الكاتب رامي منير
___________________________
منذ اللحظة الاولى التى تفتحت عيناي على هذا الوطن، ولم أسمع سوى هذهِ الكلمة الشيطانية، يشكوا منها كل شيء.
عندما كنتُ صغيرًا؛ مات والد صديقي،
سألته كيف مات والدك؟
-أنهمر باكياً يردد الحرب، الحرب. كنت مستاءً،
حزينٌ من أجل صديقي،
ذهبتُ الى أمي مسرِعاً، أُريد إجابات لما يدور في رأسي.
سألتها ما هي الحرب يا أمي؟ ولما قتلت والد صديقي؟
أَبَت الإجابة؛ كي لا أنزعج ولا أقلق ولا أبتئس،
واكتفت بإبتسامة وقالت: لا تحزن يا صغيري سيمر كل هذا،
ابتسامة أمي لم تكن حقيقية، ملامح وجهها ترجَمت لي كل شيء، يبدو على وجهها الحزن كانت حزينةٌ جداً،
من وجه أمي؛ أدركتُ ان الحرب سيئةٌ جدًا تقتلُ أي شيء جميل.
منذُ الصِغَر وحتى السادسة عشر، وقبح هذهِ الكلمة مازال يطاردني وكأنهُ وسادةٌ على جسدي، أدفنُ رأسي في المخدة؛ اشعر وكأنها داخلَ رأسي، ويزدادُ صوت هذهِ الكلمة علواً، وكأن صرير الأبواب وهمسات الرياحُ تردد بها.
“الحرب” اكثر كلمة أنفرها، أُردد عليها لعناتِ، حظرتها من قاموسي اللغوي، حتى حروفَ هذهِ الملعونة حُذفت من أبجديتي، ولم أراعي أي إهتمام “للحب” لكني استبدلتُ كلمات تخلوا من هذهِ الحروف.
في قاموسيّ لا وجود للحب، يوجد عشق.
دمار، خراب، هلاك، مأساة، معاناة، جوع، وباء،
كل هذهِ الكلمات مولودة هذا المصطلح الملعون “حرب”
لقد بلغ استيائي مداه حتى انني لا أسمح لاحد ان يتفوه بها امامي، سانتزع لسانهُ من فمهِ،
الحرب لعنةٌ شيطانية عصفت بنا، أجبرتنا على المشي في طرقات اليأس، محملون بالحزنُ والخوف،
إلى أين؟
نحو الموت.