هل يحتاج المرء إلى أكثر من عينين وأذنين؟؟
د. عيدروس نصر ناصر النقيب
من أعجب العجائب أن الكثير من الناشطين السياسيين والإعلاميين الجنوبيين، بعضهم قادة ومسؤولون حكوميون وغير حكوميين، والبعض أكاديميون يحملون الشهادات العليا، من العجب أن بعض هؤلاء ما يزالون يتساءلون عن أسباب ما تتعرض له عدن والجنوب من معاناة مع حرب الخدمات وسياسات التجويع والتيئيس والحروب النفسية والامنية والدعائية والإعلامية؟
من لم يكتشف بعد الأسباب لكل هذه المعانات والعذابات التي يعيشها الجنوبيون، هو إما لا يتابع تطورات وتداعيات الأحداث منذ العام ١٩٩٤م مروراً بتطورات الأحداث خلال التسعينات، ثم فترة المواجهة السلمية مع نهاية العقد الأول فالمواجهة المسلحة في منتصف العقد الثاني من القرن الجاري، أو إنه بحاجة إلى عينين وأذنين وحاستي شم ولمس إضافية ليرى الحقيقة التي ترى حتى بعين واحدة وتسمع بإذن واحدة فقط.
منذ فترة كتب صديقي د. عبد العزيز بن حبتور حينما كان رئيس وزراء لدولة الحوثيين في صنعاء، مقالة عن “ظاهرة انتشار الحمير في عدن”، وقد رددت عليه بأن جد الحمير الأول كان قد وفد إلى عدن مع صبيحة 7.7.1994م يوم دشنت عملية تدمير الدولة الجنوبية وملامحها ومؤسساتها وإنجازاتها، وما البقية سوى تفاصيل وتداعيات.
* * *
حتى ليلة 21 مايو 1990م كانت خدمات المياه والكهرباء والتموين والتمويل والخدمات الطبية والتعليمية والبلدية والتشغيل والإسكان والقضاء والنيابة العامة والأوضاع الأمنية والإدارية والتنفيذية، وكل ما يتعلق بوظائف الدولة،. . كل هذه الوظائف والخدمات كانت تسير على ما يرام ونادراً ما تَحصُل تقصيرات في القليل منها مسبوقةً بإعلان واعتذارٍ رسميين من قبل الجهات المعنية بهذه الخدمة أو تلك، وعبر وسائل الإعلام الرسمية، وربما استمرت هذه الأوضاع نسبياً حتى 7/7 /1994م
لكن منذ ذلك اليوم بدأ العد التنازلي في انهيار جميع تلك الخدمات والوظائف، ومع حرب ٢٠١٥م وما تلاها من تدمير كانت تلك الخدمات قد اقتربت من مستوى الصفر.
* * *
يمكن أن تكون هناك أسباب موضوعية للقصورة في تأدية وظائف المؤسسات والهيئات والوزارات والمصالح الخدمية الرسمية، لكن هذه الأسباب وحيثما توجد دولة لها سياساتها وخططتها الاقتصادية-الاجتماعية يتم وضع المعالجات لها من خلال برامج التنمية القائمة على دراسات المعطيات والتوقعات