ضع اعلانك هنا

قلة الوعي الصحي والمخاطر المترتبة على تعاطي الدواء دون وصفة طبية


– خيوط

انعكس الفراغ المؤسسي إثر الحرب الدائرة في البلاد منذ ثماني سنوات، على ضعف الرقابة الطبية؛ إذ بات الصيادلة يبيعون صنوفًا عديدة من الأدوية دون وصفات طبية معتمدة من أطباء، خاصة تلك الأدوية التي لا تصرف إلا بالوصفة.

ويعد صغار وكبار السن والنساء الحوامل والمرضعات والأشخاص شديدو المرض أكثر عرضة للتضرر من الأدوية التي تصرف من قبل الصيادلة دون وصفة طبية، ويقول الأطباء إن على هؤلاء الأشخاص الخضوع للإشراف الطبي عند استعمال الأدوية كاحتياطات خاصة وحساسة، تحاشيًا لحدوث أية مضاعفات قد تصيبهم.

يترتب على صرف الأدوية دون وصفة طبية مخاطر جسيمة، قد تفقد الإنسان حياته، خاصة المنشطات والمهدئات ومسكنات الألم. يصف خالد علي (24 عامًا)، إحدى تجاربه التي ضاعفت مرضه -حد قوله- بعد شرائه دواء من إحدى الصيدليات دون وصفة طبية؛ إذ يقول خالد لـ”خيوط”: “طلبت من الصيدلاني منشطًا اسمه (codeine caffeine)، فحصلت عليه بسهولة، وبعد تناولي جرعة كبيرة منه؛ لعدم علمي بمخاطره، انحرمت من النوم مدة يومين”.

الانقسام والمسؤولية الطبية

وتعاني اليمن من تنامي مشكلة واسعة ناتجة عن الفوضى الحاصلة في سوق الدواء في جميع مناطق البلاد، وسط توسع لبعض الظواهر الخطيرة كالتهريب والتزوير والغش، في ظل انقسام مؤثر يطال جميع المؤسسات الخدمية العامة.

ويحمّل الصيدلاني صالح محمد كثيرًا من المرضى مسؤوليةَ المضاعفات التي تحصل لهم، إذ يقول لـ”خيوط”: “رغم إسهامنا كصيادلة في توعية الناس بخطورة بعض الأدوية، ومنها المنشطات والمسكنات فإنهم يصرون على الحصول عليها؛ وذلك لإدمانهم، وقد يعود السبب إلى قلة الوعي الصحي والمخاطر المترتبة على تعاطي الدواء دون وصفة الطبيب”.

تتزايد مخاطر صرف الأدوية دون وصفة طبية، حيث تقود إلى تشخيص خاطئ للحالة المرَضية أو تأخير في التشخيص الصحيح؛ ما يفاقم من خطر الآثار الجانبية وتزايد المشكلة الصحية، في حين يتحمل المعنيون في وزارة الصحة العامة والسكان مسؤولية ضعف الرقابة على الصيادلة.
ويشكو مواطنون من بيع البرازولام (alprazolam)، وهو علاج اضطرابات القلق والهلع إذ يقول صلاح محمد (40عامًا)، لـ”خيوط”: “ذهب والدي لشراء (البرازولام)، فأعطاه الصيدلاني، دون التأكد من حاجته إليه بناء على وصفة الطبيب الموقعة باسمه، وبعد تعاطيه الأقراص بإفراط حصلت له مضاعفات أخافتنا، ومنها الرعشة والخفقان في القلب والفتور في الجسم”.

ولمعرفة الدور الرقابي الذي تمارسه الهيئة العليا للأدوية، التي يفترض أن تمنع الصيادلة من صرف الأدوية دون وصفة طبية، تواصلت “خيوط” بالدكتور نعمان قحطان- مدير إدارة المخدرات في الهيئة، وأفاد قائلًا: “قبل أي دور رقابي، التعويل كبير على الضمير الإنساني والمسؤولية الطبية لدى الصيدلاني ذاته، فليس منطقيًّا أن نضع جنديًّا من الداخلية بجانب كل صيدلاني”.

يضيف قحطان: “تقوم الهيئة العليا للأدوية بإنزال سجلات أدوية مراقبة، ولا ينبغي صرفها إلا بوصفة الطبيب ومختومة باسمه، ومكاتب الصحة تقوم بدورها بتعميم تلك السجلات على الصيدليات”.

وتنتشر أقراص وبواكت المنشطات الجنسية في الشوارع والأماكن العامة، وهو مؤشر واضح على كثرة استخدامها رغم أنها من الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفة الطبيب لما لها من مخاطر ومضاعفات مميتة، كهبوط الدورة الدموية والتعرض لأزمة قلبية؛ مما يؤدي إلى الوفاة مباشرة، وقد يزيد تأثير المنشطات الجنسية أكثر على مرضى القلب.

في السياق، يؤكد أحد الشباب الضحايا للمنشطات الجنسية، فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، في حديثه لـ”خيوط”، أنه تناول جرعة كبيرة من هذه الأقراص المنشطة الجنسية خلال زواجه؛ ما تسبب في إصابته بالفشل الكلوي، ومنذ أربع سنوات وهو يعاني من تبعات المرض، إذ يخضع لغسيل الكلى بشكل دوري ويدفع تكاليف المرض المادية والمعنوية. يحمّل هذا الشاب مسؤولية مرضه الصيادلة الذين يصرفون المنشطات دون وصفة طبيب ودون تقديم توعية صحية بالمخاطر على الأقل عندما يتم تعاطيها بنسبة كبيرة.

ولا تتوقف الأخطار التي ترافق المرأة الحامل أيضًا، وذلك بسبب صرف الصيادلة الأدويةَ لها دون الوصفة الطبية، وهناك قائمة من الأدوية التي يفترض أن تمنع على الحامل، ومنها أيبوبرفين (ibuprofen) حيث تتسبب الجرعات العالية من هذا المسكّن بالإجهاض وتأخر بدء المخاض والنزيف لكلٍّ من الأم والطفل والتهاب الأمعاء والقولون الناخر.

مشكلة متفاقمة

تتزايد مخاطر صرف الأدوية دون وصفة طبية، حيث تقود إلى تشخيص خاطئ للحالة المرَضية أو تأخير في التشخيص الصحيح؛ ما يفاقم من خطر الآثار الجانبية وتزايد المشكلة الصحية، في حين يتحمل المعنيون في وزارة الصحة العامة والسكان مسؤوليةَ ضعف الرقابة على الصيادلة.

بخصوص مشكلة صرف الأدوية دون وصفة طبية، يعلق الصيدلاني عبدالعزيز الحاجبي لـ”خيوط”، بالقول: “في إحدى المرات أقدمَ مدمنٌ لصنف دوائي منشط على قتل صيدلاني؛ لأن الأخير رفض أن يعطيه طلبه”. ويضيف الصيدلاني الحاجبي: “الأمر خطير بالفعل، ونحن عادة لا نبيع هذه الأدوية، وهناك من يبيعها وهو من لا يلتزم بالمسؤولية الطبية والأخلاقية”.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن نصف الأضرار التي يمكن الوقاية منها في مجال الرعاية الطبية مرتبطة بالأدوية، وأن ربع هؤلاء المرضى يعانون من أضرار شديدة تهدد حياتهم، وأن كبار السن هم الأكثر عرضة للخطر، خاصة أولئك الذين يتناولون أدوية متعددة.

ورغم أنّ الهيئة اليمنية العليا للأدوية تتحكم في مسائل استيراد الأدوية وبيعها في المستشفيات والصيدليات، بحسب مدير مكتب رئيس الهيئة، عبدالعزيز الشويع، فإن هناك صيادلة لا تردعهم أخلاق المهنة وما زالوا يبيعون الأدوية التي لا تباع إلا بوصفة الطبيب، دونها.

ضع اعلانك هنا