تم حضري من قبل “دويلة الرابطة”…دويلة الوهم
ناجي محمود العيفري
قبل يومين رفع الأخ العزيز فضل ناجي أمين عام حزب الرابطة منشورًا يتحدث فيه عن مرور أكثر من سبعين عامًا على التأسيس والثبات الذي ينتهجه حزبهم الموقر، ولأن “مارك” وضع خانة للتعليق تكرمت بالتعليق على الموضوع وكتبت عن تغيير الاسم من حزب رابطة أبناء الجنوب العربي، إلى حزب رابطة أبناء اليمن “رأي” بعد الوحدة، واستمر الحزب مؤيدًا للوحدة ، وعمل رئيسة رئيس الحملة الإعلامية لترشح الرئيس اليمني السابق للرئاسة في عام 2006م ، وعندما أعلن الجنوبيين الاعتصام المفتوح في 2007 واستمر غليان الشارع الجنوبي عامان ، فبعد عامين من الثورة الجنوبية عاد حزب رابطة أبناء اليمن إلى التسمية الأولى حزب رابطة أبناء الجنوب العربي الحر، وذلك من أجل ركب الموجة خوفا من ان الحركة الشعبية الجنوبية “الحراك السلمي الجنوبي” انطلقت من مقرات الحزب الاشتراكي كونه الحزب الوحيد الذي فتح مقراته للجان الشعبية، وحتم، والحراك الجنوبي، باستثاء موج التي تأسست وحلت وفق ظروف كلنا نعلم أنها لم تكن وعاء سياسي ونضالي للجنوبيين، بل إطار نخبوي استخدم أداة آنية لتخويف السلطة دون فعل نضالي حقيقي، فهي كانت أداة لتخويف سلطة علي عبدالله صالح للضغط عليه بتوقيع اتفاقية الحدود، وعندما أُبرمت اتفاقية التوقيع حُلت بنفس اليوم، وأعلن زعيمها ذلك.
فأين هو الثبات عند “الرابطة” في مشوارها السياسي ياتُرى؟!! وهي تتخبط وتتنقل بمواقفها وتسمياتها مثل حصان رقعة الشطرنج.
للأسف لم يناقشني كي أستفيد وأصحح معلوماتي إن كان عندي لبس، فشخص أمين عام حزب يجب أن يكون أكثر انفتاحًا، وثقافة، فعلى الأقل يبرر لي وللمتابعين سبب تغيير الاسم من العربي لليمني ثم العربي مرة أخرى ، وأريد أعرف هل هي المرة الأخيرة التي يغيرون فيها اسم الحزب، أم أن الحزب سوف يبدل جلده مثل الأفعى بحسب الظروف وعوامل التعرية السياسية التي تتشكل في التحولات السياسية من مرحلة إلى أخرى.
فمن خلال رد فعله معي بهذه الطريقة التي قطع بها الحوار بالحظر المباشر، وقام بحذف تعليقي المتواضع، أدركت إنه من الصعب جدًا النقاش والحوار مع القوى التقليدية التي لم تتجدد وتتحدث، فإذا كانت النخب تتعامل مع الحوار بهذا الأسلوب فكيف بالقواعد.
أيقنت هنا إن حوار الأقلام في واقعنا يعتبر من استكشافات العصر لاعتياد القوم على الحوار بالسيف، علاقة القاهر والمقهور ستظل طاغية في الوعي واللاوعي ،وأيضًا مشكلة الجيل القديم عدم القبول بالآخر “سياسيو الرجعية” إذا جاز التعبير . والفرق بين الوعي وتقمص الوعي تكشفه حقيقة الممارسة، فالمتحدث عن الديمقراطية نظريًا لايعني إنه ديمقراطيًا ، والمنظر للثورة لا يعني إنه ثوريًا، وابتكار المصطلحات والشعارات تكون سهلة للتصدير.
الهدف من النقاش ليس الانتصار لرأي أو فكرة لطرف ضد آخر ، بل الاجتهاد المشترك للبحث في أهمية الحوار بيننا كبشر، ولذلك فإن فهمنا للنقاش الدائر لايضعنا مطلقا في معسكرات متعارضة.
فالمثقف المغلوب على أمره في الجنوب يعلم يقينًا أن مشروع “الجنوب العربي” مشروع دولة على مساحة ثلاث محافظات فقط، ولا يمثل النطاق الجغرافي الذي أعلنت عليه جمهورية اليمن الديمقراطية الجنوبية من المهرة إلى باب المندب، وليس منطقيا استحضار هذا الشعار لأن الجنوب قد انتزع الاستقلال الناجز على كل أرض الجنوب في نوفمبر 1967م، وأصبح اسم الدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حتى اسمها في كل المحافل الدول العالمية ” جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ” فمن يستمع إليك عندما تطالب باستعادة “الجنوب العربي” ،لأنها لم تكن هناك دولة في العالم اسمها الجنوب العربي.
والمجال ليس مناسبًا لأتحدث عن الدعايا التي بثها حزب الرابطة في الوسط الجنوبي لشيطنة حقبة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ،وهي المعروفة بدولة نظام وقانون، ومهابة من قبل الجميع، لقد تعرضت تلك الحقبة التاريخية الذهبية لأكبر هجوم إعلامي وديني في آن واحد، حيث أصبحت تُقرأ تلك الدعايا من قبل الجنوبين على إنها حقائق وتردد في المناسبات حتى تأثرت بعض قيادات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وانزلقت وانجرت انجرارًا، وباتت تنتقص من تاريخها الكبير الذي تحقق في غضون سنوات ، لم يتذكروا أنهم كانوا يعيشون في ظل دولة أمن وأمان ، فيها الصحة ، والتعليم المجاني ، وحقوق المرأة والطفل ، والعدالة الاجتماعية التي كانت تساوي العصر الراشدي عدلًا ومواطنة ، حتى أنني أطلقت على تلك الأبواق في وقت مبكر بالمصابين بعقدة النقص.
انا لا أحب أن أعرج وأبحث في أروقة وثائق بريطانيا قبل 1967م وارتباط “الرابطة” ببريطانيا والاتفاقيات التي كانت تتم مع الجانب البريطانيا من أجل تسليم ربع مساحة الجنوب في جغرافيا ما كانت تسمى اتحاد الجنوب العربي،أي في ثلاث محافظات جنوبية” عدن، لحج، ابين ” والتنازل عن المحافظات الشرقية ومدينة عدن لبريطانيا، لأن الدخول في متاهات كهذه تضعنا في دوائر التصنيف خاصة إذا ماتم الاقتراب من قدسية وجنون القادة المشفوع لهم بالبقاء الأبدي والعصمة النضالية المطلقة، علمًا أن أغلبية من تبوأوا مقاعد القيادة انقسموا بعضهم آمنوا بتلك الدعايا الخارجية للنيل من التاريخ الجنوبي، وآمنوا بها إيمانًا وعقيدة ، والبعض الآخر حتى وإن لم يؤمنوا ولكن مغلوب على أمرهم وباتوا يرددوا ما أملي عليهم .