ذكرى رحيله الحادية عشرة،،،، ماذا قال “أبو علي” عن أغنية “هي وقفة” والغناء العدني ؟
محمد عبد الوهاب الشيباني
تصادف اليوم الذكرى ا الحادية عشرة لوفاة الفنان الكبير محمد مرشد ناجي ففي شتاء مجدب ، (7 فبراير 2013) ، وحين كان الفرقاء ملتهين باقتسام إرث الخراب في البلاد ، رحل بصمت هذا الإستثناء الجميل في ذاكرة الطرب اليمني الأصيل … رحل هذا الذي لا يُمل من سماعه مطربا ومثقفاً وساخراً… غنىَّ لأكثر شعراء الأغنية في اليمن وأهمهم ، وغنى كل الوان الفن اليمني ” الحضرمي والصنعاني واللحجي والعدني واليافعي والتهامي والتعزي” …. غنىَّ للأرض والإنسان والحلم الجميل بروح لايمتلكها الا مثقف كبير ، وصاحب قضية اسمه المرشدي
وحده من الفنانين اليمنيين الذي امتلك حسا تأليفيا وتنظيرياً نافذاً ، وثقافة موسيقية شديدة الخصوصية والإبهار.
قصيدة “هي وقفة”، التي لحّنها وأدّاها في أواخر العام 1951م، هي التي قدّمته للجمهور وهو شاب صغير تجاوز العشرين بقليل، هذه القصيدة من كلمات الشاعر محمد سعيد جرادة، وتقول بعض كلماتها:
“هي وقفة لي لست أنسى ذكرها أنا والحبيب/ في ليلة رقصت من الأضواء في ثوب قشيب/ لما التقينا والجوانح لا تكف عن الوجيب/ فهززته وهو الرقيق كنسمة الفجر الرطيب/ وغمرته وهو لنداء قلبي يستجيب/ بعواطفي المتكبره/ ومشاعري المتفجره/ وشرود وجداني الكئيب”
عن قصة ولادة لحن الأغنية، أن الشاعر الجرادة كان من أشد أعضاء “نادي الشباب الثقافي” في الشيخ عثمان حماسة لتجريب الفنان المرشدي للتلحين، بعد أن كان يؤدي أغنيات غيره من المطربين بصوته المميّز، وبعد حديث بين الاثنين ناوله قصيدة “وقفة”؛ يقول المرشدي:
“التلحين بالشعر الفصيح له صعوبته البالغة، ولكن إعجابي بالقصيدة هزم التهيّب في نفسي، وحملتها معي إلى أبين {وقت كان يعمل سكرتيراً لنائب السلطنة}، وهناك في الليالي الهادئة الجميلة، ظللت أياماً أعيش مطلع القصيدة إلى أن تسلل مفتاح اللحن، وأمضيت بعده شهراً حتى أتممتها. وفي إجازة قصيرة إلى عدن أسمعتها الإخوان في النادي، فاستحسنوها، وفي مقدمتهم الصديق الشاعر محمد سعيد جرادة، وحملت اللحن إلى الندوة {ندوة الموسيقى العدنية بكريتر}، ونال التشجيع.” – كتاب “صفحات من الذكريات” ص39.
بقي المرشدي، في كل جهوده التنظيرية اللاحقة، يشدد على أهمية أن يمارس الفنانون الشبان عملية التلحين والتجديد، لا أن يعتمدوا على الألحان الجاهزة والمعلّبة، والأهم أن تبقى هذه الألحان مرتبطة بالتراث الغنائي اليمني وخصوصيته الثقافية، حتى إن هذا الموضوع صار المشغّل الفاعل في كتابه “أغانينا الشعبية”، فقد كان يرى، فيما سُمي بالأغنية العدنية، وقتها ليس أكثر من تماهٍ ساذج مع ألحان أغاني الأفلام المصرية، قبل أن تصير الأغنية العدنية الجديدة على أيدي خليل محمد خليل، ويحيى مكي، وسالم بامدهف، وأحمد قاسم لوناً أصيلاً، بتخلصها من التأثيرات السطحية لأغاني الأفلام، ولتجتذب بعدها عشرات الفنانات والفنانين الشبان إلى حلبتها.