ضع اعلانك هنا

حقائق عن الإستقلال الوطني ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م ودولته الفتية

حقائق عن الإستقلال الوطني ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م ودولته الفتية (*)

———————————-

وفاء لذكرى الإستقلال الوطني 30 من نوفمبر سجلت لكم هذه الحقائق الغائبة عن أذهان هذا الجيل..

 

بعد ٥٤ عاما من استقلال جنوب الوطن و٣١ عاما من تحقيق الوحدة اليمنية، لايزال هناك من يتكلم عن دور الجبهة القومية ويتسائل عما حققته أثناء فترة حكمها ، ومن بعدها الحزب الاشتراكي اليمني .

 

وكي لايتفرد الجاحدون في الظروف الراهنة بوعي الجيل الناشئ أو عقول الناس الذين لم تتوفر لهم فرصة لمعرفة الحقيقة ، بعدما تعرضت له الوحدة من تقويض ثم تشويه سياسي وإعلامي ،

وبعد أن استيقظت كافة النزاعات غير الوطنية وغير العاقلة محاولة أن تطغي على كل شيء في الواقع والعقل والوجدان ، نجد لزاما علينا إشهار الحقائق التالية :

 

اولاً . لقد استلمت الجبهة القومية عام 67 من البريطانيين خزينة دولة خاوية لا تكفي لتسديد مرتبات الموظفين في المستعمرة والمحميات ، وسلمتها لدولة الوحدة بإحتياط نقدي استطاع إيقاف انهيار سعر الريال اليمني في السنوات الأولى من الوحدة

 

ثانيا . خرجت القوة البريطانية من جنوب الوطن في 30 نوفمبر 67 ولم تكن الطرقات المسفلتة في مساحة دولة مترامية الإطراف تزيد عن ١٠ كيلومترات ، كانت تربط عدن بمنطقة دار سعد ،

وعندما تحققت الوحدة في 22 مايو 90 كانت أطوال شبكة الطرقات المسفلتة في الجنوب تزيد عن أطوال شبكة الطرقات المسفلتة في الشمال ، رغم أن الشمال كان يتلقى المساعدات والقروض من الشرق والغرب ، وإمدته حقبة البترودولار والحقبة النفطية بأموال وهبات لا حصر لها .

 

ثالثا- قامت حكومة الجبهة القومية بمهمة توحيد الجنوب في إطار دولة واحدة من ٢٢ سلطنة وإمارة ومشيخة ، وبعد توحيدها أقامت الجبهة القومية دولة وطنية حقيقية لأول مرة في تأريخ اليمن .

 

رابعا – قامت الجبهة القومية ومن بعدها الحزب الإشتراكي اليمني بايصال التعليم إلى كل مكان في جنوب الوطن ، وانشأت المدارس في كافة القرى والأصقاع التي استوعبت كافة الأطفال في سن الدراسة ، وإلى جانبها أطفال ما كان يسمى بمناطق الأطراف من الشطر الشمالي للوطن ، علاوة على أنها شكلت التجربة الوحيدة في الوطن العربي لنجاح جهود وخطط محو الأمية وتعليم الكبار .

 

خامسا – نجحت دولة الاستقلال الوطني بقيادة الجبهة القومية في إيجاد الإخاء بين المواطنين ، وإنهاء الثارات القبلية ، ولأول مرة في تأريخ اليمن أرست العلاقة بين الدولة والمواطنين على قاعدة من الدستور والقوانين ، ووضعت اسسا حقيقية للنظام والمواطنة المتساوية

 

سادسا – حافظت دولة الجبهة القومية ومن بعدها الحزب الإشتراكي اليمني على السيادة الوطنية لجنوب الوطن ، وسلمت لدولة اليمن الموحدة في ١٩٩٠م كامل أراضي الجنوب لم ينقص منها شبر واحد .

 

سابعا – أمنت هذه الدولة التطبيب المجاني لكافة المواطنين ، ووفرت العمل للجميع كحق دستوري لهم ، وألزمت نفسها به ، وخلال مدة سيادتها حافظت علي مستويات معيشية مستقرة ، حيث قارب متوسط دخل الفرد أكثر من ستمائة دولار أمريكي .

 

كما أمنت الدولة الخدمات المختلفة ، ووفرت أجواء من الأمن والإستقرار والطمأنينة ، وانخفض معدل الجريمة على نحو يندر مثاله .

 

إن تجربة الجبهة القومية والحزب الإشتراكي اليمني جديرة بالتفكير والتأمل ،

فبالرغم من أن التجربة تتفق في عدد من السمات مع التجارب التي شهدتها المنطقة العربية من ناحية الطابع الشمولي والأخذ بنظام الحزب الواحد ، إلا أن ثورة 14 اكتوبر اليمنية كانت التجربة الوحيدة في الوطن العربي التي لم يحكم فيها السلاح كنتيجة للثورة المسلحة ، بل إنها أقامت حكماً مدنياً ووضع المقاتلون المنتصرون أنفسهم تحت سلطة المدنيين الممثلين للمؤسسات الشرعية والدستورية .

 

قد يقال أن تجربة الثورة المسلحة أفضت إلى حكم مدني ولكنه حكم الحزب الواحد . هذا صحيح بحكم الزمان والمكان ، وحينها لم يكن ممكناً الوصول إلى غير هذا ، ولكن قام السلاح بدوره حينها تحت قيادة الفكر ، وعندما انتصر المقاتلون وخضع كل شيء لهم قاموا بتسليم السلطة لغيرهم من المدنيين .

 

كان قادة ثورة 14 أكتوبر المسلحة يهابون رجال شرطة المرور وأعضاء النيابة وحراس مؤسسات الدولة ومدراء المدارس والمديريات .

 

كانو أبطالاً في المعارك المسلحة ، ولكن عندما يتعلق الأمر بتطبيق النظام يطأطؤون رؤوسهم ويستسلمون لأي موظف أعزل يقف أمامهم .

 

بكلمة أخرى : قاتل الثوريون ، ولما استولوا على السلطة سلموها للمدنيين الذين قدمتهم المؤسسات .

 

هذه الأشياء التي تبدو الآن أنها خارقة للعادة قام بها شباب عاديون لم تتوفر لهم سبل التميز .

 

فالشباب الذين حكمو بإسم الجبهة القومية لم يكونوا من أبناء الذوات المرفهين ، ومع أن أغلبهم وصل إلى السلطة والنفوذ عن طريق النضال وتقديم التضحيات إلا أنهم تميزوا بكونهم سياسيين من العيار الثقيل – حسب تعبير المندوب السامي البريطاني – الذي أشار في مباحثات الإستقلال في جنيف عام 67 إلى أنه جلس في الصف المقابل له على الطاولة شباب جاءوا من الفرق الفدائية والمقاتلة ، ولكنهم كانوا سياسيين ومثقفين من العيار الثقيل .

 

هؤلاء الشباب كان لديهم أحلام كبيرة في تحقيق العدل والمساوة والتقدم ، ولم يدخروا طاقة أو جهدا إلا وبذلوهما لتحقيق هذه الأحلام ، لكنهم لم يستطيعوا تحقيق أحلامهم كاملة لأسباب داخلية وخارجية معروفة .

 

ومع ان الكثير قضوا في هذه المعركة إلا أن القضية التي ناضلوا في سبيل تحقيقها تظل هي نفسها قضية الأجيال القادمة ، لا ينال منها الضعف لسبب أنها لم تنتصر ، ولكنها كما كانت أحلام الجيل السابق لاتزل هي نفسها نابضة في الحياة تمثل أحلام هذا الجيل ، كما ان أحلام الجيل الذي سبقه هي أحلامنا كما كانت أحلامهم…

 

إعداد وتنسيق / أمين مرعي

 

(*) المقالة مستوحاة من أحد مقالات الشهيد جار الله عمر في رثاء الفقيد قائد صالح الشنفرى

ضع اعلانك هنا