في ذكرى كربلاء ، شارع أكسفورد التجاري بوسط لندن يتشح بالسواد ، مئات الرجال والنساء والأطفال وعشرات السيارات والعربات التي تحمل عبارة ( يا حسين) يبحثون عن قتلة الحسين في مسيرة تتخللها تجمعات متفرقة على أرصفة هذا الشارع المزدحم بالمتسوقين ، والسواح ، والتائهين ، والباحثين عن المتعة وفرص للعيش ..
ومن أمام المركز التجاري الأضخم والأغلى “سيلڤردچ” في شارع اكسفورد يمكن مشاهدة يافطة حمراء نقشت عليها عبارة ( يا حسين) وإلى جانبها تجمع متشح بالسواد ، ومن وسطهم تنبعث أناشيد مثل ، يا حسين لن ننساك ، تختلط مع أصوات أغان تصدر من عربات التك تك السياحية ” زيديني عشقاً” لكاظم الساهر ، الى أغنية ” يا ما جرى لي ” لراشد الماجد ، الى أغنية ” انا با تبع قلبي ” للفنان الرويشد ، إلى اغنية ” وين دارك ” لميحد حمد .. وغيرها وسط أبواق السيارات ، وصوت رجل من أصول أفريقية بلغة انجليزية لا تشوبها شائبة يطالب بتحسين ظروف الحياة في هذا البلد no more sickness , no more dirt , no more homeless , ويمر الى جانبه من يقول له no more migrants .. كل هذا والباحثون عن قتلة الحسين وسط هذا الزحام أشبه بمن يبحث لسلعته “البايرة ” عن سوق لا يرى رواد هذا السوق فيها سوى مظهراً عابراً مما يشهده هذا الشارع يومياً من مسيرات لا تهتم كثيراً بالماضي ، وإنما بما ينتظر البشرية من مخاطر .أمام هذا المشهد الذي يتصدره صوت قادم من ماض منقوع بالدم والخذلان ، تتجلى حقيقة ما يخبئه التاريخ من كمائن يراد لها أن تبقى القوة المعطلة لنهوض هذه الأمة .. وما بين “زيديني عشقاً” و”لن ننساك يا حسين” فجوة هائلة تلتهم كل محاولة لمغادرة الماضي المنقوع بالدم إلى مستقبل يرى أكسفورد ، الذي يلتقي فيه العالم ، مكاناً للتفكير في المستقبل لا مكاناً لإعادة انتاج الخديعة .