لم اقرأ (كمّية) شتائم أكثر من تلك المصحوبة في تعليقات محبي الشيخ وأعضاء حزبه على المقالات والانتقادات التي وجّهت له
في الحقيقة لم اقرأ (كمّية) شتائم أكثر من تلك المصحوبة في تعليقات محبي الشيخ وأعضاء حزبه على المقالات والانتقادات التي وجّهت له، وهي في معظمها معلومات وحقائق، محفوظة في اليوتيوب أو في شرائط التسجيل كتكفيره الجنوبيين أو أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني ومطالبته إياهم بتسليم أنفسهم إلى أقرب مسجد أو حديثه اليقيني عن الخلافة الإسلامية القادمة، مثلا … مثلا…
صحيح أن هناك من يبادلهم الشتائم ولكن ما ينشرونه لا يقاس بهؤلاء الذين يدعون أنهم (مسلحون) بثقافة دينية هدفها إتمام مكارم الأخلاق!
أنا شخصيا لا أحب تبادل الصفعات سواء معي أو بين آخرين، وأحب الحوارات الهادئة مهما كان مستوى الخلاف.
وأعرف ماذا يعني أن ينبهر البعض بشخص يتكئ على خطاب ديني له أبعاد ثقافية تصل إلى مرتبة القداسة؛
كما أعرف نفسي أنا الذي تلقيت نبأ مقتل أصدقاء أعزاء بسبب هذا الخطاب الديني الشعبوي والتحريضي وتحالفه مع سلطة الاستبداد.
أعرف نفسي وقد منعت من قول رأيي أو كُفِّرت حين قلت هذا الرأي، كما أعرف عشرات من الكتّاب والمثقفين عانوا المشكلة نفسها،
أعرف كيف كان أمناء حزب الشيخ يداهمون بيوت أصدقاء في منازلهم ويعبثون بأشيائها ثم يصادرون كتبهم ويعتقلونهم في سجون الأمن الوطني.
قلنا إنّ الوحدة اليمنية فاصلة زمن وعهد جديد للديمقراطية وحق التعبير للجميع لكن هؤلاء عادوا…
أعرف أن أحزابا أخرى ما رست بعض قمع أيضا حين كانت في السلطة كحال الحزب الاشتراكي اليمني الذي مارست بعض قيادته القمع حتى مع رفاقهم، لكن الحزب انتقد ذاته وكتب وثيقة نقدية ليتجاوز فيها الماضي، فيما لم تعمل أحزاب أخرى ذلك، ولم تقدم شخصيات وشيوخ كان لهم دور في الاغتيالات والقتل والتكفير والتدمير الاعتذار للضحايا، مما يعني أننا مازلنا بحاجة إلى عدالة انتقالية تنطلق من محاكمة هؤلاء الذين أجرموا في حق الناس سواء بالأساليب المادية المباشرة أو ببث خزعبلات وأوهام فكرية أعاقت طموح الناس نحو انفتاح العقل وتمكينه لتحقيق المساواة والعدالة.
هذه الإعاقة التي من كوارثها انتشار الميليشيات المسلحة بدلا من الدولة المدنية، وتربع سلطة سلالية عنصرية في صنعاء تدعي الحق الإلهي في حكم اليمنيين الأحرار الذين حددوا مسارهم قبل ٦٢ عاما.
علي المقري