كتب جابر الغزير
رغم الإعلان عن الية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والبدء بتنفيذ بعض مضامينها، الاان هناك اطراف ترى انها خاسرة وتقامر من اجل افشال ذلك، بشكل مباشر وغير مباشر.
الخطوات الأولية التي تمت بتعيين مدير امن ومحافظ لعدن وتكليف الدكتور معين عبدالملك بتشكيل الحكومة الجديدة، بالتزامن مع وصول لجنة عسكرية سعودية الى عدنللشروع في تنفيذ الشق العسكري والأمني من الآلية، كلها محل ترحيب وارتياح من الشارع اليمني والإقليمي والدولي ، الذي ينظر لاتفاق الرياض كمخرج في استيعابالمصالح المشروعة لجميع القوى السياسية، تحت مظلة الدولة الشرعية، وتوحيد الجهود في استكمال المعركة الرئيسة ضد مليشيا الحوثي الانقلابية والمشروع الإيراني.
غير ان ذلك أثار حفيظة بعض القوى السياسية التي تستحوذ على الشرعية وقرارها، وترى في دخول مكونات جديدة وتحديداً المجلس الانتقالي الجنوبي انتقاص ومنازعةلسلطتها، وتعمل بوسائل غير مباشرة على تعطيل وافشال الية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض، والتقت مصلحتها في هذا الجانب مع من يمكن ان نطلق عليهم “تجار الحربوتعطيل انتهاء الأزمة “، ليشكلوا ثنائياً في تحقيق ذلك عبر التصعيد العسكري والإعلامي، والتحشيد الشعبي والدفع باتجاه نشوء قوى جديدة في الجنوب.
وبشكل اكثر وضوحا فان أطراف من جناح حزب الإصلاح هو من يتزعم ذلك، ويستشعر ان نجاح تنفيذ اتفاق الرياض في احتواء الجميع سيضعف سلطات تحكم الحزببمفاصل الشرعية وقرارها، واتجه بشكل مباشر وغير مباشر وعبر علاقة مصلحة مع تيار “تجار الحروب والفيد” الذي يتزعمه “احمد العيسي” (صاحب امبراطورية تجاريةتضخمت منذ الانقلاب الحوثي، ويشغل منصب نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية)، الى التصعيد العسكري في ابين والتحشيد الجماهيري في شبوة وسقطرى وحالياً فيسيئون، وبث حملات إعلامية بغطاء وهمي على أنها لأجل مواجهة الحوثي بهدف خلط الأوراق لتعطيل تسريع تنفيذ اتفاق الرياض وكيل الاتهامات للمجلس الانتقالي ولرعاةالاتفاق أيضا.
وبجانب ذلك يبرز التيار الاصلاحي الموالي لـ قطر وتركيا ، الذي لم تتوقف حملاته الإعلامية منذ دخول المجلس الانتقالي طرف ندي للحكومة الشرعية “ويتحدثون عنهبتبعيته ودعمه اماراتيا” على خط التوافق وان يكون شريك في الشرعية من اجل معركة اليمن والعرب جميعاً، بخلاف غض الطرف عن التحشيد العسكري عبر تشكيل قواتخارج سلطة الدولة (حمود المخلافي في تعز انموذجاً)، وخوض معارك عبثية لتحرير المحرر بدعوى محاربة القوات المدعومة اماراتياً.
وبدون الخوض في التفاصيل المتشابكة يمكن القول ان مشكلة حزب الإصلاح تكمن في انه يرى نفسه هو الشرعية واي شيء غيره هو مليشيات، لذلك يعتقد على سبيلالمثال ان السيطرة على المخا وهزيمة قوات طارق صالح في الساحل الغربي اكثر أهمية من المعركة مع الحوثيين، الذي احكم حصاره على تعز 6 سنوات، دون مواجههحقيقية لفك حصار تعز وطرده خارج حدود المحافظة، وان معركته في ابين ضد قوات الانتقالي مقدمة بالأهمية من الحفاظ على مارب من سقوطها واستعادة الجوف ونهممن مليشيا الحوثي.
اما “تجار الحرب” الذين اشرت اليهم، فهم يرون ان إعادة تكليف الدكتور معين عبدالملك برئاسة الحكومة الجديدة تهديداً مباشراً لمصالحهم، بعد قيامه بإجراء إصلاحاتقوية لكبح جماح الفساد ومنع الاحتكار، وقادوا حملات إعلامية تم تمويلها بالملايين للنيل منه واضعاف نشاطه ودفعوا بكل الطرق لإفشاله، بما في ذلك الايعاز لوزراءبالاستقالة او الانتقاد العلني للحكومة رغم انهم جزء منها، وما هذه التهدئة على التحريض حالياً ضد رئيس الوزراء الا “هدنة مؤقتة” حتى لا يكونوا منكشفين بشكلفاضح.
على الجانب الاخر هناك في المجلس الانتقالي من يعمل أيضا على افشال تنفيذ الالية، لانهم سيفقدون مصالحهم الخاصة، بعد ان تحولوا ومع اعلانهم الإدارة الذاتية الى“حكام مطلقين” في يدهم النفوذ والمال واستباحوا النهب بشكل لم يحدث في تاريخ اليمن، لذلك ترى أصوات عدد منهم تنتهج ذات النهج لدى غريمهم التقليدي “حزبالإصلاح” في التشكيك بإمكانية التنفيذ، والهجوم الإعلامي على الطرف الاخر كمعطل.
غير ان الطرفين (الانتقالي والإصلاح وتجار الحرب) احترموا قرارات التعيين التي صدرت بموجب الاتفاق (محافظ ومدير امن عدن ورئيس الحكومة المكلف) ولم يوجهواانتقادات لهم لغياب الحجة أولا (حتى ان وجدت انتقادات فهي موجهة للسعودية راعية الاتفاق أو مهاجمة سفيرها أو ضد شخصيات من غير ان تكون منظمة او موجههحتى الان)، كمحاولة لإيجاد بدائل أخرى للعرقلة.
ثانيا برفض تنفيذ الشق العسكري، بجانب ما يعمل عليه الإصلاح من خلال التحشيد الجماهيري الممول في المحافظات الجنوبية عبر ما يسمى الائتلاف الوطني الجنوبيالذي يتزعمه حليفه العيسي، في محاولة لسحب البساط على الانتقالي وانه لا يمثل الجنوب.
وللخروج من هذه الدوامة ليس امام السعودية راعية الاتفاق الا ان تعمل بكل ثقلها للتسريع بإنجاز تشكيل الحكومة الجديدة وعودتها الى العاصمة المؤقتة، لان كل يومتأخير يستغله معرقلي الاتفاق في طرح مطالب جديدة واستحداث كيانات وقوى ومطالبات باشراكها، وبالتوازي مع ذلك الحزم في تنفيذ الشق العسكري والأمني فالوضعلا يحتمل لان التيار القطري التركي يدفع بكل ثقله لاستغلال هذه الخلافات في تكوين نفوذ عبر حزب الإصلاح، ويخدم حليفهم ايران عبر وكلائها من مليشيا الحوثيالانقلابية.
نخلص الى القول ان الحزم والعزم من القيادة السعودية في تنفيذ الية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض هو الكفيل بتحقيق هدفها في توحيد الجهود لاستكمال معركة انهاءالانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، وان تحزم جهدها في فضح تجار الحرب ودعاة الفوضى ، ولديها من الوسائل ما يمكنها من النجاح في ذلك.