غزة الأبية
لم يفُتني فيلم السادس والسابع منْ أُكتوبر، فقد شاهدته بعناية. أعرفُ ولا متأكدٌ بأنني سأموت قبل النصر الحقيقي؛ لذا كُنت مُهتمًا لكُلّ ما حصل خلال اليومين. كان العدو يتوّهمُ بأنَ أبطال غزّة ليس بمقدورهم فعل أيّ شيء؛ حتى صبحوهم بالزقوم والّلهب. قُذفّ الرعب في قلوبهم، ولم يستطيعوا فعل أيّ شيء سوى ارتكاب المجازر بحقِ المدنيين في كثير من الأحياء. شهد مُخيّم بيجاليا ذروة قذارة العدو، وقذارة صمت حُكام العرب على هذهِ المجزرة المروّعة.
يقول العربي: “الحياة مُستمرة”، ولا يخجل! لا يعلم بأن هناك أطفال في غزة عاشوا لدقائق، وأنَّ أمًا استشهدت وطفلٌ في بطنها، وأنَّ “هبة” دافعت عن القضيّة، وكانت تكتب في حائطها الأزرق قبل استشهادها بلحظات، وأنَّ وائل الدحدوح أصبح يتكلم ويبدو على صوته غصة، أظنها لن تنتهي. هذا جُزء صغير جدًا من الفيلم؛ فكيف تأتي وتقول: الحياة مُستمرة! عن أيّ حياة تتحدث، بعد كُلّ هذا؟
لو سمع يهوديٌ صوت وائل الدحدوح بعد استشهاد أُسرته؛ لقال أننّا على حق، ولو قرأ يهوديٌ ما تكتبه هبة أبو ندى؛ لقال أننّا على حق، فكيف لو عرف بأنها اُستشهدتْ! ولو كان اكتوبر فيلم رعب، لما شاهدته ومضيت عليه لكنه قصة واقعية. رحم الله من مات، رحم الله من نجا. الناجون أيضًا شهداء.
أيمن سعيد