ضع اعلانك هنا

أنت مسلم..اذا لست حراً

الكاتب / حسين الوادعي



منذ وعينا نفسنا وأفكارنا في مجتمعنا المسلم ونحن عرضة للابتزاز والتهديد باسم هويتنا الدينية من قبل حراس الفضيلة والناطقين بسم الله.
– أنت مسلم.. إذا ليست لك الحرية التفكير والتجديد..كل شيء جاهز مسبقا وما عليك إلا التنفيذ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ).
– أنت مسلم… إذا ليس لك الحق في السؤال، فما طُرد ابليس من الجنةإلا برذيلة السؤال، وما أهلك الذين قبلكم إلا كثرة سؤالهم واستفساراتهم (بقرة بني اسرائيل)، و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ …. قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ).
– أنت مسلم.. إذا ليس الحق الحرية في سلوكياتك وإفعالك.. فالبخاري ومسلم وفقهاء المذاهب حددوا لك كيف تأكل وكيف تشرب وكيف تتغوط وكيف تلقي التحية وكيف تمشي وماذا ترتدي وكيف تنام وكيف تواقع زوجتك وكيف تجلس وكيف تتغسل وكيف تموت.
– أنت مسلم… إذا ليس لك الحرية في اختيار نظامك السياسي ورئيسك، فالنظام الاسلامي نظام الهي نزل من السماء ولا سبيل أمامك إلا الطاعة أو قطع العنق.
– أنت مسلم… إذا لا يحق لك تغيير دينك (من بدل دينه فاقتلوه)، وليس لك الحق في حرية التعبير مثل بقية خلق الله، فأنت مقيد بثوابت الأمة وثوابت الفقهاء وثوابت الناطقين بسم الإله.
– أنت مسلم.. إذا ليس لديك حق الحياة… فأسمى ما يمكنك فعله ان تموت شهيدا في سبيل نصرة الدين ومصالح رجاله.
– أنت مسلم… إذا ليس لك الحق حتى في استخدام مفرداتك فكل شيء مرسوم بالتفاصيل..قل “السلام عليكم” ولا تقل “صباح الخير”.. قل “قدر” ولا تقل “صدفة”.. قل “علماء” ولا تقل “رجال دين”..ابتعد عن اي لفظ مشبوه مثل تطور ومادة وحتمية ومساواة.. لا تقل عن شيء انه عظيم او جبار او كامل فهذه كلها صفات الله..
– أنت مسلم.. إذا لا تقرأ نجيب محفوظ، اقرا نجيب الكيلاني او عماد زكي… لا تسمع ام كلثوم او عبد الوهاب ، اسمع الأناشيد الصحوية والجهادية . لا تشاهد مسلسلات التلفزيون، شاهد حلقات الشعراوي وكشك ومصطفى محمود وزغلول النجار والخميني والخوئي والسيسنلني ونصر الله.. لا تقرأ العربي والقاهرة والرافد وسطور، اقرأ المجتمع والدعوة ونور الاسلام وآل البيت والغدير…
– أنت مسلم… إذا أنت فقدت حريتك منذ اللحظات الأولى لولادتك.. ليس هناك يمين او شمال او شرق او غرب. هناك طريق اجباري عليك اتباعه أو السيف.
في كل نقاش نحاول فيه طرح رؤية تجديدية أو إصلاحية كنا نسمع نفس العبارة ” إن الإسلام كلٌ لا يتجزّأ ، فإما ان تقبله كله أو ترفضه كله”….
“لا يوجد شيء اسمه تجديد أو إصلاح ديني في الاسلام”…
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ).
سابقا كنا نخرس تماما عندما نواجه بهذا التحدي الذي يخفي خلفه تهديدا واضحا: ” الإسلام كلٌ لا يتجزّأ، فإما أن تقبلوه كله أو ترفضوه كله”. لكن في الجلسة الأخيرة غضب أحد اصدقائي وصرخ قائلا في وجه من يهدده : اذا كان هذا هو الخيار الوحيد فخياري أن أتركه كله… وانتهت الجلسة بصمت طويل.
وأخاف أن صديقي الغاضب لم يعد لوحده… فعندما يكون ثمن انتماؤك الديني هو مصادرة كل حرياتك الشخصية والفكرية والعامه، فلن يكون أمامك إلا واحدا من خيارين: أن تجدده كله ، أو تتركه كله.
أن تمتلك حق تجديد فهمك لدينك بما يحفظ حريتك وكرامتك وعقلك، أو أن تمضي خلف حريتك وكرامتك وعقلك.


ديسمبر 2019

ضع اعلانك هنا