ضع اعلانك هنا

تداعي من وحي إعلان لتعليم كتابة الرواية

ريان الشيباني



“سأقدم محاضرة عن كتابة الرواية”، هكذا وبكل بساطة يُصدِّر لنا بعض المؤلفين/ المؤلفات حرفة صناعة الكتب، التي عجز عن فك مغاليقها أشخاص ذو مرسة، مثل ماركيز وكونديرا، واللذين عندما حاولا، كانا واعيين على مسألة، أنه لا وصفة يمكن تقديمها للمتطلعين الشباب، أكثر مما كتبوه من سرد.
وحتى عنواني كتابهما المعروفين “فن الرواية” و”كيف تكتب الرواية”، لا يعدو عن أن يكونا فخين، نصبتهما دور النشر، لإيقاع القارئ في أعمالهما الأخرى، خارج غواية الحكاية.
تتجرأ على كتابة سرديات طويلة، ثم إذا تمكّنت نفسيًا من العودة إلى كتابك، بعد طباعته، تقول: واو، كيف كتبت هذه الجملة، كيف بنيتها؟! لتتيح لنفسك فرصة التشكيك في إمكانياتها، كما لو أنك لا تتعرف على شيء منك، أو أن هناك سياق لا واع، كان سببًا في جملة ابتكارية، لا يمكنك اقترافها، لو أنك في وضع التمحيص الكامل.
كان ماركيز دائمًا ما يشدد على مسألة، عدم العودة إلى مؤلفك، بعد ركنه في رف المكتبة. ليس لأنك لم تغادر بعد منطقة هشاشة الكائن ومخاوفه من تكرار ذاته، لكن أيضًا هناك احتمالية إخضاع نصك المُنجَز لمنطق التطور التاريخي، فتحاول أن تحيي المؤُلِف الذي مات، وصار كتابه قصة من شأن القارئ.
يعتقد ماركيز أيضًا، أن قراءة عملك الروائي بعد إصداره، يجعلك في حالة من التحفّز الدائم، تجاه فجوات العمل، ويُنشط من ذاكرة تصويب ما تراه أخطاء. أي قد يجبرك هذا التصرف، على تعديل كتابك، ليصير شيئًا آخر. لهذا يجب على المؤلفين أن يهربوا من كتبهم، لدواعي نقصانها، أكثر من شعورهم بالزهو تجاهها، ناهيك عن أن تقحمهم في مسائل تعليم فن الرواية.
قرأت عدد لا بأس به من كتب تقنيات الكتابة، جميعها لم تأخذ بيدي، لأن الاستثناء هنا، هو القاعدة. تأتي اللغة بهيئتها السيكولوجية التي لا يمكن القبض عليها، أو وضعها في خانة “النموذج”. القاعدة بالنسبة لي وظيفية أكثر مما احتمل، بينما الاستثناء إبداعي على نحو هام. لكن هناك، في مكان ما من الكتابة، قاعدة، من المهم أن تأتي عليها، لا لتنميها، بل لتحطمها.
أكره حالة اليقين، في بناء الجملة أو النص، لذا عادة، ما أبدأ بتحقيق الانفعال في أي جملة اكتبها، قبل أي شيء آخر، بما في ذلك مسألة البناء. هل أحاضر هنا في تَعليم الكتابة؟ كلا. إنني أتحدث، عن مزاج الكاتب، بما اعتقده خروجًا عن النص.
إن مصطلح “انفعال” شيء ليس ذو قيمة، في التوصيف الأكاديمي، لأسباب كثيرة، من ضمنها أن هذا الشعور، لا يمكن تحقيقه بالقاعدة.
لذا، فإن أكثر ما يثير انتباهي في نصوص بعض الأدباء الكبار، جُملهم الحدسية، والتي تجعلني أفكر، في مسألة: كيف قالها، ثم أحيرُ جوابًا.
كما لو أن مصدر دهشتي، متحقق من الانعكاس الشعوري للنص، لا براعة الكاتب في استخدام القاعدة اللغوية أو النحوية.

ضع اعلانك هنا