بشأن 29 فبراير..
لماذا يأتي شهر فبراير كل أربع سنوات بـ29 يومًا، وباقي المرات بـ28؟
الجواب ببساطة: لأنها سنة كبيسة.
أي نعم سنة كبيسة، لكن ما معنى كبيسة؟
هناك يوم يُكبس وبالتالي يُضاف للسنة حتى تصبح عدد أيامها 366 يومًا بدلًا من 365 في السنوات العادية.
من أين يأتي هذا اليوم وما قصته؟
سأوضح هنا المعادلة الحسابية لهذا اليوم، لكن دون تناول قصة التقويمين اليولياني (نسبة لـ يوليوس قيصر) في روما القديمة والغريغوري (نسبة لـ غريغوريوس الثالث عشر) حين نام الناس في 4 أكتوبر/تشرين الأول عام 1582، ليستيقظوا صبيحة اليوم التالي في 15 أكتوبر، دون أن يعرف حُمادي حتى الآن بهذه القصة.
إذن، عادة ما يستغرق كوكب الأرض 365 يومًا لإكمال دورة واحدة حول الشمس، أي دورة واحدة كل عام.
في كل مكان هناك تقويمان: إما شمسي (نجمي) من دوران الأرض حول الشمس أو من قمري من دوران القمر حول الأرض كما في حالة التقويم الهجري، الذي نجده غير منتظم الفصول؛ لغياب السنة الكبيسة الخاصة به (والتي لا بد أن تكون بـ13 شهرًا كل ثلاث سنوات)، وهذه قصة أخرى سوف نتحدث عنها عما قريب.
لكن في الواقع، هناك سنة تقويمية وهناك سنة فلكية.
فإذا ما قال التقويم إن الأرض تدور حول الشمس مرة واحدة كل عام، قال الفلك إن دوران الأرض حول الشمس يستغرق في الحقيقة وللدقة 365.242190 يومًا بالضبط لإكمال المدار.
أي أن السنة الفلكية أطول من السنة التقويمية بما يقترب قليلًا من ست ساعات.
هذه الساعات الزائدة تكون كل أربع سنوات ما يقارب اليوم؛ فيُضاف للتقويم ما نسميه باليوم الكبيس/المكبوس 29 فبراير.
لكن هذا ليس كل ما في القصة.
إذ ستبقى مع ذلك أجزاء من الدقائق والثواني خارج المعادلة؛ لأنها سوف تنقص في مثل هذه الحالة. فالزائد من دوران الأرض ليس 24 ساعة بالضبط بل 23.262222 ساعة.
شفتم كيف؟
إذن، ما الحل؟
سنجد أنه يتم حذف سنة كبيسة كل مئة عام.
المعادلة اللا حُمادية هكذا:
إذا قُسّمت السنة على أربعة وأنتج هذا عددًا صحيحًا تكون سنة كبيسة، باستثناء السنوات التي يمكن تقسيمها على 100، لا تعتبر سنوات كبيسة إلا إذا أنتجت المعادلة عددًا صحيحًا عند تقسيمها على 400.
انظروا يا معشر المؤمنين واللا مؤمنين:
سنة 2000 كانت كبيسة لأنها تقبل القسمة على (4) و(100)، فلأن الـ100 دخلت في المعادلة سنحتاج القسمة على 400؛ فإذا ما كان الناتج عددًا صحيحًا تم اعتمادها سنة كبيسة، وإن كان العدد مكسورًا تم الإلغاء.
فالسنوات التي كـ(1500) و(1700) يمكن تقسيمها على 4 ولما كانت كذلك تقبل القسمة على 100 لا بد من تعريضها على العدد المضعف (400).. ومن ذلك العام 2100 على سبيل المثال لن يكون سنة كبيسة.
وهكذا.
العام الجاري 2024 لماذا سنة كبيسة؟
لأن ناتج القسمة على 4 = 506، وهذا عدد صحيح.
ولا نحتاج قسمة هذا العام على 400 لأنه لا يقبل القسمة على 100 لكي يعطينا رقمًا صحيحًا.
لماذا هذه الدقة؟
لأن التقويم هدفه دائمًا ضبط الفصول. لا بد أن يأتي كل فصل في أونه الدقيق بدون خربطة.
أي تقويم لا يستطيع ضبط فصول السنة لا يصح استخدامه أبدًا.
…
ملحوظة 1:
(لو تم إلغاء السنة الكبيسة ستبدأ الفصول مباشرة في الانحراف والانجراف. [باتتحنجل] مباشرة بدون أي كلام.
وعلى مدى سبعة قرون سيبدأ فصل الصيف يدس أنفه مباشرة في السروال الداخلي لفصل الشتاء.. وهكذا).
ملحوظة 2:
(هناك ما يقارب 16 ألف يوم مفقود من التقويم الهجري على مدى 1445 عامًا قمريًا حتى الآن. تُقدّر هذه الأيام المفقودة بما يقارب 44 عامًا.
أي أننا الآن في عام 1400 هجرية تقريبًا أو 1401، وليس في 1445هـ.
التقويم الهجري بحاجة لإصلاح عاجل وفوري.
نقطتان رئيستان يحتاجهما هذا التقويم القمري:
الأولى: إعادة التقويم إلى عام 1400؛ بحذف السنوات التي توالت خطأ جراء غياب الكبس.
الثانية: إضافة شهر كامل للسنة الهجرية (القمرية) كل ثلاث سنوات.
يمكننا شرح ذلك لاحقًا.
مرة أخرى: مهمة التقويم ضبط الفصول. لأجل ذلك تشهدون شهر رمضان يأتي كل عام متقدمًا على العام الذي سبقه بـ11 يومًا (أو بعشرة أيام وبعض أجزاء اليوم)، فيمر على كل فصول السنة مرة واحدة كل 33 عامًا.
التقويم الهجري غير قابل للاستخدام حتى يتم إصلاحه.)
ملحوظة 3 (غير مهمة إيديولوجيًا):
إذا كان عمرك 34 عامًا في التقويم الهجري، فالحقيقة عمرك 33 عامًا. هناك عام مفقود زائد هكذا بدون أي وجه حق، وبدون سحاوق.
وسلامتكم..
نشوان العثماني