دور النقابات العمالية في تحقيق الاستقلال الوطني
عيبان محمد السامعي
تعد الحركة النقابية العمالية إحدى أهم روافد الحركة الوطنية اليمنية؛ نظراً للأدوار المتعددة التي لعبتها في صناعة التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تاريخ اليمن المعاصر، بل مثلت في مراحل تاريخية معينة طليعة النضال الوطني ووقوده الحارق في سبيل حرية اليمن ووحدته وتقدمه الاجتماعي، وهي أدوار تنسجم مع طبيعتها الحداثية وموقعها في نظام الانتاج الاجتماعي وحجمها الوازن في الخريطة الاجتماعية والديمغرافية للمجتمع اليمني.
تسلطٌ هذه المادة الضوءَ على دور النقابات والاتحادات العمالية في مجرى النضال الوطني المناهض للاستعمار البريطاني في جنوب الوطن وصولاً إلى تحقيق الاستقلال الناجز، وتغطي الفترة الزمنية الممتدة (1935 – 1967).
إلماحة تاريخية:
يمثّل الموقع الجيوسياسي لمدينة عدن أهمية استراتيجية فريدة، فهي تقع عند نقطة تلاقي البحر الأحمر والبحر العربي. وميناء عدن يعد نقطة اتصال عالمي بين شرق الكرة الأرضية وغربها، وبين شمالها وجنوبها، مما جعلهما (أي المدينة والميناء) محط أطماع الدول الاستعمارية التي تنافست على السيطرة عليهما منذ مطلع القرن السابع عشر الميلادي، حتى تمكنت بريطانيا من احتلال عدن في 19 يناير 1839م.
لقد كانت الدوافع وراء احتلال بريطانيا لعدن ولمينائها تتمثل في الآتي:
1- رغبة بريطانيا في امتلاك محطة تموين لسفنها وجعلها حلقة وصل هامة مع مستعمراتها في جنوب شرقي آسيا وغيرها من المستعمرات في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط.
2- خوف بريطانيا من أن يقع ميناء عدن في يد محمد علي باشا.
3- موقع ميناء عدن الهام وصلاحيته لأنْ يكون مخزناً عاماً للفحم طوال السنة ولأنْ يكون ملتقىً عاماً للسفن المارة عبر طريق البحر الأحمر.
4- إنّ موقع عدن الاستراتيجي قد أهلّها لأنْ تكون قاعدة عسكرية كبيرة تمكّنت بريطانيا بفضلها من الاستفادة من تجارة الخليج العربي والبحر الأحمر والساحل المصري المحاذي والغني بمنتجاته وحماية ذلك.
5- حاجة بريطانيا الاستعمارية الماسة لعدن كقاعدة لمواجهة قوى الامبراطوريات الاستعمارية المنافسة لها.
لقد واجه اليمنيون الاحتلال البريطاني ببسالة منذ أول وهلة، لكن فارق التسليح والإمكانيات والأساليب المخادعة التي استخدمتها بريطانيا قد مكّنتها من فرض سيطرتها على الجنوب اليمني طيلة (128) عاماً خلال الفترة (19 يناير 1839 – 30 نوفمبر 1967م).
انتهج الاحتلال البريطاني أساليب شتى في فرض سيطرته على عدن وعموم الجنوب اليمني وإدامتها؛ إذ لجأ إلى استمالة السلاطين والحكام الاقطاعيين المحليين وذلك بتقديم الاغراءات المالية والمساعدات، وعقد ما سُميّت حينها بـ “معاهدات الولاء والصداقة”، التي تجاوز عددها عشية الحرب العالمية الأولى (18) معاهدة. وقد نصّت هذه المعاهدات على تعهد الحكومة البريطانية بحماية أراضي السلاطين والأمراء المحليين، مقابل تعهدهم لبريطانيا بعدم إقامة أية صلات أو اتفاقيات مع أي دولة أجنبية بدون موافقة الحكومة البريطانية. وبذلك ضمنت بريطانيا تأمين سيطرتها على عدن وحمايتها من أي تهديدات خارجية، وأصبح السلاطين والأمراء المحليين تابعين أذلاء لها، يأتمرون بأمرها.
في العام 1937م تعززت أهمية “مستعمرة عدن” لدى التاج البريطاني، وجرى فصلها عن حكومة بومباي، وأصبحت تابعة مباشرةً لوزارة المستعمرات في لندن. على إثر ذلك استحدثت بريطانيا ما سُميّت بـ “معاهدات الاستشارة”، التي مثلت أسلوباً جديداً في تعزيز سياسة الحماية وتعميق نفوذها. فقد فرضت هذه المعاهدات على السلاطين والأمراء المحليين تعيين مستشارين بريطانيين يرسمون السياسات الداخلية والخارجية للسلطنات والإمارات، ومن أشهر أولئك المستشارين الضابط البريطاني “انجرامس” الذي لعب دوراً كبيراً في توسيع النفوذ البريطاني في المحميات الشرقية.
من المعلوم أن الاستعمار البريطاني عمل على تقسيم الجنوب اليمني إلى محميات شرقية هي: سلطنة القعيطي (في الشحر والمكلا) وسلطنة الكثيري (في سيئون)، وسلطنة الواحدي (في بئر علي) وسلطنة المهرة، وغيرها.
ومحميات غربية وهي: إمارة بيحان، وسلطنة العوالق العليا، وسلطنة العوالق السفلى، وسلطنة العوذلي، وسلطنة الفضلي، واتحاد دثينة، وسلطنة يافع العليا، وسلطنة يافع السفلى، وسلطنة لحج، ومشيخة العقربي، ومشيخة العلوي، ومشيخة الحواشبي، وإمارة الضالع، ومشيخة شعيب، ومشيخة مفلحي، ومشيخة ردفان.
لقد حرص الاستعمار البريطاني على إبقاء هذه المحميات في حالة تخلف شديد وعدم استقرار، وعمل على تعميق التناحر القبلي والمناطقي تجسيداً للمبدأ الشهير “فرّق تسد”. في مقابل ذلك حظيت “مستعمرة عدن” باهتمام خاص نظراً لموقعها الاستراتيجي ومينائها الذي لبّى مصالح بريطانيا الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية، ومع ذلك لم يعمل الاستعمار على إيجاد قاعدة اقتصادية حقيقية في عدن، بل حرص على توظيف الميناء كمنطقة ترانزيت لاستقبال البضائع وتمويل السفن بالبترول والفحم.
لم يقف نهج الاستعمار البريطاني عند هذه الأساليب “الناعمة”، بل استخدم كذلك أساليب “خشنة” لإخضاع القبائل والمناطق التي لم يتمكّن من استمالتها، حيث استند إلى “سلاح الجو الملكي” (R.F.A) و”قوات محمية عدن” المسمّاة (اللّيوي LEVIES) وأجهزة المخابرات لإحكّام سيطرته وقمع أي مقاومات محلية.
رغم هذه الأساليب الاستعمارية وتنوّعها، لم تلِن لليمنيين قناة ولم تهِن لهم عزيمة عن منازلة الاستعمار البريطاني، التي بدأت على هيئة مقاومات قبلية وانتفاضات عفوية، أخذت تتطور مع مرور الزمن حتى اكتسبت طابعاً وطنياً وتنظيماً حديثاً بظهور النقابات العمالية والأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية مطلع النصف الثاني من القرن العشرين.
العوامل السوسيولوجية لنشوء الحركة العمالية وتطورها:
بدأت الحركة العمالية الحديثة بالنمو وبشكل ملحوظ منتصف ثلاثينيات القرن العشرين في الشطر الجنوبي من الوطن، وبالتحديد في مدينة عدن.
وقد ساهمت عدة عوامل في هذا التشكُّل، أبرزها:
1- انتشار العلاقات الرأسمالية والعلاقات السلعية ــ النقدية بفعل تدفُّق السلع الأجنبية إلى عدن.
2- قيام المستعمر البريطاني بإنشاء شركات احتكارية، أبرزها: شركة البترول البريطانية “موبيل” (B.P)، وشركة “لوك توماس” وشركة “كوري براذرز”، وشركة “البس”، وشركة “شل”، وشركة “كالتكس”، وغيرها.
بالإضافة إلى تطوير ميناء عدن لأغراض خاصة به، فمن خلاله سيطرت الشركات البريطانية الاحتكارية على التجارة الداخلية والخارجية، وكل هذا خلق فرص عمل استقطبت العديد من العمال سواء العدنيين أو العمال الوافدين من خارج عدن.
3- قيام المستعمر البريطاني بإنشاء مصفاة البترول في عدن عام 1952م لحاجته إلى وجود مورد بديل بعد قيام حكومة محمد مصدق بتأميم شركات البترول في إيران التي كانت تسيطر عليها بريطانيا في مارس 1951م.
4- نشوء مزارع إقطاعية كبيرة، مثل: مزارع القطن في أبين ولحج، التي أرسى أساسها الانجليز، وقد أعطت دفعة لتطور العلاقات البضاعية ــ النقدية في الزراعة.
5- تدهور الزراعة ومردودها، وتقلّص فرص العمل في الريف، وتنامي عدد السكان، كل ذلك دفع بالعديد من أبناء الريف لشدّ الرحال إلى مدينة عدن للبحث عن فرص عمل فيها. فقد مثلت عدن ــ آنئذٍ ــ أول مركز تجاري وصناعي على مستوى اليمن.
6- قيام الإدارة الاستعمارية بتأسيس مكتب العمل (Labor Office ) عام 1938م، وذلك بعد أن ازداد تجمّع العمال في مرافق وأماكن العمل المختلفة كالميناء والمملاح والبناء والتجارة وشركات التصدير والاستيراد الأجنبية وشحن وتفريغ البواخر؛ إذ كان على “إدارة مكتب العمل” القيام بدور الوسيط لتسهيل مهمة طلبات أصحاب الأعمال من الشركات والدوائر الحكومية والمقاولين وغيرهم.
7- نشوء التنظيمات والأحزاب السياسية والصحافة العدنية والأندية الثقافية، التي لعبت دوراً هاماً في نشوء وتطور النقابات العمالية، وأبرز تلك التنظيمات: رابطة أبناء الجنوب العربي والجبهة الوطنية المتحدة والاتحاد الشعبي الديمقراطي.
تطور نضالات الحركة العمالية في مواجهة الاستعمار وسياساته:
يمكن التمييز بين ثلاث مراحل تطورية مرت بها الحركة العمالية في نضالها الوطني والاجتماعي ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: مرحلة البدايات الأولى (1935 – 1950):
بدأت الحركة العمالية تتحسس طريقها من خلال أشكال أولية على نحو “جمعيات ونوادي عمالية”، اتخذ بعضها طابعاً مناطقياً، ومن أبرزها:
1- جمعية النجارين التي تأسست عام 1935م، وكانت أول جمعية عمالية، وضمّت العمال المشتغلين بأعمال النجارة ونشر الأخشاب. وقامت الجمعية بتقديم مساعدات لأعضائها في حال حدوث مرض أو إصابة عمل أو وفاة، ثم تحوّل اسمها إلى “جمعية النجارين العدنيين” عام 1947م بفعل تأثير عناصر من “الجمعية العدنية”.
2- جمعية الصلاوية، وهي ثاني جمعية عمالية، تأسست عام 1939م، وضمّت عمالاً يمنيين من أبناء منطقة الصلو، كانوا يعملون في المرفأ لنقل وتنزيل البضائع.
3- جمعية عمال الفحم، وتأسست 1940م، وضمّت عمالاً يمنيين يعملون في شحن وتفريغ بواخر الفحم في ميناء التواهي وحجيف.
4- جمعية المملاح، تأسست مطلع الأربعينات، وضمت في صفوفها العمال المشتغلين بالملح وشحنه للبواخر، وقد تحولت إلى “نقابة عمال الملح” عام 1950م.
5- جمعية “عمال شركة الانجلو ايرانيين” وتأسست عام 1943م، وضمت عمال يعملون في شركة بريطانية ــ ايرانية للزيت. كما شهد العام ذاته ــ أيضاً ــ تأسيس جمعية عمال شركة كوري براذرز، وجمعية عمال قهوجي “شركة فارسية”.
وإزاء تنامي عدد الجمعيات والنوادي العمالية، قامت الإدارة الاستعمارية بسنّ “قانون النقابات” عام 1942م كعملية استباقية من طرفها لتقييد حركة العمال، مثل الاشتراط بعدم الشروع بأي إضراب إلا بعد إشعار صاحب العمل والتعريف بالجمعية أو النقابة التي ستنفذ الإضراب والقائمين عليها.
ولكن ذلك لم يُثنِ العمال عن تنفيذ الإضرابات، فقد شهد عقد الأربعينات سلسلة من الاضرابات والانتفاضات العمالية التي كانت دوافعها ــ في الغالب ــ مطلبية كالمطالبة بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور.
وفي تطور لافت للنضال العمالي ضد السياسات البريطانية، خاض عمال ميناء عدن عام 1948م معركة شرسة ضد الاستعمار البريطاني احتجاجاً على تقسيم فلسطين ودور بريطانيا الداعم لقيام دولة إسرائيل. وقد واجهت السلطات الاستعمارية هذه الانتفاضة العمالية بعنف وحشي، وقامت بطرد الكثير من العمال إلى الشطر الشمالي “المملكة المتوكلية حينها” وإلى ما عُرف بـ”المحميات الشرقية والغربية”. وكان لهذا الحدث أثره الحاسم في تبلور وعي عند العمال بضرورة تنظيم أنفسهم في إطار نقابات عمالية منظمة وقوية.
ثانياً: مرحلة الارتقاء والنضوج (1951 – 1962):
في مستهل خمسينات القرن العشرين، بدأت الحركة العمالية اليمنية في التعبير عن نفسها بين ثلاثة تيارات سياسية، هي:
تيار الرجعية، ومثلّته الجمعية العدنية، تأسس نهاية العام 1948م بقيادة: حسن علي بيومي، وأحمد محمد خليل، وعلي محمد لقمان، وأحمد محمد العلوي، وعبده حسين الأهدل، ومحمد علي الأسودي.
وعبّر هذا التيار عن مصالح البرجوازية التجارية العدنية التي ارتبطت بالمستعمر. وعُرف بالنزعة الانفصالية الضيقة التي نادت بالحكم الذاتي لأبناء عدن. واتخذ مواقف عدائية تجاه العمال المهاجرين القادمين سواء من المناطق الجنوبية أم من الشطر الشمالي.
تيار تبنى الدعوة لوحدة الجنوب العربي، ومثلته رابطة أبناء الجنوب العربي، تأسس عام 1951م، بقيادة: محمد علي الجفري، وشيخان عبدالله الحبيشي، وعبدالله علي الجفري.
وقد مثلت الرابطة أولى المنظمات السياسية في جنوب اليمن، ورفعت في بادئ الأمر شعارات وحدوية الجنوب وشعارات قومية وشعارات وطنية ضد الاستعمار.
وانخرط في صفوفها خليط من السياسيين من ذوي التوجهات السياسية والمنابت الطبقية المختلفة. فقد ضمت في صفوفها من أبناء الأسر السلاطينية والعائلات الغنية إلى جانب القوميين والماركسيين. وبسبب هذا الخليط غير المتجانس، شهدت الرابطة انشقاقات في صفوفها، لاسيما عام 1955م، بعد أن شاركت قيادة الرابطة في انتخابات المجلس التشريعي الشكلية التي أشرفت عليها السلطات الاستعمارية في “مستعمرة عدن”.
تيار ثوري بدأ يهتم بالمصالح الطبقية للعمال وأكد على وحدة اليمن الطبيعي ــ جنوباً وشمالاً ــ بقيادة بعض العناصر اليسارية في الجبهة الوطنية المتحدة، أبرزهم عبدالله عبدالرزاق باذيب ومحمد عبده نعمان الحكيمي وعبدالله الأصنج وعبدالله عبدالمجيد السلفي.
وشهدت بداية هذه المرحلة توالي نشوء النقابات العمالية، فقد شهد العام 1951م نشوء نقابة “رابطة عمال الصناعات المتنوعة”، وفي 1952م تأسس “اتحاد عمال وموظفي شركة عدن للطيران”. وخلال العام نفسه والعام الذي تلاه تأسست نقابة عمال شركة “البس” ونقابة عمال شركة “لوك تامس” ونقابة عمال شركة “كوري براذرز” وغيرها. وقد وصل عدد النقابات والاتحادات العمالية حتى العام 1955م إلى (12) نقابة واتحاد عمالي.
كما تنامى الحراك النقابي بصورة مطردة، ففي العام 1955م نفذّت النقابات حملة مقاطعة انتخابات مجلس عدن التشريعي، التي رأت أنها انتخابات شكلية وتلبي مصالح السلطات الاستعمارية، وقد انضمت لحملة المقاطعة تلك كل الهيئات والمنظمات الوطنية عدا حزبي “الجمعية العدنية” و”رابطة أبناء الجنوب”.
لقد “كانت هذه المقاطعة بمثابة تظاهرة هامة كشفت عن قوة الحركة العمالية وأهميتها. كما مثلّت أول موقف سياسي للنقابات ليس فقط ضد الاستعمار، وإنما أيضاً ضد الأحزاب السياسية التي شاركت في هذه الانتخابات المزيفة”.
لقد كان من نتائج مشاركة الرابطة في هذه الانتخابات أن حدث انشقاق بعض الوطنيين والنقابيين منها، وقيامهم بتأسيس كيان سياسي جديد هو “الجبهة الوطنية المتحدة” بزعامة: محمد عبده نعمان الحكيمي رئيس نقابة المعلمين، وعبدالله الأصنج رئيس نقابة شركة طيران عدن، ومحمد سالم علي رئيس نقابة عمال المواصلات، وعبدالقادر الفروي رئيس نقابة شركة “لوك توماس”، وعبده خليل سليمان رئيس نقابة عمال الميناء، وعبدالله عبدالرزاق باذيب سياسي وصحفي ذو التأثير الواسع.
وبدأت الحركة العمالية والنقابية وعموم فصائل الحركة الوطنية تتبين بوضوح أنه بدون وحدة النضال ضد الحكم الإمامي في شمال البلاد والاستعمار في جنوبها لا يمكن أن يحقق الشعب اليمني أهدافه الوطنية والاجتماعية.
إن إعلان الجبهة المتحدة عبّر أساساً عن وجود جناح يساري في الحركة الوطنية في ذلك الوقت، وخاصة عام 1955م، وعن تطلعات العمال وصغار الموظفين والطلبة في الحرية والوحدة الوطنية.
لقد أدرك الاستعمار البريطاني خطورة هذا النهج الجديد الذي أرسته الجبهة الوطنية المتحدة، فعمل على نفي قادتها، وكان أبرز من تم نفيه محمد عبده نعمان الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة ورئيس نقابة المعلمين.
استمرت عملية نفي القيادات النقابية والسياسية، وكذلك العمال، فحتى بداية عام 1956م وصل عدد العمال المنفيين من عدن حوالي (700) عامل. لقد سبّب هذا النفي أزمة في الكوادر المجرّبة والواعية في قيادة النقابات، الأمر الذي اضطر بالجبهة الوطنية المتحدة والنقابات إلى التفكير الجدي في إنشاء اتحاد يضم كل النقابات في عدن.
تشكيل مؤتمر عدن للنقابات:
يعد تأسس مؤتمر عدن للنقابات في 3 مارس 1956م أهم حدث ميّز هذه المرحلة، فقد مثّل المؤتمر إطار نقابي توحيدي لجميع النقابات التي بلغ عددها في ذلك الوقت (25) نقابة، وهي:
نقابة العمال والفنيين.
نقابة عمال “شركة أنجلو ــ إيرانيين”.
نقابة الموظفين المدنيين للقوات المسلحة.
نقابة عمال المصافي.
نقابة عمال شل.
نقابة عمال كالتكس.
نقابة عمال موبيل أويل.
نقابة عمال ميناء عدن.
نقابة عمال لوك توماس.
نقابة عمال الملح.
نقابة عمال محطات البترول.
نقابة عمال البنوك.
نقابة عمال المعلمين.
نقابة عمال البينو.
نقابة عمال البرق واللاسلكي.
نقابة عمال البريد والتلفون.
نقابة عمال خطوط عدن الجوية.
نقابة عمال محلج القطن.
نقابة عمال البلدية.
نقابة عمال الحكومة والحكومات المحلية.
نقابة عمال الباصات.
نقابة عمال القوات المسلحة.
نقابة عمال سائقي التاكسي.
نقابة عمال المطابع.
نقابة جمعية الموظفين العدنية.
وتشكلت قيادة المؤتمر من: زين صادق الأهدل رئيساً، وعبدالله عبدالمجيد الأصنج أميناً عاماً، وعضوية: علي حسين القاضي، وعلي عثمان جرجره، وعبده خليل سليمان، ومحمد سعيد مسواط، ومحمد سالم علي، وعبدالله علي عبيد، وعبدالقادر فروي، ومحمد أحمد الزليخي، وغيرهم.
وقد تضمّن النظام الأساسي للمؤتمر شعارات تقدمية، ودخلت فيه عناصر قيادية تقدمية كان لها اسهام كبير في تنظيم الحركة العمالية.
ما من شك، أن واقع الاستغلال الذي مارسته الشركات الاحتكارية وواقع القهر الذي مارسه الاحتلال البريطاني وصعود القومية العربية وأصداء ثورة 23 يوليو 1952 المصرية، قد وفرت الأرضية الملائمة لنشوء النقابات وانتظامها في كيان نقابي موحد.
إن هذه الخطوة قد شكّلت أهمية كبيرة على صعيد الحركة العمالية والحياة السياسية في البلاد، فقد أصبحت الحركة العمالية قوة اجتماعية وسياسية مؤثرة في المشهد الوطني، واكتسبت نضجاً وتمرساً في النضال. فقد تعدد أساليب نضالها بين الاضرابات والمظاهرات والانتفاضات، كما انخرطت بفاعلية في النضال الوطني الساعي إلى تحرير الشطر الجنوبي من سيطرة الاستعمار البريطاني وتخليص الشطر الشمالي من قبضة الحكم الإمامي الكهنوتي والتطلع إلى تحقيق الوحدة اليمنية.
ومع ذلك، لم يكن وضع مؤتمر عدن للنقابات منذ تأسيسه مستقراً، فقد بدأت الانقسامات والصراعات تتكشّف بين اتجاهين أساسيين:
الاتجاه الأول: الاتجاه التريديونيوني “الإصلاحي/ الاقتصادوي” بقيادة عبدالله الأصنج الذي أراد حصر نشاط المؤتمر والنقابات في الجانب المطلبي الاقتصادوي فقط وعزله عن النشاط السياسي والنضال الوطني العام تحت دعاوى زائفة.
الاتجاه الثاني: الاتجاه الثوري “اليساري”، الذي أكد على ارتباط وتواشج مسار النضال النقابي المطلبي بمسار النضال الوطني العام، فالقهر والاستغلال الذي يطال سواء العمال أم المواطنين اليمنيين ينبثق من منبع واحد وهو الاستعمار البريطاني وشركاته الاحتكارية وحلفائه من السلاطين والقوى الاقطاعية. وعليه أدركت القيادات النقابية الثورية أنه لا يمكن تحقيق خلاص جزئي للحركة العمالية إلا في إطار وحدة النضال الوطني وتحقيق الخلاص العام لليمن من الاستعمار وأعوانه في الجنوب ومن النظام الإمامي في الشمال.
يشير أ.عمر الجاوي في كتابه “الصحافة النقابية في عدن (1957 – 1967م)”، إلى أن محاولات الأصنج وجماعته لصرف النقابات عن الانخراط في النضال الوطني العام قد جاء بتأثير من حزب العمال البريطاني الذي وضع ضمن أهدافه توجيه النقابات في المستعمرات على أساس “النقابية” المحددة سلفاً بالمطالب الاقتصادية والابتعاد عن السياسة. فلقد زار عدن الكثير من النقابيين الانجليز بحجة المساعدة في تنظيم النقابات. ونتيجة لنشاطهم حدثت بعض التغييرات في تركيب قيادة مؤتمر عدن للنقابات وفي الدستور “النظام الأساسي”. فقد تمكن الخبراء المرسلون من النقابات البريطانية اقناع قيادة مؤتمر عدن للنقابات بتطرف الدستور الأول “ويساريته” التي لا يمكن أن تساعد على إيجاد لغة مشتركة بين النقابات والشركات الاحتكارية في عدن.
وكان من ثمار هذه المساعي أن تم تغيير الدستور الأول للمؤتمر، وإصدار دستور جديد لم ينص لا من قريب ولا من بعيد على نضال العمال من أجل تحقيق أهدافهم السياسية والطبقية المشروعة.
كما تم تغيير الشعار من “الخبز، الحرية، السلام” ورفع شعار قومي: “وحدة، حرية، اشتراكية” وتغيير الاسم من “مؤتمر عدن للنقابات” إلى المؤتمر العمالي عام 1958م.
يضيف الجاوي قائلاً: يفسر هذا التقبُّل السريع لمثل هذه السياسة “الغربية” المنشأ الانحياز الطبقي والفئوي للقادة في المؤتمر العمالي، الذين لم ينتموا حقيقةً إلى العمال. فعلى سبيل المثال: كان رئيس مؤتمر عدن للنقابات العيدروس واحد من أكبر التجار الوسطاء في عدن، والأمين العام للمؤتمر عبدالله الأصنج مديراً لفرع شركة الطيران البريطانية (BOAC)، ولقد ساعدته السلطات والشركة في القفز على رأس مؤتمر عدن للنقابات.
إن هذا التغيّر لم يحُل دون تطور نشاط الحركة العمالية وتناميه. فقد شهدت الأعوام (1958 – 1960) حركة احتجاج عمالي نشطة للغاية، إذ نُفذّت خلال الفترة المذكورة حوالي (130) إضراباً عمالياً ضد السياسات الاستعمارية والاجراءات التعسفية بحق العمال، التي منها قيام السلطة الاستعمارية بمنع دخول اليمنيين والعرب إلى عدن بهدف البحث عن فرص عمل ومنحها هذا الحق لغيرهم من الأجانب ومواطني دول الكمنولث. وكذلك قيامها بإصدار قانون “تنظيم العلاقات الانتاجية” في أغسطس 1960م، وقد تضمّن القانون تحريم الإضرابات، وإنشاء محكمة عمالية تقوم بحل الخلافات والمنازعات التي تحدث بين العمال وأرباب الأعمال. وقد مثّل هذا القانون سوطاً على رقاب العمال، وتسبّب بتداعيات كبيرة تمثلّت في حالة سخط عام وشمول الإضرابات العمالية مختلف القطاعات.
لقد كان موقف قيادة المؤتمر العمالي موارباً إزاء ذلك، فقد حاولت تقديم تنازلات للسلطات ودعت العمال للكف عن الاضرابات تحت ذريعة “الحفاظ على وحدة الحركة النقابية”، وفي الوقت نفسه لم تعترف بالقانون المعادي للعمال. غير أن القيادات النقابية الثورية واصلت تنظيم الاضرابات، بينما ظلّت القيادة الاصلاحية تصوّب جهودها نحو عقد اتفاقات بين النقابات وأرباب العمل من شأنها تخلّي العمال عن الاضرابات.
تواصلت إذن الإضرابات العمالية، بل اتسع نطاقها لتتخذ طابعاً جماهيرياً أكثر تنظيماً وعمقاً، رغم وجود قانون بمنع الإضراب ورغم الموقف المتخاذل للقيادة الإصلاحية في المؤتمر العمالي. وكان من أبرز تلك الإضرابات: إضراب نقابة العمال والفنيين 1961م، وإضراب المزارعين في لحج وأبين والعواذل 1961م ضد سيطرة الانجليز على السوق المركزية لبيع الخضار والفواكه، وإضراب عمال المصافي في يناير 1962م، والانتفاضة الطلابية في فبراير 1962م ضد السياسة التعليمية الاستعمارية، وإضراب عمال القاعدة العسكرية في 11 ابريل 1962م. كما شاركت النقابات العمالية بفعالية في تنظيم المظاهرات الجماهيرية التي اندلعت في 24 سبتمبر 1962م ضد انضمام عدن إلى اتحاد الجنوب العربي، أي قبيل اندلاع ثورة 26 سبتمبر في الشطر الشمالي بيومين فقط، تلك الثورة أطاحت بنظام الإمامة وأعلنت عن قيام الجمهورية العربية اليمنية، وقد كان لهذا الحدث التاريخي أثره الكبير في تنامي نشاط الحركة الوطنية في الشطر الجنوبي كماً ونوعاً وتعزيز وحدة النضال الوطني.
فقد أخذت الحركة العمالية ومعها فصائل الحركة الوطنية الأخرى في عدن وعموم المناطق الجنوبية على عاتقها دعم الثورة ونظامها الجمهوري الوليد، إيماناً منها بوحدة النضال الوطني والمصير المشترك. وسارعت إلى تفويج الآلاف من العمال والفلاحين والشباب والطلبة المتطوعين إلى شمال الوطن للذود عن الثورة ضد هجمات فلول القوى الإمامية المدعومة من المملكة العربية السعودية والسلطات الاستعمارية البريطانية ودول أخرى.
في هذا المضمار لعبت المنظمة الشبابية للاتحاد الشعبي الديمقراطي بقيادة النقابي عبدالله عبدالمجيد السلفي دوراً ريادياً إلى جانب المكونات الأخرى، ابرزها: قبائل ردفان بقيادة الشيخ غالب بن لبوزة الذي اشترك في القتال في صفوف القوى الجمهورية، ثم إثر عودته إلى الجنوب أسهم في تفجير ثورة 14 أكتوبر 1963م التي أعلنت بدء سريان الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني.
ثالثاً: مرحلة الحسم والانتصار (1963 – 1967):
جاءت الأحداث والتطورات التي شهدها الشطر الجنوبي من الوطن منذ بداية عام 1963م لتزيد من حدة الاستقطاب في أوساط الحركة النقابية وتضع المؤتمر العمالي على مفترق طرق، ويمكن تبيان ذلك من خلال موقفين هامّين:
الموقف الأول: انطلاق شرارة ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان، وبدء سريان الكفاح المسلح بقيادة الجبهة القومية ضد الاستعمار البريطاني، وقد أعلنت القيادات النقابية الثورية عن مساندتها لهذا الخيار، فيما وقفت قيادة المؤتمر العمالي (تيار عبدالله الأصنج) على النقيض من ذلك؛ ووضعت رهانها على خيار المفاوضات مع الاستعمار.
ولمّا كشفت الأيام خطأ موقف قيادة المؤتمر العمالي، والتفاف الجماهير حول الجبهة القومية وخيار الكفاح المسلح، حاولت قيادة المؤتمر العمالي أن تتدارك الأمر. ففي منتصف عام 1965م، أعلن عبدالله الأصنج وجماعته عن تشكيل “منظمة تحرير الجنوب المحتل”، وقد ضمّت هذه الجبهة قادة رابطة أبناء الجنوب العربي وعدد من السلاطين والمشائخ، وكان الهدف من وراء تشكيل هذه الجبهة هو مواجهة “الجبهة القومية” التي بدأت تكتسح الساحة الوطنية، لكن أتت الرياح بخلاف ما اشتهته سفن الأصنج وجماعته، وارتدّ الأمر عليها.
“لقد وضع هذا الحدث النهاية المؤسفة لقادة المؤتمر العمالي كونهم اشتركوا مع الرابطة التي تعتبر أكثر المنظمات رجعية في المنطقة، وانتهى معهم تاريخ من الخداع السياسي للعمال من قبل القادة” وفقاً لتوصيف عمر الجاوي.
الموقف الثاني: في مايو 1965م نفذ أول عمل تضامني عمالي نظمته العناصر الثورية في النقابة العامة لعمال البترول تضامناً مع عمال المصافي الذين تعرضوا للطرد من قبل إدارة الشركة، وكان عددهم (200) عامل، حيث امتنع العمال عن العمل مما تسبّب بشل الحركة في عموم البلاد، فقد تعطلّت المطارات والموانئ ووسائل النقل البرية في عدن وفي “المحميات الشرقية والغربية”، وبذلك استطاعت النقابة من خلال هذه الخطوة أن تُرغم إدارة شركة المصافي على إعادة العمال المطرودين ودفع رواتبهم كاملة.
اتخذت قيادة المؤتمر العمالي موقفاً سلبياً حيال هذه القضية وتخلّت عن العمال، وكشفت هذه الخطوة عن حاجة العمال لقيادة نقابية ثورية تتبنى قضايا العمال وتقف إلى صفهم، قيادة بديلة عن القيادة المتربعة على رأس المؤتمر العمالي.
كما أكدت هذه الخطوة على قيمة الوحدة النقابية والتضامن العمالي، فوعي العمال وتضامنهم ووحدتهم كفيل بإرغام الرأسمال المستغل للانصياع لشروطهم وتحقيق مطالبهم.
لقد كان من نتائج ذلك أن تغيّر التركيب الداخلي للمؤتمر العمالي، فمن التسعة الاتحادات التي تشكّل قوام المؤتمر، انسحب ستة وسموا أنفسهم بالنقابات الست وهي:
النقابة العامة لعمال البترول.
نقابة عمال وموظفي البنوك المحليين.
نقابة عمال وموظفي الميناء.
النقابة العامة للمعلمين.
نقابة عمال وموظفي اتحاد الطيران المدني.
نقابة عمال وموظفي البناء والانشاء والتعمير.
تكشف التجربة النضالية للنقابات الست عن دروس هامة في النضال الوطني وأساليب العمل بين الجماهير.
لقد حققت هذه النقابات الست انتصارات متتالية على القيادة الاصلاحية، واستطاعت كسب القاعدة العمالية العريضة وذلك بفعل العوامل الآتية:
1- دعم قادة النقابات الست لخيار الكفاح المسلح بقيادة الجبهة القومية منذ أول وهلة باعتباره الخيار الوطني الكفيل بتحقيق الاستقلال من الاستعمار البريطاني.
2- كسب العمال وذلك بسبب المواقف المبدئية التي اتخذتها قيادة النقابات الست، وتبنيها لقضايا العمال والوقوف في صفهم.
3- الأنشطة المتنوعة التي مارستها قيادة النقابات الست من إضرابات وخلافها، وانخراطها الفاعل في النضال السياسي الوطني، وعدم تقوقعها في النشاط المطلبي.
4- رفع شعار الوحدة اليمنية والاستقلال الوطني بوضوح ودون مواربة.
5- قيامها بنسج علاقات خارجية مع الاتحاد العمالي العربي وجامعة الدول العربية وتوضيح حقيقة الانقسام في المؤتمر العمالي، ومن ذلك على سبيل المثال: قيام قادة النقابات الست في يناير 1966م ببعث برقية إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية توضح فيه انتهاء شرعية قيادة المؤتمر العمالي استناداً إلى القانون الأساسي للمؤتمر الذي حدد نهاية الولاية القانونية للمجلس التنفيذي للمؤتمر نهاية 1965م. وكان من نتائج ذلك أن دعا الاتحاد العام للعمال العرب قادة كل النقابات في عدن إلى القاهرة لإدارة حوار بينهم وقد تم الاتفاق على إجراء انتخابات لانتخاب مجلس تنفيذي جديد للمؤتمر العمالي، وقد أيدت النقابات الست هذا الاتفاق. وهكذا تراجع تيار الأصنج وأصبح النقابيون الثوريون في صدارة المشهد النقابي، وهو ما كان له أثره الكبير في تعجيل طرد قوات الاحتلال البريطاني عن جنوب الوطن الذي تحقق في 30 نوفمبر 1967م، وإعلان قيام دولة اليمن الجنوبية الشعبية دولةً مستقلة.
ومن المهم الاشارة إلى الدور الذي لعبه “الاتحاد العام لعمال اليمن” في الشطر الشمالي (تأسس في 17 يوليو 1965م) في دعم نضال الحركة العمالية في الشطر الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني. فقد أعلن الاتحاد موقفاً مؤيداً لثورة 14 أكتوبر 1963م فور انطلاقتها. وأكد على قضية الوحدة اليمنية منذ أول وهلة، إذ لم تأتِ تسمية الاتحاد منذ تأسيسه باسم “الاتحاد العام لعمال اليمن” عفوية، بل كان الهدف منها التأكيد على رفض العمال في الشطر الشمالي للتجزئة السياسية القائمة لليمن، وإلى عدم الاعتراف بشرعية القيادة النقابية المهيمنة على المؤتمر العمالي بعدن. ليس ذلك وحسب، بل قام الاتحاد بإقامة تنسيق مباشر مع النقابات الست الثورية في الجنوب، وعمل معها بشكل موحد ومنسجم، ومن ذلك: ما حدث في المؤتمر الثالث لاتحاد عمال العرب المنعقد في العام 1966م، فقد رفض الأصنج رئيس المؤتمر العمالي السماح لممثلي النقابات الست بحضور المؤتمر، فما كان من الاتحاد العام لعمال اليمن إلا أن قام بمنح نصف مقاعده في المؤتمر لممثلي النقابات الست، وهكذا أمكن للنقابات الست إيصال صوتها وتفنيد ادعاءات الأصنج وجماعته.
بُعيد تحقيق الاستقلال تغيّر اسم المؤتمر العمالي إلى “الاتحاد العام لعمال اليمن الجنوبية”، وضم في إطاره (نقابات عامة بعد توحيد كياناتها، وشكلّ له فروع في مختلف المحافظات الجنوبية، وأصدر صحيفة صوت العمال كصحيفة ناطقة بلسان حال الاتحاد.
استند الكاتب في إعداد المادة على المصادر والمراجع التالية:
1- د. أحمد عطية المصري، النجم الأحمر فوق اليمن، مؤسسة الأبحاث العربية، لبنان، ط3/ 1988م.
2- سلطان عبدالعزيز المعمري، مساهمات ورؤى في بعض قضايا التاريخ اليمني.. دراسات تحليلية تقويمية، تعز، (د.ن)، 1998.
3- عبدالله علي مرشد، نشوء وتطور الحركة النقابية والعمالية في اليمن، بيروت – عدن، دار ابن خلدون- وزارة الثقافة، 1981.
4- عمر الجاوي، الصحافة النقابية في عدن (1957 – 1967م)، عدن، مؤسسة 14 أكتوبر، (د.ت).
5- فيتالي ناؤومكين، الجبهة القومية في الكفاح من أجل استقلال اليمن الجنوبية والديمقراطية الوطنية، موسكو، دار التقدم، 1984.