محمد علي محروس / خيوط
في الرابع والعشرين من عمره، يرأس حسام شهاب منظمة وصل للسلام، بعد أن أسسها كمبادرة شبابية، وكُبرت تحت عنايته منذ بدايات شبابه بأنشطة متنوعة لامست الاحتياج الشبابي والمجتمعي في مدينة أنهكتها الحرب.
بلهجة بهيجة يحكي حسام لـ”خيوط”، عن مسيرته التي لا تتوقف عند ما يخطط له وحسب، بل تتجاوزه إلى ما هو أبعد من ذلك. إذ يقول، إنه يعمل جاهدا لتحقيق ما يطمح إليه، حيث بدأ من الصفر، وأسس مشروعه الخاص لتوفير احتياجاته الأساسية لمواصلة رحلة الكفاح.
حسام من بين الشباب الفاعلين مجتمعيًّا، وله أنشطة جماعية وفردية في صناعة السلام وريادة الأعمال، وهذا ما يتمنى أن يتوجه نحوه الشباب اليوم، بعيدًا عن الوضع المرتهن للفوضى، وحالة الشتات التي صنعتها الحرب منذ سنوات.
عصبُ السلام
في ظل الصراع الذي تعيشه اليمن، يُستخدم الشباب فيه وقودًا للحرب من كافة الأطراف، وهو ما يتطلب التدخل الفاعل لتوجيه البوصلة الشبابية لما هو أهم وإبعادهم عن هذا الخطر المحدق بهم، وهو ما يسعى إليه التوافق الشبابي للأمن والسلام الذي أُعلن عنه في عدن بعضوية 30 شابًّا وشابة من مختلف المحافظات اليمنية في نوفمبر 2020.
ويؤكد محمد الوتيري عضو التوافق وباحث ومنسق لمشاريع الشباب والسلام في اليمن، أن التوافق يهدف لتعزيز الحضور الشبابي والدفع بهذه الفئة نحو العملية السياسية كأحد الفاعلين الرئيسيين في الوضع الراهن.
يرى الدكتور جاسم بو سبعة، رئيس قسم الفلسفة وعلم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة حضرموت، أن الشباب رهان الحاضر للخروج من المآزق المتنوعة التي تعيشها اليمن على كافة المستويات.
الوتيري أكّد لـ”خيوط”، أن منهجية “التوافق الشبابي” ترتكز على أن يصبح هيئة استشارية للجهات الدولية وبما يوصل الرؤى الشبابية إلى المحافل العالمية وفق ما يراه شباب اليمن، بالإضافة إلى دعم كل الجهود والمبادرات الشبابية العاملة في مجال بناء السلام وتسليط الضوء عليها.
ويضيف أن هناك توجه للضغط على أطراف الصراغ للوصول إلى صيغة مشتركة لإحلال السلام في اليمن ، ويعتقد الوتيري أن انعدام الثقة بين الأطراف المتصارعة يتسبب في إطالة أمد الحرب؛ الأمر الذي يتطلب العمل على سد هذه الفجوة لتقريب وجهات النظر المختلفة بما ينعكس على إيجاد تفاهمات تفضي إلى حوار وتوافق على فرص السلام المتاحة.
شعبٌ شاب
وفق مؤشرات وتقارير مختصه فقد انخفض معدل النمو السنوي في اليمن من 4,6% في التسعينيات إلى 2,7% عام 2010، ولكنه لا يزال مرتفعًا في المقياس العالمي، ففي عام 2010 بلغ متوسط العمر17,8، وهو أعلى من المتوسط في التسعينيات (14,3)، إضافة إلى ذلك فإن أكثر من نصف اليمنيين وُلدوا خلال العشرين سنة الأخيرة، وهو ما يجعل اليمن دولة شابة، ذات حضور شبابي واسع.
ويرى الصحفي حمدي رسام أن على المنظمات الدولية والمحلية إيلاء الأولوية للطاقات الشبابية والعمل على تدريبها وتأهيلها حتى تكون قادرة على صناعة التغيير الفعلي على الأرض، وهذا سيشكل نواة حقيقية للسلام المنشود في البلاد.
يضيف رسام لـ”خيوط”، أنه لا جدوى من إقصاء الشباب سوى إطالة عمر الحرب، وتقديمهم قرابين للقوى المتطرفة والأطراف المتحاربة، حيث يتم استخدامهم سلبًا، ويُعمل على إعادة تشكيلهم بما يلائم توجه كل طرف على المستويين الفكري والعسكري، ولولا ذلك لما كانت الحرب استمرت كل هذه الفترة.
رسام يحمّل الحرب وما نتج عنها مسؤولية تفريخ الطموحات المستقبلية لدى الشباب اليمني، وعلى الرغم من محاولة البعض إثبات نفسه والعمل للوصول إلى أهدافه المرسومة إلا أن الغالبية وقعوا في فخ البحث عن العيش اليومي وإعالة أهاليهم ومكابدة كل أنواع المعاناة، وهو ما يصفه بحكم الموت المسبق؛ كون فترة الشباب الزاهية تحولت إلى مجاراة يومية لإثبات الحق في الحياة!
رفض التهميش وعنصر الفعل
يبقى الشباب عمود المجتمعات بالنظر إلى الديناميكية والحيوية المستمرة، وهو ما يجعل من دمجهم واستيعابهم ضرورة حتمية، إذ يتحول تهميشهم وإقصاؤهم إلى قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت.
المدرب والإعلامي عبدالسلام الشريحي، قال في مقال نُشر على صفحة التوافق الشبابي في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “ربما يعرف الجميع أن مستوى التحصيل العلمي لدى الشباب يفوق بكثير ما كان عليه التحصيل في السابق، لكن المسألة لا تقتصر على ذلك، فلدى الشباب من المهارات ما تفوق بكثير تحصيلهم العلمي أيضًا، هنا نسأل عن الاستفادة من هذه الخبرات وتمكينها، إذ إن الأمر ضعيف أو معدوم أحيانًا”.
وحذر الشريحي حذّر من خطورة تهميش الشباب، وأكد أن استثمار قدراتهم لا تقتصر على وضعهم الحالي، بل قد يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصًا مع انطواء الكثير من الشباب أو فقدانهم للثقة بأنفسهم، والبقاء بعيدًا عن أي تأثير.
ويظل الشباب رهان الحاضر للخروج من المآزق المتنوعة التي تعيشها البلاد على كافة المستويات، كما يرى الدكتور جاسم بو سبعة، رئيس قسم الفلسفة وعلم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة حضرموت، إذ يؤكد في حديثه لـ”خيوط”، على أن الفعل الشبابي والاعتراف بأهمية هذه الشريحة من المهم أن يكون عنصرًا محوريًّا في ظل الوضع الحالي.
ويشير الدكتور بو سبعة، إلى أن الشباب العامل الأول لخلق التعايش المجتمعي الذي يوصل للسلام، وهذا ما نحتاجه اليوم؛ إذ لدينا قيادات شبابية، ومكونات ومبادرات يقودها الشباب بطاقة وكفاءة وإمكانية الفعل، وهو ما يعني مؤشرًا إيجابيًّا لمباركة ومساندة مثل هذه الجوانب، التي تمكّن الفاعلين المجتمعيين من الشباب؛ لتحقيق تغيير ملموس وتعايش ووئام وسلام.
ويبقى الرهان على الشباب للوصول إلى السلام في اليمن هو المعطى الأقوى، ولكن ذلك لن يُثمر دون إعادة تشكيلهم فكريًّا وثقافيًّا، بعيدًا عن لغة الحرب والتطرف التي تودِي بكثيرين منهم إلى محارق الموت على حساب حاضر ومستقبل وطنهم المنتظر لعودتهم إليه، وإن طال الزمان.
•••محمد علي محروس
صحفي مختص في الشؤون الإنسانية