ضع اعلانك هنا

الحلم الَّذي شاخ باكرًا

( الحلم الَّذي شاخ باكرًا )

كنت أدرس الثَّانويَّة العامَّة في تعز، وأسكن مع الأستاذ المثقَّف العارف بتاريخ اليمن السِّياسي الأستاذ/ عبد الجبَّار طارش الصَّغير ( أطال الله في عمره)..
كانت أخبار تنقلات السِّياسيِّين بين الشَّطرين تتوالىٰ بسرعة لاتترك للمتابعين والمهتمِّين أن يلتقطوا الأنفاس لقراءتها، وتحليل أبعادها..
كان يرتاد السَّكن للمقيل، وأحيانًا للسَّمر والمبيت هامات وقامات من السِّياسيِّين والمثقَّفين، الَّذين دفع الكثير منهم سنوات من عمره في المعتقلات ثمن قناعات سياسيَّة ونضال وطني دؤوب، أذكر منهم الأساتذة/ منصور أحمد فارع “الشَّاجع” (رحمة الله عليه) ، وعبده قائد أحمد، ومحمد مجاهد سالم، وذالنون سعيد طه، وعبد الباري طه بالإضافة إلى الأستاذ/ ياسين عبده الصَّغير والكثير أطال الله في أعمارهم، ومن خلال السُّويعات الَّتي كنت أمكث فيها معهم، وهم يتناولون الأحداث بالتَّحليل منطلقين من ثقافة واعية، ملمَّة، ومساهمة بتاريخ حركة التَّحرر الوطني اليمني ونضالات القوى الوطنية اليمنيَّة وأهدافها، الَّتي يأتي في المقدِّمة منها تحقيق الوحدة ..
كانوا قد هيَّأوني كي أستقبل يوم إعلان الوحدة بذلك الوعي والفرح العظيم وأن أطلق العنان للأماني والأحلام ..
كنت أجوب شوارع تعز في ذلك اليوم أتفحَّص الوجوه، وأسترق بعض التعبيرات من المارَّة والجالسين والرَّاكبين وفي الأسواق.. الجميع رجال ونساء كانوا سعداء سعادة مختلفة، لم أشهدها من قيل وللأسف لم أشهدها من بعد، كانت سعادة يوم وأنطفأت ..!
كان يبدو لي أن تعز أكثر سكان اليمن سعادة بهذا الحدث، وأنَّهم كلّهم مدركين مثلي لأهميته؛ من فرط السعادة الََّّتي كانت تنبثق من الوجوه ببذخ كثير….

ولدت يا مايو وأنا في بداية الشَّباب، وشخت يا مايو ووهنت قواك وأنا ما أزال أحتفظ ببعض الشَّباب، شخت يا مايو وشاخت أمانينا العظام ..!
ماذا جرى لك يا مايو ؟ ولماذا ؟ وكيف؟

(الله لا رحمه دنيا وآخرة من كان السبب في ضياع تلك الفرصة التَّاريخيَّة للنُّهوض، وتسبَّب في انكسار حلم العصور )

نبيل شاهر الصغير

ضع اعلانك هنا