عبدالحليم صبر
ـــــــــــــــــــــ
حين نمضي في رحلة الكشف عن تزيف الوعي وغياب المنطق وانهيار العقل، كما تمثلت في ردود أفعال قضية أحمد عبدالله الشيباني ــ و هي بيت تجاري معروف ــ ستظهر لنا أمثلة متفاوتة و مؤسفة لهذا الخلط الذي أصبح سائدا ومستفزاً، بين أساليب الناس في التعامل على المستوى الشخصي، و أسالبيهم في النظر إلى الامور على المستوى العاطفي المحكوم برغبات متعدده.
لكننا هنا سنكشف أيضاً أن قدرة المزيفين على الخداع وصلت إلى حد من الجرأة، بل من الصفاقة، يفوق تصور الناس بأن القضية أسرية، وأنهم ما كانوا ليبلغوا هذا المدى من التزييف لو لم يكونوا قد أعتادوا على أن الجمهور ينقاد بالعاطفة، وهذه الفهلوة، والأعتقاد بأن أية أكذوبة يمكن أن تمر عليهم، ليس إلا النتيجة الطبيعية لجو الشتات والذي أشاعه عهد لا يجعل للناس دور سوى التصفيق والتصديق.
و هذا ما حصل بعد نشر فيديو الأب ” أحمد عبدالله الشيباني” الذي ظهر فيه معترفاً عن ما يسمى ” الحروب العائلية” وهو أمرا طبيعيا يحدث في أكبر شركة العالم، لكن ما ليس طبيعاً هو شيئين رئيسيين :
ــ عدم فهم هذه العائلة للهدف الاسمى من الشركة إلى جانب الثراء، وهو دعم و تنمية المجتمع.
ــ الاستعانة بعناصر مسلحة ضد رئيس مجلس الادارة، وايقاف الشركة و السيطرة على المنازل من قبل المسلحين..وهذا منافي كل قواعد العمل وأيضاً منافي للأخلاق..
أن مستوى فهم الجميع لهذه النقطتين هو ما يهمنا في الموضوع كله.. وهو ما سنتحدث حوله.
فها هو الأب بعد سن 93 سنة، يقوم ببيع 48% من أصول شركة “نور الشيباني الدولية” لأبنته مقابل 7 مليون ومائتين الف، وبيع 48% من قيمة شركة “أوتو سيتي الدولية المحدوده” بنفس المبلغ السابق ولنفس البنت .. بينما عشر أبناء ينتظرون في الصف الاول صلاة الاستخارة.
أيُعقل مثلاً أن مثل هذه التصرفات توحى بعصر التحديث للشركة؟
أيُعقل أن مبلغ 7 مليون ريال مقابل 48% من أصول شركة، بينما القيمة السوقية تفوق العشرة مليار؟
أيُعقل أن تفكيك هذه الشركة هو لصالح الاسرة اولاً وللمجتمع ثانياً؟
أن في هذه القصة منافقين ومتزلفين قاموا بدور “الحراس عن العقل” وحجبهم الحقيقة عن القائد المتمتع بالسيادة.
والآن ، دعونا نلقي نظرة هادئة على الوجه الآخر للقضية التي يحاول اللامنطق خدشه استناداً للقاعدة الفقهية “طاعة الوالدين من طاعة الله” التي كلفة الشركة “60 مليون ريال”، واسقاطه استناداً لنفوذ البرلماني ((..)) الذي قاد معركة تحرير مصانع الشيباني مقابل استلامه المبلغ، دون مُصوغ قانوني لهذا التحرك الذي لا يحمي ولا يحافظ على ممتلكات الشركة مستخدم كل ادوات الدولة وسلاحها.
اللامنطق واللاوعي الذي يدير المشهد تلخصت أهدافه في السعي والمحاولة لتفكيك الشركة عبر أدوات من خارج الاسرة ممن تتدفق لهم الأموال من داخل الاسرة اللذين يحملون على أكتاف الماضي جثامين الانتقام الذين كانوا جزء من مأساته أذ لم يكون صانعيه، بينما كانت سياسة الشركة بقيادة أحد أفرادها منذ 20 سنة تتطالع للسيطرة على اسواق المنافسه..
تبدو القصة أمام الناس كأنها حالة تمرد الأبن على الأب، لكنها في الحقيقة أكثر من مجرد صراع، يراد به كبح أجنحة رئيس مجلس الادارة الذي قاد الشركة بالادارة والاهتمام والتركيز لصالح المشاعر الاسرية البدائية التي ستقود نجاح الشركة لتلاشي والتبخر.
…
..
.