العين الاخبارية:
رُغم امتلاك اليمن مساحات واسعة من الغطاء النباتي، والتنوع الطبوغرافي في النظم البيئية، إلا أن هناك عوامل بشرية تهدد النباتات والبيئة أبرزها الاحتطاب الجائر.
وانتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الاحتطاب وقطع جذوع الأشجار في مختلف المحافظات اليمنية، واستخدامها كوقود للمخابز والأفران، والمغاسل البخارية، والمطاعم، ومحلات الحلويات.
وأدت حرب مليشيات الحوثي ضد اليمنيين وانقلابها على الدولة في اليمن عام 2015، إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي بين المواطنين، الذين اتجه بعضهم إلى أعمال ضد البيئة تتمثل في قطع الأشجار بصورة جائرة وتجاهل بأهميتها، ما تسبب في توسع رقعة التصحّر في العديد من المناطق.
وتُستخدم جذوع الأشجار خصوصاً تلك الأشجار المعمرة لعشرات السنين، كوقود يومي للأفران والمخابز والمطاعم في العديد من محافظات البلاد، أبرزها العاصمة صنعاء، وحجة، والحديدة، وريمة، وذمار، وإب، ولحج، وتعز .
ويتم قطع ما يزيد على 866.44 شجرة سنوياً، لتشغيل مخابز صنعاء فقط، إذ يتم حرق قرابة 17.500 طن من الحطب سنوياً، ما يؤدي إلى القضاء على مساحة قدرها 780 هكتاراً من الأراضي المزروعة، وفق نتائج مسح في العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي
الحطب وقود بديل
يستخدم أنور الدبعي قرابة 5 حمولات من الحطب (حمولة شاحنة نقل الحطب) خلال الشهر الواحد، كوقود لمخبزه الكائن في شارع الحصب وسط مدينة تعز، بعد أن عجز عن توفير مادة الديزل والتي كانت الوقود الرسمي لتشغيل المخبز.
يقول مالك المخبز الدبعي لـ”العين الإخبارية”، إنَّ مخبزه يستهلك كميات كبيرة من الحطب، وهي الكميات التي تمكِّنه من تشغيل المخبز وبيع منتجاته للمواطنين والمطاعم.
ويضيف الدبعي أنه بدأ باستخدام الحطب في تشغيل المخبز منذ 4 أعوام إثر ارتفاع أسعار الوقود والغاز المسال خصوصاً مادة الديزل.ويوضح أن أسعار الحطب في ارتفاع مستمر، نظراً للإقبال الهائل عليه من أصحاب المطاعم والحلويات والأفران، إضافة إلى المغاسل البخارية، والتي يؤكد أنها أفضل حالاً من أسعار الديزل والكميات التي يمكن استخدامها مقارنة بالحطب.ويؤكد مالك المخبز أن سعر كمية الحمولة الواحدة (حمولة شاحنة نقل الحطب) وصل إلى 260 ألف ريال يمني (180 دولاراً أمريكياً)، التي يستهلكها في مخبزه خلال 6 أيام فقط كحد أقصى.
ويشير إلى أن قيمة الحطب الذي يستخدم لتشغيل المخبز والعمل فيه لمدة 13 ساعة خلال اليوم الواحد، تبلغ 40 ألف ريال يمني نحو (30 دولاراً أمريكياً)، والتي تضعف من ربحه في المخبز إضافة إلى ارتفاع أسعار الدقيق.
أسواق للحطب
من جهته، يقول بسام الضبابي، وهو تاجر حطب في بلدة “الضباب” غربي مدينة تعز، لـ”العين الإخبارية”، إن هناك إقبالاً كبيراً على شراء الحطب من ملّاك المطاعم والمخابز والأفران والحلويات، والمغاسل البخارية.
ويضيف تاجر الحطب، أنه يبيع في الشهر الواحد أكثر من 60 حمولة حطب، ويختلف كل نوع من الحطب حسب الشجرة التي يقطع منها، مشيرًا إلى أن نوع حطب شجرة “العَسق” هو المفضل لدى المستخدمين.
ويؤكد أن الإقبال على الحطب يزداد كلما ارتفعت أسعار الوقود خصوصاً مادتي الديزل والغاز المنزلي، إذ تضاعف أزمة الغاز من زيادة الطلب على الحطب، والذي يؤدي إلى زيادة في قطع الأشجار.
آثار الاحتطاب الجائر
ويعد الاحتطاب الجائر من أخطر الظواهر التي زادت حدّتها خلال سنوات الحرب في اليمن، حيث تؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي والتربة وتسرب المياه، وتخلف آثارا سلبية تهدد البيئة وتزيد مساحات التصحر فيها.
ويحذّر خبراء في مجال البيئة لـ”العين الإخبارية” من تزايد عمليات الاحتطاب الجائرة التي تعد من أكثر الآفات المهددة للغطاء النباتي في اليمن.
ووفق الخبراء فإن الاحتطاب الجائر يؤدي إلى تعرّي البيئة لتبقى فريسة سهلة لاجتياح تربتها السيول وزيادة رقعة التصحر فيها، حيث يعتمد عليها -النباتات والأشجار – المواطن اليمني خصوصاً في الجانب الصحي وتلطيف الجو، وترعى فيها الماشية منذ آلاف السنين.
الأشجار دون حماية قانونية
ويرجع الخبراء أسباب إقدام المواطنين على قطع الأشجار من جذوعها بصورة عشوائية ومدمرة للبيئة النباتية، إلى ضعف الرقابة على ظاهرة الاحتطاب التي ارتفعت بنسبة كبيرة خلال فترة الحرب، ولعدم وجود قانون يحمي النباتات والأشجار في اليمن، لأنها تعد ملكية خاصة، باستثناء شجرة دم الأخوين في جزيرة سقطرى.
وطالب الخبراء بسن قوانين وتفعيلها للحد من الاحتطاب الجائر والاعتداء على الغطاء النباتي في اليمن، والتي يعمل على الحفاظ البيئة من التلوث، وحماية التربة من انجرافها، وتخزين المياه الجوفية، وتزويد الإنسان بالأكسجين، وتلطيف الهواء، وامتصاص الكربون الناتج عن أدخنة المصانع والسيارات.
ويكشف التقرير الوطني السادس لاتفاقية التنوع البيولوجي الصادر عن هيئة حماية البيئة في اليمن لعام 2019، عن زيادة عدد الأسر التي تعتمد على الحطب كوقود من 6% في عام 2014 إلى 8% في عام 2017، باستخدام مليون و335 ألفاً و744 طناً عام 2014 وارتفاعها إلى مليون و888 ألفاً و232 طناً عام 2017.