أختتمت ببوابة الأحداث العلمية العالمية وإدارتها الرشيدة في ماليزيا مساء أمس الخميس أعمال مؤتمرها العلمي الثاني المكرس لبحث الدراسات الحديثة في العلوم الاجتماعية والإنسانية. وهو المؤتمر الذي أفتتح أعماله الأستاذ الدكتور، محمد إبراهيم رجب رئيس المؤتمر من مصر الكنانة واداره الأستاذ الدكتور قاسم المحبشي، أستاذ فلسفة التاريخ والحضارة في جامعة عدن،..
وصدر عن المؤتمر في ختامه التقرير التالي :
ظهر يوم الأربعاء الموافق 29 أكتوبر 2024م بكلمة بالغة الدلالة والأهمية جاء فيها: ” شهد عالمنا الراهن منذ منتصف القرن العشرين أحداثاً عاصفة ومتغيرات متسارعة على مختلف الأصعدة (الحضارية والثقافية والمدنية)؛ متغيرات لم يشهد لها التاريخ مثيلاً -منذ آدم وحواء – من حيث جدتها وسرعتها وأثرها وقوتها الصادمة، ووسط تلك الأحداث والمتغيرات العاصفة أخذ العلماء والمفكرون يبحثون عن تفسير معقول لما يعتمل في الواقع ويدور في عالم جُنَّ جنونه وأصاب الناس جميعاً بالدهشة والذهول . ولما كان العلم بكل مستوياته وتجلياته الابستمولوجية، والسوسيولوجية، يعد الظاهرة الأبرز في العصر، عصر العولمة والمعلوماتية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، فقد استقطب جلّ اهتمام والعلماء والمفكرين وأثار دهشتهم ودفعهم إلى إعادة التأمل والتفكير والتساؤل فيه بوصفه موضوعاً كلياً لعدد واسع من أنساق الابستيمولوجيا المعاصرة (فلسفة العلم، وتاريخ العلم، وسوسيولوجيا العلم، والانثربولوجيا الثقافية، وعلم نفس العلم ، والعلم المقارن، والميثودولوجيا (علم المناهج)، وفلسفة اللغة، والهرمونطيقا، والسبرناتيك، وأخلاقيات العلم. فضلاً عن أنساق المعرفة الجديدة الأخرى ومنها، الدراسات الثقافية والنقد الثقافي والدراسات النسوية في فلسفة العلم وتأنيث العلم، وأدب الخيال العلمي .. إلخ.
فما علاقة العلوم الطبيعية بالعلوم الإنسانية والاجتماعية؟ وما مكانة العلوم الإنسانية ووظيفتها وقيمتها وأهميتها ومستقبلها؟ وما هي المؤسسة العلمية؟ ومن هو العالِم؟ وما الأدوار الاجتماعية التي يمارسها العلماء؟ وما هي محددات الجماعة العلمية؟ وكيف يمارس العلماء نشاطهم؟ وما هي أنماط علاقاتهم؟ وما المعايير التي يلتزمونها؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تضعنا في قلب المشكلة التي واجهتها العلوم الإنسانية والاجتماعية ومازالت تواجهها في سياق سوسيولوجيا العلم المعاصرة، بوصفها منظوراً جديداً في بحث ودراسة الخطاب العلمي بما ينطوي عليه من أنساق، وعناصر، وأفعال وتفاعلات، وعلاقات، وممارسات، وأدوار والتزامات، وقيم وقواعد، ومؤثرات، وبنيات، مادية ورمزية، داخلية وخارجية..
فالعلم وفقا لهذا المنظور ليس مجموعة فرضيات وحدوس ونظريات ومناهج ولا تقنيات وممارسات وأساليب وطرق بحثية ، بل هو مؤسسة بالمعنى الفوكوي للكلمة(نسبة إلى ميشل فوكو) بل بات هو لا غيره بارديغيم العالم المعاصر الذي آخذ يعيد تشكيل العالم كله على صورته ومنهاجه إذ لم يعد في التاريخ العالمي برمته إن صار للعلم والمعرفة العلمية كل تلك السطوة والحضور المتزايد الاتساع والتمكن عرضا وطولا..
كما أكد مدير المؤتمر البروفيسور قاسم المحبشي في كلمته الإفتتاحية التي جاء فيها :
تواجه العلوم الاجتماعية والإنساني اليوم, جملة واسعة ومعقدة من المشكلات الحيوية, على مختلف الأصعدة النظرية والمنهجية والتطبيقية؛ مشكلات ابستمولوجية عامة تتصل بأزمة العلم ذاته ومشكلات عملية تتصل بحياة المجتمعات المعاصرة بنسب متفاوتة فضلا عن القضايا الإنسانية العالمية مثل مشكلة جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 وتداعياتها الإنسانية والاجتماعية ومشكلة سباق التسلح والحروب والأمن والسلام الدوليين، ومشكلة الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ومشكلات البيئة الأرضية والأوزون، وصدام وحوار الحضارات، ومشاكل الاقتصاد والتجارة والمال والأعمال العابرة للقارات. ومشاكل الفقر والصحة والمرض، ومشكلة التطرف والإرهاب والعنف، ومشاكل الهويات الطائفية والتعددية الثقافية، والأقليات والتمييز والتعصب والاستبعاد الاجتماعي، والهجرة غير الشرعية والاندماج، والمخدرات ومشكل الفساد والبطالة و والحركات الاجتماعية والثورات، وقضايا حقوق الإنسان والمرأة والطفل والشباب، وكل ما يتصل بالحقوق المدنية، ومشاكل التربية والتعليم والجودة والاعتماد الأكاديمي، والمشكلات الأخلاقية للعلم والثورة البيولوجية ؛ كالاستنساخ، وزراعة الأعضاء، ومنع الحمل، ومشاكل الفضاء السيبرنيتي والأقمار الاصطناعية والوسائط الإعلامية والتواصلية الجديدة والآثار الاجتماعية والأخلاقية فضلا عن المشكلات المستعصية التي تفتك بالمجتمعات العربية والإسلامية منذ زمن طويل ومنها: مشكلة الهوية والحروب الطائقية إذ تعيش مجتمعاتنا العربية اليوم حروب طائفية مستعرة في كل مكان وغير ذلك من المشكلات الحيوية الأخرى. والسؤال هو: ماذا بوسع العلوم الاجتماعية والإنسانية عمله بإزاء تلك القضايا الراهنة فضلا عن التحديات المستقبلية إذ إن استشراف المستقبل والبحث فيه لم يعد اليوم من باب الرجم بالغيب أو التنجيم أو التنبؤ أو التخمين و الظن و الشطح الصوفي، بل غدا اليوم ضرورة حيوية وجودية وإستراتيجية للبقاء والعيش في عالم تعصف به الأحداث و المتغيرات بخطى سريعة الإيقاع. في هذا السياق ينعقد مؤتمرنا العلمي الدولي الثاني لبحث (الدراسات الحديثة في العلوم الاجتماعية والإنسانية) تنظمه، بوابة الأحداث العلمية في ماليزيا بتاريخ 29-31 أكتوبر 2024م إذ ينطوي على أهمية مزدوجة فهو من جهة يهتم بدراسة الدراسات الحديثة والمعاصرة في العلوم الاجتماعية والإنسانية على مستوى العالم ومن جهة أخرى يبحث في الآفاق المستقبلية للعلوم الاجتماعية والإنسانية في عالم باتت المعرفة العلمية هي مفتاح تقدمه وفي ظل الحضور المتزايد لخطاب العلوم الإنسانية والاجتماعية على الصعيد العالمي واتساع نطاق انتشارها وتمكينها وتوطينها أكاديميا وثقافيا وإعلاميا في مختلف المجتمعات والبلدان وتخصيبها فكيف يمكن للعلوم الاجتماعية والإنسانية في المجتمعات الإسلامية مواجهة تلك التحديات؟ وماذا بوسعها فعله هنا ولان” ..
الجدير ذكره إن المؤتمر تضمن مجموعة من الأهداف منها:
1.تعزيز التبادل الفعّال للأفكار والأبحاث بين الباحثين والعلماء في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
2.تسليط الضوء على التطورات الحديثة والمعاصرة والابتكارات في المجالات الأكاديمية المختلفة ضمن العلوم الإنسانية والاجتماعية.
3.تحفيز التفاعل والتواصل بين المشاركين لتوسيع دائرة المعرفة وتطوير التفكير النقدي.
4.تعزيز فهم أعمق للقضايا الحديثة التي تطرحها الدراسات الإنسانية والاجتماعية وتحليل التحديات المعاصرة المتعلقة بها.
5.التشجيع على التفاعل البنّاء والتعاون بين الباحثين والمشاركين من مختلف الثقافات والخلفيات.
6.إبراز دور البحث العلمي في تعزيز التطور الاجتماعي والثقافي.
التربية والتعليم في مواجهة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
البيئية والتنمية المستدامة في زمن العولمة والتنافس التكنولوجي
الإعلام الرقمي والأخلاقي التواصلية
الترجمة واللغات وآدابها حول العالم والدراسات الثقافية والنقد الثقافي المعاصر.
الدراسات النسوية الممكنات والفرص والتحديات.
تعزيز التكامل المعرفي بين مختلف الاختصاصات العلمية: الطبيعية والانسانية. وغير ذلك من الأهداف المحلية والاقليمية.
وفي الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر
البارحة قرأ الدكتور قاسم المحبشي، نائب عميد كلية الآداب ورئيس قسم الفلسفة الأسبق بجامعة عدن؛ قرأ قرارات المؤتمر وتوصياته في كلمة مؤجزة جاء فيها:
الآنسات السيدات السادة
الحضور الكريم
الباحثات والباحثين المشاركين في أعمال المؤتمر العلمي الدولي الثاني
تللدراسات الحديثة في العلوم الإنسانية والاجتماعية المنعقد في بوابة الأحداث العلمية للمدة 29_ 31أكتوبر 2024م
يطيب لي في هذه اللحظة المباركة أن اتقدم اليكم بأزكى التهاني والتبريكات بنجاح مؤتمرنا الموقر بعد ثلاثة أيام متتالية من الانعقاد المتواصل للمدة 29- 31 أكتوبر 2024م حيث اجتمعنا هنا عبر الفضاء الإلكتروني من مختلف أقطار الدنيا في منصة بوابة الأحداث العلمية بماليزيا
بحضور من أكثر مئتين باحث وباحثة من الأكاديميين والمهتمين منهم 27 مشاركين بأوراق علمية على مدى 14 جلسة نقاشية وورشة عمل. جرت النقاشات بروح علمية وفكرية رحيبة ومتسامحة وايجابية وأدارة كفوءة ومسؤولية واليكم أهم التوصيات التي تمخضت عنها أعمال المؤتمر:
1. أن حجم ونوعية المشكلات الإنسانية والاجتماعية التي أفرزتها المتغيرات المتسارعة في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي تستدعي الحاجة الملحة إلى ردم الهوة الشاسعة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، والنظر إلى التحديات الراهنة والمستقبلية ومواجهتها بصيغة تكاملية للمعرفة العلمية ورؤية عقلانية نقدية.
2. يوصي المؤتمر الدول المعنية استنهاج مادتي التفكير النقدي والتحول الرقمي في المناهج الدراسية المتوسطة والثانوية
3 . يوصي المؤتمر بالمراجعة النقدية لمناهج وبرامج العلوم الاجتماعية والإنسانية في المؤسسات الأكاديمية العربية الإسلامية وفقا للتطورات النظرية والمنهجية الحديثة التي شهادتها في السنوات الأخيرة.
4. يوصي المؤتمر برقمنة العلوم الاجتماعية الإنسانية والاجتماعية والتربوية.
5. يوصي المؤتمر بتأسيس مراكز بحثية علمية من شأنها إن تكون منصات لعرض الابتكارات وبراءات الاختراع العلمية
وتعزيز القيم البحثية والإبداعية عند الطاقات الشابة برصد جوائز تشجيعية ، لتعزيز الثقة بالنفس وتنمية روح المنافسة والابتكار، وتشجيع العمل الجماعي كفرق بحثية متعاونة
6. يلح المؤتمر على أهمية إجراء أبحاث متزايدة حول اللامعنى وتأثيره في حياة الأفراد، مع تعزيز دور المدارس والجامعات في زيادة الوعي وفهم مفهوم اللامعنى للطلاب والمجتمع.
7. دعم المنهج الدراسي بمصادر تعلم متعددة وتدريب المعلمين على استخدام الأساليب الحديثة للتعليم بما يتناسب مع حاجات الطلاب.
8. تعزيز التنمية الاقتصادية لتقوية النسيج الاجتماعي، من خلال تنويع مصادر الدخل وتنمية البيئة الاجتماعية والصناعية.
9.نشر ثقافة الإنفاق المعتدل بين النساء من خلال التربية الدينية والاجتماعية وتشجيع النساء على تجنب الاستهلاك غير الضروري…
10. تعزيز الولاية الرقمية لحماية الأبناء من مخاطر التكنولوجيا، وتوعية الأهل بكيفية التعامل مع التطورات التكنولوجية وتجنب الإهمال.
11.توسيع نطاق الدراسات النسوية العلمية والأدبية لتوضيح الفروق والتوجهات المختلفة..
12. تطوير وتجديد الدراسات الإسلامية
في ضوء المداخل المنهجية العلمية الحديثة بما يكشف عن روح الإسلام الإنسانية الحقة.
13- دعم الإبداع والتربية للأطفال من خلال المبادرات الأدبية وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم وتطوير مهاراتهم الإبداعية.
14..تعزيز القيم الدينية من خلال دراسة الوعود الإلهية وتوجيهها ضمن المناهج التعليمية لزيادة الإيمان وتعزيز الاستقامة.
15.توسيع الدراسات الأدبية والنقدية لدراسة الألفاظ والملفوظات في سياقاتها النفسية والاجتماعية لتوضيح المعاني العميقة…
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..