ قراراً بسحب وزرائهم من الحكومة أو أن يقدم استقالته من مجلس القيادة ولا يسمح لنفسه بالبقاء في ظل حكومة فاسدة.
اما الدكتور عيدروس فمحاولته التعالي والتقذيع والتجريح لرجال الدولة أمر محزن ومضحك بنفس الوقت وادعاءاته التي وردت بالمنشور لا تتسم بالصدق والمسؤولية ولكنها ابتكارات من ابتكاراته ونزواته التي تعود عليها ولغة البجاحة التي هي ديدنه وهو لا يعرف مطلقًا جادل بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وعليه أن يدرك إن الغرور في قضية الجنوب والشمال لا ينفع مثقال ذرة.
على عيدروس أن يدرك إن الشمال نفطيا وغازيا وأن ثروته السكانية قادرة على تحقيق مكاسب اكثر من النفط وانهم مصدر ثروة وليسوا متبجحين أو كسالى أو يتغنون بالأحلام والأوهام، وليعلم عيدروس أن كهرباء الحديدة والمخا كانت تزود عدن قبل الوحدة بالطاقة الكهربائية عبر مشروع الربط الكهربائي بين الشطرين وأنه عند قيام الوحدة كانت الشمال هي الدولة النفطية ولم يلتفت احد ما الذي كان في الجنوب ولا نريد ان نتحدث عن اوضاعها آنذاك لأن الوحدة جانب وطني ناضل من أجله رجال الشمال والجنوب وحملوا رايته عشرات السنين ونذروا حياتهم من أجل تحقيقه لأنه الأصل وما عداه هو الاستثناء ولم يكن الهدف حفنه من مال أو قطعة من ارض كان الهدف اعلاء راية الشعب اليمني خفاقة في العالم واستعاده حضارته وامجاده وتاريخه ومكانته المرموقة وخلق المصالح المشتركة بين ابناءه.
اننا نحرص كوطنيين وفي مقدمتنا اعضاء مجلس نواب ان نمارس النقد البناء ونامل من عيدروس ألا يتجاوز أخلاقيات المهنة واحترام الدستور والقانون والسيادة الوطنية وأن يكون صادقا فيما يكتب ويقدم للناس رؤية حقيقية للأحداث حتى يحترموه ويبتعد عن لغة الشطط والمناكفات والتعالي ويستخدم الالفاظ التي تليق بعضو البرلمان وتزين الدكتور عيدروس وتجعل كل من يقرأ الهمس تواقا إليها مرة أخرى وألا تحمل اللغة المستفزة أو الحقائق المعكوسة أو العبارات النابية أو الاساءات الجارحة فذلك ليس من شيم الكرام ولا من لغة المثقف.
إنني لا أكتب هنا دفاعا عن رئيس الوزراء ولا عن سلوكه وتصرفاته ولكني اكتب من أجل رمزية الدولة وسمو مكانة أعلى سلطة ومؤسسات الدولة العليا التي يجب أن تحترم وأن يحاسب الأشخاص وتحترم الهيئات والمؤسسات وبالطريقة الدستورية والقانونية وليس عبر الفوضى والعمل المليشاوي أما أن يكون العمل المليشاوي من قيادي في اعلى سلطة بالدولة فتلك الكارثة بعينها.