ضع اعلانك هنا

القضية الفلسطينية.. على مذبح التصفية السياسية والعسكرية 

القضية الفلسطينية.. على مذبح التصفية السياسية والعسكرية

 

كتبه – قادري احمد حيدر

 

 

“إن أسوء مكان في الجحيم مخصص لأولئك الذين يقفون على الحياد في المعارك الأخلاقية الكبرى “.

 

مارتن لوثر كينج

 

وأنا أطالع وأتابع المحارق والمجازر العسكرية التي تجري ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر في غزة، منذ أكثر من سبعة عشر عاماً .. حصار وقتل يومي ضد المدنيين: نساء وأطفال وشيوخ، تذكرت الوثيقة والمشروع السياسي الأمني الاستراتيجي الذي أقره الكونجرس الأمريكي في العام 1983م، بالحرب السياسية والعسكرية المباشرة على المنطقة العربية، وخطة تقسيم دولها إلى كانتونات ومناطق عرقية وطائفية ومذهبية وقبلية، وهو المشروع الاستعماري الأصلي الذي يعد لكل المنطقة بدون استثناء، بما فيه تقسيم دول الخليج، وعلى رأسه مملكة آل سعود!!

 

هو، سياسياً وعملياً، مشروع بدأ مع “النكبة”، وقرار التقسيم الذي لم ينفذ منه سوى الجزء الخاص بإقامة دولة الكيان الصهيوني، حيث بقيت أمريكا ودول الغرب الاستعمارية تقف وتعارض بـ”الفيتو”، وبرفض الموافقة على العشرات من القرارات المؤيدة للحق الفلسطيني في الدولة المستقلة، وفي الوجود، وفي الحياة، ناهيك عن عدم تنفيذ ما أصدر من القرارات لصالح القضية الفلسطينية؛ علما أن الاعتراف الأممي بإسرائيل كان يقابله اعتراف مشروط بقيام دولة للفلسطينيين، كما هو نص القرار الدولي.

 

إن الغرب الاستعماري في رؤيته الاستراتيجية يدرك تماماً من لحظة زرعه للكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية، ما هو الهدف الاستراتيجي من وجود اسرائيل في المنطقة؛ أولا: وضعها، كشرطي حام وحارس للمصالح الغربية الاستعمارية؛ ثانيا: العمل من خلالها على تفتيت وتفكيك ما تبقى من وحدة قومية، ومن أمن قومي عربي لهذه المنطقة، والحلقة الاضعف كما يتصورون هو البداية من تصفية القضية المركزية للعرب، وهي القضية الفلسطينية؛ وثالثا: تثبيت وفرض الكيان الصهيوني، كقائد للمنطقة، وما بعده ستنفرط عقد المسبحة، في تفتيت وتفكيك كل المنطقة، وهو ما لم يدركه القادة العرب بسبب تبعيتهم العمياء لأمريكا والغرب الاستعماري عموماً.

 

إن ما يحصل حقاً اليوم إنما هي حرب إبادة جماعية، “هلوكوست” حقيقي ينفذ وبصورة درامية ومشهدية وبأيدي صهيونية وأمريكية، أمام عدسات الكاميرات وشاشات التلفزيونات العالمية.. هي حرب تطهير عرقي، بأمر ودعم وتكليف من الغرب الاستعماري الذي رغم تعارضاته، وحتى تناقضاته، إلا أنه قد توحد ضد قضية الشعب الفلسطيني.

 

إسرائيل هي الأداة المنفذة ليس إلا، ضمن وحدة المصالح الاستراتيجية بين الكيان الصهيوني والغرب الاستعماري.

 

إن التبعية المطلقة للنظام السياسي العربي لأمريكا، وللغرب الاستعماري، هو أحد أهم مصدر لقوة الكيان الصهيوني، وهو الذي يشجع أمريكا على ذلك التمادي في اعلان رفضها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في استخدام “الفيتو” الأمريكي لعشرات المرات ضد الحق الفلسطيني.

 

كانت بداية مخطط تنفيذ تفتيت وتفكيك المنطقة العربية عمليا، مع غزو واحتلال العراق في مارس 2003م، لإخراج العراق من معادلة السياسة والاقتصاد والعلم والعسكرة؛ ذلك أن الإحتلال الأمريكي للعراق تم خارج القانون الدولي، وتم تلبية لحاجة ماسة للكيان الصهيوني، أو بطلب منه، وهو ما أشار إليه ضمنا نائب الرئيس الأمريكي “ديك تشيني، في مقابلة معه، حيث تركز غزو واحتلال العراق منذ أول لحظة على ضرب وتدمير بنية الدولة العراقية، وحل الجيش العراقي، في صورته الوطنية، وتفكيك مفاصل الدولة العراقية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، واغتيال علمائه، حتى فرض نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والقبلية عليه، في صورة ما هو قائم اليوم في العراق، والقائمة مفتوحة على بقية دول المنطقة: سوريا لبنان السودان اليمن ..إلخ

 

إن الغرب الاستعماري، أمريكا وأوروبا، يعيشون أزمة مالية واقتصادية وسياسية ودولية عميقة، مع تصاعد رغبة العالم بالدخول إلى صناعة النظام العالمي متعدد الأقطاب، ومن يقف ضد ذلك هو اليمين الصهيوني المسيحي في عمقه الرأسمالي الاستعماري الامبريالي، ويعارضه الغرب الثقافي الحضاري في صورة اليسار التقدمي العالمي، الذي يقف اليوم في صف القضية الفلسطينية، ومن هنا عدوانهم وحصارهم السياسي والاقتصادي لروسيا، وفرضهم العقوبات المالية، والاقتصادية المتنوعة عليها، واستفزازهم المتكرر للصين، حول “تايوان”، والتحشيدات العسكرية، على مقربة من السواحل الصينية، وإعلان التحالفات الاستراتيجية المعادية للصين، بين امريكا وكوريا الجنوبية واليابان، وحتى الاستفزازات بالنووي في هذا الاتجاه، ومحاولتهم إضعاف أو استنزاف روسيا في الحرب الاوكرانية، في دعم الغرب للنازية الاوكرانية التي وصلت حد مشاركة “الناتو”، وحتى الاتحاد الأوروبي، في الحرب على روسيا.

 

وهنا يمكنكم ملاحظة المعايير المزدوجة حول حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحول حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، التي ترفع في وجه كل من يحاول إدانة التدخل الغربي الاستعماري في الحرب الأوكرانية الروسية.. اليوم تقوم الآلة العسكرية، والآلة الإعلامية الامبريالية، في تشويه صورة المقاومة الفلسطينية بصورة لا سابق لها، حتى تحويل مقاومة الشعب الفلسطيني إلى إرهاب في مقاومته للاحتلال، لتبرير وشرعنة قتل الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين الفلسطينيين، وهو – مع الأسف – ما تردد قوله الآلة الاعلامية الغربية في كل دقيقة ضد المقاومة، مع أن الصورة الواقعية والمشهدية تقول غير ذلك، ولكنهم لا يبصرون إلا ما تريده عيونهم العمياء عن الحق الفلسطيني الذي تكفله جميع المواثيق والقوانين والقرارات الدولية.. إنه جنون العنف الاستعماري، حين يفقد الحد الأدنى من العقلانية ومن القيم الأخلاقية والحضارية والإنسانية.

 

إنها “المركزية الأوروبية الاستعمارية” في طبعتها العسكرية الجديدة .. خمسة وسبعون عاماً والشعب الفلسطيني تحت نير قبضة الاحتلال ومجازره اليومية، المجازر التي لم تتوقف في كل مدن الضفة الغربية، وفي الداخل الفلسطيني، حتى قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً، كل ذلك لا تراه عين المستعمر الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإيطالي والألماني…إلخ، لأنهم جميعاً صورة معبرة عن صعود اليمين النازي، والفاشي الصهيوني المسيحي الذي يمسك بقبضة السلطة في هذه البلدان.. لا يرون النازية الأوكرانية، وتتحول في أفواههم وخطاباتهم “الظاهرة النازية الأوكرانية” إلى حالة دفاع عن النفس والأرض، مطلوب دعمها عسكرياً ومالياً، ولوجستياً، وصولاً إلى حد المشاركة شبه العملية في الحرب، ولا يرون في الحق القانوني والإنساني في دفاع الفلسطينين عن أنفسهم وضد المحتل الصهيوني الذي قدم من أصقاع العالم، سوى بأنه إرهاب ضد المستوطن المسلح، والمحمي بقوة الجيش الصهيوني .. إنها المعاييراللا اخلاقية الاستعمارية المزدوجة.

 

إن المقاومة الفلسطينية أرادت في يوم السابع من أكتوبر 2023م أن تقدم قراءتها وصياغتها السياسية والعسكرية في مقاومة العدوان الصهيوني، وتقول للعالم الاستعماري : لولا دعمكم العسكري والاقتصادي والمالي والأمني، لما استمر جنون القوة العسكرية الصهيونية يوماً واحدا، ومن أننا لم نكن طيلة الخمسة والسبعين عاماً الماضية نقاتل ونواجه القوة الصهيونية الاسرائيلية، بل نواجهكم أنتم في صورة حكوماتكم: الجمهورية، والديمقراطية، الداعمة والحامية لهذا الكيان، ومن أننا رغم ذلك كما ترون انتصرنا على الآلة العسكرية الصهيونية، وعلى دعمكم وحمايتكم بالمقاوم بالرشاش، وبالصاروخ الذي نصنعه بأيدينا، رغم حصاركم المطبق علينا من جميع جهات الأرض.

 

لقد وجهت المقاومة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني البطل، رسالة للعالم كله؛ فخلال عشرون دقيقة، وصل فيها المقاومون الفلسطينيون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى دخولهم إلى عمق المستوطنات، وإلى السيطرة على (55) موقعاً وقاعدة ومستعمرة – أو اكثر – أكدوا فيها اجادتهم لا ستخدم التقنيات العلمية والاتصالية الحديثة، والاستخبارية، في تمكنهم من تعطيل أجهزة الإنذار الصهيونية والسيطرة على مواقع عسكرية استراتيجية، وقتل العشرات من الجنود والضباط – وليس الاطفال والنساء والشيوخ كما يروجون – وهم فوق دباباتهم ومدرعاتهم، وأسر أكثر من مائتي ضابط وجندي، ومستوطن مسلح، واقتادتهم صاغرين مذلين ومهانين إلى قطاع غزة، بعد أن هرب العديد منهم تاركين مواقعهم واسلحتهم لكوكبة من الأبطال المقاومين، وذلك ما أغاض بايدن، وماكرون، والمستشار الألماني والحكومة الايطالية، وغيرهم.. إن هذه الفضيحة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية المدوية هي التي ارعبتهم وروعتهم، فبادروا إلى دعوة قادة الكيان إلى توسيع نطاق الحرب وقوتها الوحشية الصاروخية تحت الغطاء السياسي والاعلامي الاستعماري، أمام مقاتلين بدون أي سند عربي رسمي، إن لم يكن بعض العرب مشترك في العدوان على الفلسطينيين بالصمت، أو بعدم مساندة المقاومة وتركها وحيدة.. ألم يتطوع العشرات والمئات من الإماراتيين في الاتصال لتعزية الصهاينة، بل والمشاركة في صفوف نجمة داود للمساعدة في علاج الصهاينة الجرحى؟!

 

إن السابع من اكتوبر،٢٠٢٣م، هو معركة على طريق التحرير في مشواره الطويل.. معركة سياسية وعسكرية مرغت وجه وهيبة ومكانة الجيش والأمن والاستخبارات الصهيونية في وحل الهزيمة والانكسار، هزيمة سيستمر صداها وآثارها لزمن طويل، يحتاج معه القادة الصهاينة لترميم هذه الصورة لعقود طويلة للتخفيف من أضرارها وآثارها الجارحة على الوعي والنفسية.

 

لقد أحدثت العملية العسكرية الفدائية للمقاومة الفلسطينية صدمة قوية، أربكت وهزت بنيان العقل السياسي والعسكري الصهيوني، بل وحتى الغربي، الذي وقف مشدوها، وغير مصدق، كل ما يحصل أمام عينيه، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يفقد صوابه، ويصفها بأنها “شر خالص”, وإرهاب، بعد أن رأى بالعين المجردة، كيف اقتحم الف ومائتين مقاتل فلسطيني مواقع ومعسكرات أمنية حساسة وذات طابع استراتيجي مخابراتي، وأخذ معه أجهزة كمبيوترات، وسيرفرات،

 

” هاردات”, تحتوي ذاكرات أمنية وعسكرية واستخباراتية خطيرة، فيها اسماء العملاء من مختلف الجنسيات، إلى قطاع غزة.

 

إن العملية العسكرية الفدائية للمقاومة في السابع من اكتوبر ٢٠٢٣م، غيرت الصورة النمطية للجيش والأمن الصهيونيين، بقدر ما رفعت من مكانة وصورة المقاوم الفلسطيني عاليا، هي كذلك حرب معنى، وحرب صورة، بعد تمكن المقاومين الفلسطينيين، من اعتقال ضباط وجنود ومستوطنين، مع تلكم الأجهزة الاستخبارية الحساسة إلى قطاع غزة، وهو الذي أصابهم جميعا بالرعب والعته والجنون الاستعماري، في تصفية حسابهم بالصواريخ مع المدنيين، وهو ما يفسر وحشية الرد الصهيوني الصاروخي على كل القطاع، والموقف السياسي المتطرف للقيادة الأمريكية، والاوروبية، ضد الفلسطينيين عموما.

 

وهو ما دعا وزير الحرب الصهيوني، إلى وصف الفلسطينيين، بأنهم ” حيوانات بشرية”، بما يعكس ” أيديولوجية التطهير العرقي”, وجعل المستشار الالماني يصف المقاومة بالنازية.. تلكم هي الحكاية!

 

إن ما بعد يوم السابع من اكتوبر 2023م ليس كما قبله، فالمقاومة اليوم تسطر تاريخ جديد، وتقلب صفحة قديمة، رغم كل ما ترونه من مجاوز ومحارق وحرب إبادة جماعية، وعقاب جماعي، يسميها الغرب الاستعماري، بـ”حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه”.

 

والسؤال: متى كان التطهير العرقي، وحروب الإبادة، والعقاب الجماعي، دفاعا عن النفس ؟!

 

إن كل المجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني ليس دليل قوة، بل ضعف وخوار في القوة العسكرية الصهيونية، وفي القيم الغربية،” سقوط لقيم الحضارة الغربية الرأسمالية العسكرية”, ولذلك أعلن بايدن وقوفه ودعمه العسكري المطلق للكيان الصهيوني، وطالب علنا بسحق وإبادة غزة، وضرب المقاومة بكل قوة، وكرر الرؤساء والوزراء الأمريكان والأوروبيون نفس النغمة العدائية ضد المقاومة الفلسطينية.

 

فلأول مرة في تاريخ الدبلوماسية السياسية العالمية يعلن وزير خارجية أمريكا أنه يهودي صهيوني، ويجتمع، مع مجلس وزراء الحرب المصغر باعتباره وزير الدبلوماسية الأمريكية، ويعلن من داخل دولة الكيان دعم بلاده السافر وبلا حدود للكيان الصهيوني.. وبعده مباشرة يصل وزير دفاعه ليقول ذات الخطاب التحريضي والعدائي، ومن أن المقاومة الفلسطينية (حماس)، إرهاب، وسبقهم في هذا الاتجاه رئيسهم بايدن، حتى وصول قائد القوات العسكرية للمنطقة الوسطى للاجتماع وللتنسيق الأمني والعسكري مع قادة الحرب الصهاينة؛ وهذا – كله – تقليد سياسي غير مسبوق في تاريخ العلاقات السياسية والدبلوماسية الدولية، ما يعني مشاركة أمريكية، أوروبية في الحرب.. فماذا بعد استقدام حاملة الطائرات “جيرالد فورد” والأساطيل والبوارج الحربية إلى المنطقة العربية، وعلى مقربة من سواحل الكيان الصهيوني، ومن المنطقة، بل وارسال (2000) الفي جندي أمريكي ليكونوا على أهبة الاستعداد وتحت الجاهزية العسكرية القتالية، لتنفيذ معركة “الحرب البرية”، ليس من تفسير لذلك سوى اصرار غربي استعماري لتصفية القضية الفلسطينية، وليس إفشال واسقاط مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن لإيقاف الحرب، وايصال المساعدات الانسانية، للمرضى والجرحى، سوى عنواناً لذلك التوجه العدواني لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية في صورة الفصائل العسكرية المقاومة!!

 

كل هذا التدخل الأمريكي والأوروبي السياسي والعسكري والإعلامي واللوجستي يحصل، ومع ذلك يحذرون من تدخل أي من الأطراف المقاومة المحتلة أراضيهم من قبل الكيان الصهيوني، (لبنان / سوريا) من التدخل، لأن ذلك في نظرهم عدوان على الكيان الصهيوني، إلى هذا الدرجة من الصلف والوقاحة وصل الأمر بالاستعمار الغربي في موقفه من القضية الفلسطينية.

 

إن ما يحصل ليس حرباً صهيونية، بل هو حرب إبادة استعمارية، هو حرب تطهير عرقي “أبارتهيد”، للقضية الفلسطينية، وهذا ما تعلنه صراحة الإدارة الأمريكية على لسان رئيسها ووزير خارجيتها ووزير دفاعها المتواجدين في الأرض الفلسطينية المحتلة من كغطاء سياسي ودبلوماسي، لاستمرار العدوان ولممارسة اقسى واقصى أشكال القوة والعدوان، ضد شعب شبه اعزل، حتى لم يبق مكان في غزة وفي كل فلسطين آمن.

 

إن ما يحصل هو “هلوكوست”، بل ونكبة ثانية للقضية الفلسطينية، لاستكمال تنفيذ قيام “الدولة اليهودية/ قومية الدولة “، كدولة فصل عنصري “أبارتهيد”.

 

إن الهدايا العسكرية من امريكا والغرب الاستعماري بالسلاح للكيان الصهيوني معلنة ضد شعب يحاول أن يقاوم بوسائل عسكرية بسيطة، ويتعرض للحصار منذ أكثر من سبعة عشرة سنة، – بل منذ النكبة – شعب شبه أعزل من السلاح، إلا من سلاح الإرادة، شعب يقطع عنه الكهرباء والمال والغذاء والدواء والوقود، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية وللمواثيق والاتفاقات الدولية، بما فيها “اتفاقية جنيف الرابعة”، ومواثيق حقوق الإنسان، بما فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها من القوة المحتلة.

 

العالم الأممي الديمقراطي والحضاري يصرخ رافضا كل ما يجري، من الأمين العام للأمم المتحدة، إلى منظمة الصحة العالمية، إلى منظمات حقوق الإنسان، إلى هيئات الإغاثة الدولية، إلى مفوضية حقوق الإنسان، ألى بعض وزراء خارجية من أروبا …إلخ، ولا أحد يستجيب للنداءات الأممية برفع الحصار ووقف الحرب، والضرورة الإنسانية لإيصال المساعدات الغذائية والإنسانية، بل ويتم تدمير الممرات، والمعابر، وضرب سيارات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني، وحصار وقتل أعضاء المنظمات الدولية، بمن فيهم قتل الصحفيين، أكثر من أحد عشر صحفيا، حتى الآن، وصولاً إلى ضرب المستشفيات الآمنة بالصواريخ الموجهة وقتل أكثر من خمسمائة شهيد بضربة صاروخية واحدة، وجرح أكثر من هذا العدد، في المستشفى الأهلي المعمداني، وجميع من في المستشفى هم من المدنيين النازحين، والجرحى، وبعد رفض الإدارة الطبية للمستشفى إخراجهم القهري من المشفى، تم ضربه بعدها بالصواريخ، بعد أن أصبحت التقارير الدولية تتحدث من أن ليس هناك من مكان آمن في غزة، حتى النازحين الهاربين من القصف الصهيوني تلاحقهم صواريخ الموت إلى حيث يتواجدون، فبعد قصف المستشفى المعمداني، يتم التهديد بقصف ما تبقى من المستشفيات.. رغم الاحتجاجات هي حرب أبادة جماعية، وتطهير عرقي، وتهجير قسري، هي محاولة استعمارية غربية لتصفية القضية الفلسطينية، التي بدء بها بـ”التطبيع الابراهيمي” وتستكمل اليوم حلقاتها بمسح غزة من الخارطة الجغرافية، بعد أن قتل الكيان الصهيوني أكثر من (٨٠) اسرة بكاملها، حتى لم تجد هذه الأسر الموتى من يشرف على دفنهم في قبورهم، وتدمير أكثر من ثمانين حي سكنيا حتى الآن.

 

هذه باختصار هي حكاية المقاومة الفلسطينية، وحكاية “التطبيع الايراهيمي”، الذي يأتي كحلقة سياسية، أمنية، من حلقات محاولات تصفية القضية الفلسطينية، في صورة ما يجري اليوم في أرض فلسطين/ غزة المحتلة.

 

 

من صفحة الكاتب على فيسبوك

ضع اعلانك هنا