“ما بعد غزة _دولة فلسطينية” ، وعالم جديد
في ضوء التحولات الدولية الحالية وفشل النظام الدولي في تطبيق قوانين وقيم التوازن المجمع عليها من قبل المجتمع الدولي ووصوله إلى حالة فراغ _ نظام وقانون دولي_ وتحوله لعالم يحكمه الفوضى وقوى الهيمنة والتسلط والاستكبار عبثاََ بحياة البشرية..
وسط هذا الضجيج والعبث لتلك القوى تمثل حرب غزة مخاض ميلاد عالم جديد تنهزم فيه إسرائيل هزيمة ساحقة لينتهي معها وهم المشروع الصهيوني وتصبح فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة في إطار عالم مختلف عما كان عليه قبل 7 أكتوبر ..
وذلك على ضوء معطيات واقع العمليات الميدانية والمعادلة القائمة على أرض المعركة وهي (دمار البنى التحتية لغزة وقتل المدنيين مقابل هزيمة ساحقة لجيش الاحتلال وقتل الكثير منهم وتدمير الياته على يد أبطال المقاومة وانخراط معظم الفلسطينين في صفوف المقاومة المسلحة على إثر الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين منهم والمضي في كسر العدو بميدان المعركة واجباره على الانسحاب والتفاوض وفق شروط المقاومة)
أن إيمان المقاومة والشعب الفلسطيني بقضيتهما العادلة وادراكهما القطعي بعدم جدوى الرهان على العرب والمسلمين والمجتمع الدولي في تحرير أرضهم وتخليصهم من الاحتلال الصهيوني الغاصب بات أمرا محسوم بالنسبة لهم وعليهم ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم اما الاستسلام والقبول بالذل والهوان والتنكيل المستمر لابادتهم بصورة تدريجية والتخلص منهم وهذا خيار لايقبله المنطق والعقل البشري والنزعة الإنسانية المجبولة على الحرية والكرامة والاباء والسيادة المطلقة لكافة الحقوق المشروعة لذا فهذا خيار مستبعد ولن يكن ..
فكان الخيار الآخر هو القرار (اما الحرية او الموت) فختار الجميع المقاومة المسلحة جسرا للعبور إلى الحرية والاستقلال بعقيدة إيمانية راسخة تفرض وجوب الدفاع عن الدين والمقدسات والأرض والعرض والكرامة والشرف وانتزاع السيادة المطلقة لكافة الحقوق المشروعة دون تردد او تسويف فكان 7 أكتوبر بمثابة ساعة الصفر لبدئ السباق مع الزمن لنيل الحرية واستعادة الحقوق المسلوبة بالقوة او الموت في سبيل ذلك ونيل شرف الفداء والبطولة والعزة والكرامة وترك باب الكفاح والنضال مفتوح للأجيال حتى تحرير فلسطين واستعادة شرف الأمة وكرامتها وصون مقدساتها ..
ومن هذا المنطلق الإيماني وثقافة الكفاح والنضال تولدت الإرادة وجعلت الروح القتالية والمعنوية تعج وباعلى مستوياتها وسط أبطال المقاومة والشعب الفلسطيني عامة إلى درجة مذهلة تتجلى في طبيعة تكتيكات المواجهة الصفرية في قتال العدو وتحقيق الأهداف وتكبيد العدو خسائر فادحة في الجند والعتاد دون خسائر تذكر في صفوف المقاومة فيما يخرج المدنيين من تحت الركام ينفضون الغبار ويلملمون شهدائهم وجرحاهم برابطة جاش وصلابة استثنائية معلنين تايدهم الكامل ومشيدين بفعل ودور فصائل المقاومة الفلسطينية وضرباتها الموجعة لقوات الاحتلال الصهيوني مباركين لهم عملياتهم في تحرير وطنهم وارضهم من الغزاة المحتلين..
بالمقابل تسيطر حالة من الارباك والخلافات الحادة اوساط قادة الاحتلال وتباين وجهة النظر في طبيعة وطريقة التعامل مع الأحداث الجارية سياسيا وعسكريا.. كما تخيم الروح الانهزامية وحالة الذعر والخوف في نفوس عناصر قوات الاحتلال والمستوطنين على حد سوا تتجلى تلك الصورة في لزوم عناصر قوات الاحتلال البقاء داخل العربات والدبابات وعدم الخروج منها أثناء محاولة عملية التقدم والتوغل داخل مناطق غزة او التمركز فيها أو الانسحاب أحيان أخرى تحت وطاة وكمائن ضربات أبطال المقاومة..
وكذلك ردود أفعال المستوطنين في الداخل الإسرائيلي المتمثلة بالاحتجاجات المعبرة عن الاستياء من مألات الأحداث ومصير الرهائن والقتلي الإسرائيلين من الجنود والمستوطنين ومغادرة الكثير منهم الأراضي المحتلة عائدين إلى بلدانهم التي أتوا منها هربا من الموت ..
كما أن الموقف الدولي الداعم دون هوادة للعدو الصهيوني الغاصب مؤشر انهزم وافلاس سياسي وأخلاقي في ضاهرة غير مسبوقة مجردة من كل القيم الاخلاقية والإنسانية بلغ حد القبح والوقاحة والعنصرية فيه لنسف كافة القوانين والاعراف والمواثيق الدولية المفترض العمل بها للحفاظ على العلاقات الدولية والإنسانية والسلم الدولي وكشف بما لايدع مجال للشك فشل المنظومة الدولية وانهيارها أمام غطرسة قوى الهيمنة والإرهاب الدولي (الصهيو أمريكي غربي) واحلال الفوضى والإرهاب محلها بهدف تدمير الشعوب واحتلالها وهو وهم لن يتحقق لقوى الاستكبار بل مؤشر انهزام لها وبداية مرحلة تحرر في المنطقة يكون على رأسها تحرر الشعب الفلسطيني وإقامة دولته على كامل أرضه… وتشكل عالم جديد لن تكون فيه أمريكا رقما منفردا بالسبادة عليه..
إن التمادي الغربي لنسف القوانين والموثيق الدولية سينعكس سلبا عليه وسيدفع للنهوض بحركة تحرر اوساط شعوب المنطقة والعالم للخلاص من الحكومات الغربية وسياساتها العنصرية العدوانية ضد الشعوب العربية والإسلامية والإنسانية عمومآ وهذا ما تحمله مؤشرات الاحتجاجات والمضاهرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني في أنحاء العالم.. بعد ان كشف الستار عن حقيقة زيف المغالطات والكذب الممنهج للإعلام الغربي في تظليل الرأي العام بمعلومات مفبركة وكاذبة حول حقيقة التعامل الإنساني لأبطال المقاومة الفلسطينيه مع المستوطنين الرهائن بشهادة المستوطنين أنفسهم..
بالمقابل بدت حقيقة الإجرام الوحشي للكيان الصهيوني واضحة للرأي العام الدولي كحرب اجرامية اكثر فاشية ونازية من الحرب العالمية الثانية_ في حربه الاجرامية الظالمة على غزة وما خلفته من دمار شامل للارض والإنسان وابادة جماعية للأطفال والنساء والشيوخ بدعم لامحدود من قبل الامريكان ومعظم الحكومات الغربية في نسف صارخ للقانون الدولي وحقوق الإنسان مهددين بذلك السلم الدولي لكل شعوب العالم …..
عبدالسلام السامعي.