ضع اعلانك هنا

هل تساهم الرياضه في لملمة النسيج الاجتماعي اليمني بعد ما أفسدته بنادق المتحاربين ؟

هل تساهم الرياضه في لملمة النسيج الاجتماعي اليمني بعد ما أفسدته بنادق المتحاربين ؟

اليمنيين خارج حسابات الساسة

محمد عبده سعيد

 

استعد نشوان محمد العامل في أحد ورش النجارة في مدينة لمشاهدة نهائي بطولة غرب آسيا للناشئين ، أخذ مصروفه اليومي بعد أن أكمل عمله في الورشة خلال الفترة الصباحية واتجه إلى سوق القات لأخذ ما يمكن اخذه من أغصان تلك الشجرة الكيفية بالنسبة لليمنيين ، وعاد ادراجه إلى سكنه الخاص ينتظر موعد مبارة المنتخب اليمني مع نظيره السعودي ، وبكل امل ظل يترقب ساعته بين حين وآخر ينتظر موعد إقامة التتويج للمنتخب الوطني للناشئين ، أمله كبير كغيره من اليمنيين ، بتتويج منتخب الناشئين كأس البطولة رغم الإمكانيات الشحيحة التي ترافق الابطال الصغار .

 

ما أن دقت ساعة الصفر وبدأت جولة المباراة الأولى حتى تحمس نشوان ورفاقه في ساكنه لهذا اليوم التاريخي ، بكل سعادة بداء نشوان بتناول أغصان القات ، وبكل سرور استقبل ورفاقه الهدف اليمني في شباك المنتخب السعودي في الدقيقة الثامنة بأقدام عبدالرحمن الخضر ، شعر بالبهجة والسعادة أكثر وغمرته نشوة النصر .

 

ليس نشوان وحده من حس بهذا الشعور واستعد لهذا اليوم ، بل ملايين اليمنيين على امتداد خارطة الوطن اليمني ، من أقصاه إلى أقصاه ، رغم الحواجز المسلحة والترسانة العسكرية التي قسمت البلد إلى دويلات صغيرة واردت تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتفريق قلوب ووحدة اليمنيين ، لكن هذا اليوم جمعهم كالجسد الواحد اذا تعرض عضو فيه ل الم سهر ل أجله بقية الجسد .

 

على امتداد التراب اليمني وبعد إعلان فوز المنتخب الوطني للناشئين على نظيره السعودي ببطولة كأس غرب آسيا للناشئين عمت الفرحة أرجاء اليمن ، شارك فيها اليمنيين بمختلف مشاربهم السياسية والدينية وأعمارهم وطبقاتهم وخرج الجميع إلى شوارع البلد مبتهجين ومحتفلين بهذا النصر ، خرج الصغار قبل الكبار مرددين هتافات النصر ، زغردت حناجر النساء وضوت الالعاب الناريه كل مدن وقرى اليمن ، وجميعهم يهتفون باسم الناشئين .

 

فرقتهم الأجندة السياسية والمشاريع الا وطنية وجمعتهم الرياضة والناشئين ، وفور خروج اليمنيين إلى الشوراع كتب الصحفي والروائي اليمني ريان الشيباني منشورا على صفحته الشخصية على فيسبوك قال فيها ” لهم أكثر من سبع سنوات وهم يحاولوا بالنار والحديد تقسيمنا إلى دول وشعوب وأقليات وجهات، وفجأة ظهرت قدم صغيرة نحيلة، أعادت دمجنا داخل البوتقة الوطنية، بركلة واحدة” في دلاله واضحة على أن اليمنيون لا يمكن تقسيمهم أو تفرقة شملهم أو التأثير على وحدتهم الوطنية مهما كان الثمن.

 

من صنعاء الى عدن ومن تعز إلى حضرموت إلى اب شهدت كل تلك المدن واريفاها احتفالات واسعة شارك فيها المواطنين من مختلف شرائح المجتمع حتى أطراف النزاع ذاتها المربوطة بمصالح واجندة سياسية لا وطنية تسابقت في تهنئة المنتخب الصغير ، ووصل الحال إلى الهيئات الدولية في البلاد والتي باركت الوحدة الوطنية التي جمعت قلوب اليمنيين ، وقد عبر عنها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ والذي قال على حسابه في تويتر “يسعدنا أن نرى الوحدة والفرح والاحتفالات في جميع أنحاء البلاد” ، كتعبير واعتراف دولي بوحدة قلوب هذا الشعب العظيم.

 

باحثين وسياسيين يمنيين وإعلاميين جميعهم أكدوا على دور الرياضه واقدام الصغار في لملمة النسيج الاجتماعي لليمنيين أبرزهم الباحث عيبان السامعي والذي بدوره قال ” بدايةً يمكن القول إن كرة القدم تعد أكثر أنواع الألعاب الرياضية العالمية شعبيةً وحضوراً، إذ يتجاوز جمهورها المليار إنسان حول العالم. لا تعرف حدوداً جغرافية أو هويات دينية أو عرقية أو قومية، بل هي أشبه بلغة عالمية توحّد البشر ، وتلعب كرة القدم دوراً هاماً في تكريس قيم التعايش وتجاوز الحدود الايديولوجية والانتماءات السياسية والهويات العصبوية وتخلق فضاء عام ومشترك إنساني يجمع أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وطبقاتهم وانتماءاتهم ، وتنشا بينهم علاقات تفاعلية مباشرة وغير مباشرة، ويتكون لديهم شعور بوجود روابط مشتركة، وهوية جمعية” .

 

يضيف السامعي “ما شاهدناه من مظاهر احتفالية وفرح عارم عمَّ شوارع اليمن من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب بمناسبة فوز منتخب الناشئين وتتويجه بكأس بطولة غرب آسيا لهو دليل ساطع على ما نقول ، هذه المشاهد الاحتفالية ليست الأولى من نوعها؛ فقد شهدت شوارع المدن اليمنية في 2021 ذات المظاهر الاحتفالية بمناسبة حصول المنتخب اليمني للناشئين على كأس بطولة غرب آسيا ، لقد شاهدنا كيف خرجت الجماهير اليمنية في شوارع عدن وصنعاء وتعز والحديدة وغيرها من المدن تبتهج وتهتف : “بالروح بالدم نفديك يا يمن”.

وهي مظاهر احتفالية أعادت توحيد اليمنيين بعد 8 سنوات من الحرب التي مزقت اللحمة الوطنية ودمرت النسيج الاجتماعي” .

 

أوضح السامعي أن “فوز منتخب الناشئين بكأس بطولة آسيا قد أشعل جذوة الأمل في نفوس اليمنيين وأعاد إليهم الثقة بأنفسهم وبالهوية اليمنية وبالمصير الوطني المشترك ، إذن.. يمكن القول إن كرة القدم قد مثلت ملاذاً لليمنيين وصارت بمثابة وسيلة لمقاومة الحرب والتقسيمات التي أفرزتها ، ومحاولة للتغلب على المعاناة التي خلقتها الحرب سعياً إلى ترميم الهوية الوطنية واستعادة التعايش والسلم الاجتماعي” .

 

من جهته قال الصحفي توفيق الشنواح قال ” اثبتت الصور والمقاطع المتداولة من كافة المحافظات اليمنية بأن الشعب اليمني خارج حسابات الساسة وكما هو بالمقابل فالساسة لا يابهون بحاجات الشعب ، يدعون إلى الوصاية باسم هذا الشعب سواء في الشمال أو في الجنوب ، واثبتت هذه المشاهد بأن الشعب اليمني يبحث عن فرص وأن كانت بسيطه ولو من باب الرياضة أو الفنون أو غيرها للفرح والتعبير عن وجودهم وذاتهم كشعب عريق وغني بتراثه الإنساني وفلكورهه الشعبي وغيره من الفنون التي كانوا هم روادها على مستوى العالم ولهذا رأينا هذا التلائم وهذه الجماهير التي تخرج اليوم وتصرخ بشعار واحد وهو بالروح بالدم نفديك يا يمن كشعار جمعي متخفف من كل الشعارات الأخرى التي يرددوها هنا وهناك وبتلك الطائفية والعصبية التي ملئت بها مليشيات الحوثي أصداء اليمنيين وحثت في عقول النشى والصغار هذه الشعارات الطائفية الإرهابية المريعة التي توسس لجيل مفخخ للأسف الشديد كانت هذه الشعارات العفوية تعبر تعبيرا واضح وجلي بأن الشعب اليمني يرفض كل هذه الشعارات ويرفض خيارات الساسة وادعائهم الوصاية بقناعات وخيارات الشعب اليمني في دولة مدنية” .

 

أما مراد بليم عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي فيرى أن الاحتفالات بفوز منتخب الناشئين في كل اليمن من اقصاه الى اقصاه في زمن قلت به الافراح لهو مؤشر على ان الكرة المنتصرة قادرة على ترميم النسيج الذي دمرته الحرب وقبلها افعال المتسلطين خلال عقود من الزمن، ولذلك لابد من دعم الرياضة بكل الاشكال لانها شكلت بقعة ضوء في دجى ليل البلد المظلم الذي لم يعرف هكذاا اهازيج وفرحة منذ سنوات .

 

احمد عبدالرحمن عقلان يتحدث عن الفرحة اليمنية في كل البلاد بالقول “بكل تاكيد ان الرياضه هي العامل المشترك الوحيد الذي مازل موحداً ويوحد طرفي الحرب فالانتصارات التي يحققها منتخبنا الوطني تثلج صدور اليمنيين وتلملم نسيجه الاجتماعي الذي مزقته الات الحرب والدمار واصبح الكل شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً يعيش فرحة غامرة ويتغنى بهذه الانتصارات الكروية التي مازلت تجمع اواصر اليمنيين وتلملم جراحاته وتسقط كل مشاريع الانفصال ليبقي الكل تحت راية اليمن الموحد” .

 

فيما تقول الإعلامية والصحفية العدنية هويدا الفضلي “مهما فرقتنا الأوضاع السياسية تظل الرياضة وسيلة للتوحيد وإنقاذ ما تبقى ما هو جميل ، حيث أن الرياضة دائماً تجمع ولا تفرق” .

 

رغم البهجة والسرور التي عمت مختلف أنحاء البلاد مدنها وقراها ، ووحدت الشعب وإعادة الامل بعض الشيء بوحدة قلوب اليمنيين الذي فرقتها الأجندة الغير وطنية ، إلا أن هناك من يقلل من أهمية هذه المشاعر التي غامرت كل أبناء البلد الواقعين تحت حكم السلطات المختلفة شمالاً وجنوباً ويرى انها عاطفة عابرة وستزول بزوال المؤثر ، لكن الأهم في الأمر أن هناك لايزال شيء يوحد قلوب اليمنيين ويجمعه شملهم بعد أن فرقت بينهم السياسة والحرب ،

ضع اعلانك هنا