د. معن دماج
كانت أزمة النمط الاقتصادي والخيارات الاقتصادية في صلب الأسباب التي قادت المجتمعات العربية إلى الثورة العام 2011 بداية من تونس وحتى مصر واليمن وليبيا وسوريا وأشكال الاحتجاج الاجتماعي في أقطار أخرى كالبحرين والمغرب، ورغم ذلك فأن القراءة التي أعطت للسياسة وللطبيعية الاستبدادية وغير الديمقراطية للأنظمة العربية ظلت هي السائدة في تفسير الثورات العربية.
ويمكن القول إنه منذ سقوط النظم الاشتراكية فيما عرف بالمعسكر الشرقي فإنه قد تراجع كل طرح جدي لنظام اقتصادي بديل للنظام الرأسمالي القائم، وحتى الأزمات التي شهدها هذا النظام مثل أزمته الكبيرة عام 2008 لم تنتج اقتراحات بديلة تتميز بالجدية والقوة السياسية وبقت أغلب الحلول المطروحة تتعلق بإصلاحات جزئية داخل النظام حتى مع اضطرار البلدان الرأسمالية الكبرى التي ضربتها الأزمة إلى اتباع سياسيات تتنافى مع كل أطرها الليبرالية ومبادئها التقليدية. (لم تكن المنطقة العربية استثناء فيما يتعلق بخطاب النيوليبرالية العالمي الكلاسيكي، الذي يقوم على الدفع بفكرة أنه لا يوجد بديل آخر. فلقد تم تقديم هذا الخطاب المتكامل مرة تلو المرة، حتى بعد أن تلقت هذه السياسات ضربة مباشرة بانتفاضات وثورات عام 2011.)[1]
غني عن القول أن الأحوال الاقتصادية في العالم العربي قد ازدادت سوءا منذ الثورات التي عرفتها، وحتى في الحالة التونسية والتي تقدم كنموذج النجاح الوحيد في المنطقة، فإذا كانت تونس قد نجت من المصير الدموي الذي حل ببلدان الثورات العربية التي قادتها الثورات المضادة والتدخل الخارجي إلى الحرب والدمار في سوريا وليبيا واليمن والى استعادة نظام اكثر قمعية وتسلط في مصر، وحققت بعض الإنجازات في المستوى السياسي على مستوى التعددية والانفتاح الإعلامي والسياسي، فإن أغلب مؤشراتها الاقتصادية أصبحت أسوأ وتفاقمت البطالة وازدادت الحياة المعيشية صعوبة.
لذا فإن الحديث عن كفاية التغييرات السياسية ومقرطة النظم بدون تغيير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى لم يعد يجد ما يسنده في الواقع.
في البداية أريد أن أشير إلى أني في ورقتي هذه وفي مقاربتي لمفهوم الاقتصاد البديل، لن انطلق من تصور اكاديمي بقدر ما أناقش وأسهم في الحوار حول البديل الاقتصادي كما يحضر في النقاش العام وفي نقاشتنا وحواراتنا الحالية ليس فقط لكوني غير مختصا في الاقتصاد ولا لكون ذلك سيكون تهورا غير محمود العواقب في حضور أساتذة مثل وائل جمال[2] وفتحي الشامخي بل لأن ذلك يساهم بطريقة أفضل في التفكّر بالمفهوم كما بالبديل المطلوب في حالة بلداننا العربية التي رغم الفروقات الكبيرة في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تتشارك أنظمة استبدادية وتهيمن عليها خيارات اقتصادية رأسمالية تابعة بقيادة طبقات مافياوية كان وجودها في سدّة السلطة الأداة الأساسية في ثروتها وهيمنتها الاقتصادية وتتحدّد مكانتها في النظام الاقتصادي أساسا بطبيعة علاقتها بالسلطة.
قبل ثلاثين او أربعين سنة الحديث عن بديل للاقتصاد الرأسمالي كان سيكون ببساطة حديثا عن الاشتراكية وغالبا عن نظام رأسمالية الدولة الموجود واقعيا في الاتحاد السوفيتي والصين وبلدان المعسكر الشرقي، ليس الأمر كذلك اليوم إن لجهة الحديث عن الاشتراكية أو لجهة الحديث عن وجود نموذج واقعي وموجود لما يظنّ أنه بديلا.
وبالعودة للحديث عن الثورات العربية التي نعيش أيام نكستها وصعود أشكال مختلفة للثورات المضادة، يمكن تسجيل ملاحظة تشابه بين الحديث عن الاقتصاد البديل وبين حديث سابق عن حل مشكلة التنظيم الثوري في خضم الثورات، والتفاؤل الساذج إذا جاز التعبير حول حله بسهولة من خلال التحركات الشعبية، نستطيع اليوم أن نلمس نفس التفاؤل الزائد والتبسيط عند مقاربة تجارب رائدة التي يمكن عدها ضمن أشكال المقاومة الاجتماعية والاقتصادية كما في تجربة قرية جمنة التونسية أو في حالات الإدارة الذاتية من قبل العمال للمصانع في مصر، نشاهد بطريقة ما عودة نفس الحالة من التفاؤل وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل والمبالغة في تقدير الأشكال التنظيمية، في لحظة من اللحظات كان الحديث أن الشكل الثوري الذي أبدعته الجماهير العربية بالأساس شكل ميدان التحرير في القاهرة أو ساحة التغيير في صنعاء، أن هذا الشكل من الممكن أن يحل مشكلة التنظيم الثوري الغائبة في الوطن العربي، مشكلة العجز عن تنظيم الجماهير ذاتيا وبشكل مستقل عن أعدائها الطبقيين وعن أعدائها السياسيين والاجتماعيين، وأن هذا الشكل الجديد يمكن أن يكون النموذج، ولفترة من الفترات كنت أنا وغيري نتشارك هذا التصور لا أقول الوهم، والتطورات التي حدثت وصعود الثورة المضادة والتي تمثلت في عودة النظام القديم بأشكال مختلفة وصعود تيارات الهويات الرجعيّة الإسلامية، أثبتت أنّه لا يمكن حل المسألة بهذه الطريقة وبهذا التفاؤل وربما بهذه السذاجة، الأمر نفسه في تقدير هذا الأشكال الجنينية والتي تمثل بالفعل موضوع للاستلهام وربما تعطي حافز وتحمس الناس، لكن هناك مبالغة كبيرة في تقدير هذه الأشكال وهناك محاولة لتحميلها أكثر مما تحتمل، وبالتالي نعود إلى نفس الأمر الفرح الشديد والتفاؤل ومن ثم الإحباط والانتكاس والعودة إلى المربع الأول.
الآن بالعودة إلى التاريخ السياسي العربي الحديث لدينا محاولات مختلفة لبناء اقتصاد جديد وفي نقد هذه التجارب تجارب حركة التحرر الوطني التي وضعت هذا المشروع بشكل ما، الذي عرف بمحاولة بناء اشتراكية عربية في بلدان مثل مصر في التجربة الناصرية أو تجربة جبهة التحرير الوطني في الجزائر وتجربتي حزب البعث في كل من سوريا والعراق، او حتى في تجربة نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية[3] والذي كان بين قوسين نظاما اشتراكيا ماركسيا ويحكمه حزب (ماركسي) ووضع على جدول أعماله وبشكل صريح تحقيق الاشتراكية وكان جزءا كاملا في المعسكر الشرقي الاشتراكي وقام بتأميم كل شيء تقريبا بما فيها القطاعات بما فيها دكاكين البيع الصغيرة وقوارب الصيادين ومع وجود حزب طليعي ومجالس شعب محلية ومليشيا شعبية إلى جوار الجيش.
ورأينا تطورات هذه التجربة و الإخفاق الشديد الذي أصابها رغم كل الوعود التي قدمتها سواء تجارب حركات التحرر الوطني او تجربة اليمن الديمقراطي، وفي تصوري إن أحد المسائل الأساسية التي تطرحها مراجعة هذه التجارب هي تقدير الوضع الدولي ووضع وإمكانيات البلدان العربية وإمكانها لطرح تنمية مستقلة، لأن المسألة التي تطرح نفسها عند كل محاولة للتنمية في هذه البلدان هي مسألة التبعية، في الحديث السائد مثلا هنا في تونس –وفي غيرها من البلدان العربية– دائما هناك إلحاح أن المسألة تنتهي بتغيير الطبقة السياسية الحالية وأنه ما إن يتم استبدالها واستبدال هذه السياسات حتى يمكن تحقيق رفاه وتشغيل مئات الألاف من العاطلين، بينما في تقديري –وهذا ربما محل خلاف دائم مع الأصدقاء التونسيين– أنه حجم البلد –تونس وأغلب البلدان العربية ربما باستثناء جزئي لمصر- لا يسمح بحلول جدية لهذه المشكلة، في ظل التبعية والتي هي مسألة هيكلية في نشوء وتكوين بلداننا العربية بشكل عام وهي لها علاقة بحجم وتاريخ بلداننا وليس فقط في طبيعة الطبقات الحاكمة والمهيمنة –إضافة إلى الطبيعة التاريخية لتكون الرأسمالية تاريخيا في مركز مهيمن وأطراف تابعة وسعي المركز الدائم لتقويض كل تطور وتنمية في الأطراف- لا يمكن أن يتحقّق فكّ الارتباط بالمركز الرأسمالي وبالتالي من دون التفكير بشكل جدي ومن ثم التّنظّم وكسر هذا المستوى القطري ومحاولة الخروج من هذه الحدود التي جعلت أغلب البلدان العربية ربما باستثناء مصر بلدان تفتقر لشروط التنمية وتفتقر لشروط السيادة وتفتقر لشروط الاستقلال!
تتعلق إذن الكثير من مسائل التنمية وتوفير شروطها بحل مسألة التبعية وحقيقة أن أغلب بلداننا تفتقر بدرجات مختلفة للاستقلال وبالتالي للسيادة على قرارها الاقتصادي كما على قرارها السياسي ما يجعل الخيارات الاقتصادية والاجتماعية السائدة والمفروضة غالبا عبر المؤسسات الدولية -البنك الدولي وصندوق النقد- تخدم دول المركز الرأسمالي وتكرس تبعية اقتصادية مستدامة وهيكلية تحرسها أنظمة وبرجوازيات ترتبط مصالحا بشكل كبير بالمراكز الرأسمالية وبدوام شكل الاقتصاد التابع وغير المستقل.
ترتبط مسألة التنمية والاقتصاد البديل بالتالي في بلداننا بما يسميه جلبير أشقر عن حق بمسألة التنمية والسيادة وهو محق ايضا في استنتاجيه (أن لا تنمية متناسقة بلا سيادة وطنية، إذ أن التنمية المتناسقة لا بدّ لها من تدعيم السيادة الوطنية من خلال تطوير متناسق للقدرات الاقتصادية للدولة النامية، الأمر الذي يستحيل بدون القضاء على تبعيتها، أي على ارتهانها غير المتكافئ بدول أخرى أكثر تطوّرا. والغاية هي أن يحلّ محلّ ذلك الارتهان التبعي ارتهانٌ متبادل ومتكافئ هو السمة الطبيعية للعلاقات الاقتصادية بين الدول الصناعية. والحال أن شرط مثل هذه التنمية هو القطيعة مع الإطار النيوليبرالي القائم على حرية التجارة وأولوية القطاع الخاص… التنمية المتناسقة تقتضي سيادة شعبية حقيقية بشكل الديمقراطية المباشرة والرقابة القاعدية على الدولة والإنتاج. ولا بدّ للأغلبية الشعبية من أن تُشرف مباشرة على التنمية بحيث تضمن تلبية هذه التنمية لحاجات عموم الشعب واحترامها لشروط الحفاظ على البيئة)[4].
عندما نفكر فقط داخل هذا الصندوق –الحدود القطرية– وبالعودة إلى تجربة الحزب الاشتراكي اليمن وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية رغم كل الوعود والإخفاقات، كان لدينا بلد بثلاثة مليون مع وجود مناطق واسعة شبه خالية من السكان وفي محيط معادي الجزيرة العربية والتي تحكمها أشدّ أنواع الأنظمة الرّجعية التي تنتمي للعصور الوسطى، ورغم اندماجه في المعسكر الاشتراكي سياسيا وعسكريا، ورغم الحديث عن إمكانية تنمية مستقلة وحتى رغم إمكانية مناقشة الأخطاء في السّياسات والخيارات، فإنّه في الواقع ترك البلد مفقّر ومتخلف اقتصاديا ولم يتم لا تصنيع البلد ولا تحديثه ولا بناء المؤسسات الحديثة التي هي بحاجة إلى تطوير اقتصادي قبل فكرة التوزيع والحديث عن كيف نوزّع ثروات هي موجودة أصلا، هذا الحجم وهذا الشكل للدولة العربيّة الحالية –مع التّسليم أنّنا مجبرين في نضالنا السّياسي الحالي أن نناضل داخل هذا الحدود الموجودة والتي رسمت بدون أن يستشيرنا أحد وأن كان لها جذور تاريخية أيضا ومع موافقتنا الأكيدة على أولويّة التغيير السّياسي– يجعل البقاء في التّفكير عن حلول في هذا الأفق ودون القدرة على تجاوزها والخروج من هذا التفكير الذاتي والحديث عن تغيير بعض السياسات من دون رؤية التوازن على مستوى العالم وطبيعة النظام الاقتصادية العالمي وتقسيم النّفوذ والمصالح الدّولية، وطبيعة التبعيّة التي ليست ذاتيّة فقط في وجود السّياسي ذاك أو الحزب الفلاني ذاك أو الطّبقة السّياسيّة المعيّنة تلك بقدر ما لديها أيضا شروطا تاريخية وشروط تجد مكانها في طبيعة النظام الاقتصادي العالمي الذي تكوّن تاريخيا.
لا شك أننا في غالبنا لا نحمل تقيما إيجابيا لتجارب دول التحرر الوطني في اليمن والجزائر ومصر وسوريا والعراق ولا لتجارب اقتصاد رأسمالية الدولة التي استلهمت من تجارب بلدان الاتحاد السوفيتي وبلدان المعسكر الشرقي الاشتراكي السابق، كما أننا نعرف المصير الأسود التي انتهت إليه تجارب الأنظمة القومية –بعثية وسواها– وتحولها بعد فقدانها لكل صلة بمشروع التحديث الفوقي التي تبنته في بدايتها إلى أنظمة عشائرية وعائلية لا تختلف كثيرا عن الأنظمة التقليدية التي رفعت شعار الصراع معها أو قامت على حسابها إلا في درجات القمع والاستبداد –والذي هو أشد في هذه الأنظمة الزاعمة للتحديث والعصرنة منه في تلك الأنظمة التقليدية- كما نعرف مقدار الأساة والضرر الذي ألحقته بفكرة الوحدة وحتى بقضية العروبة، لكن هذا لا يمنعنا من الاعتراف بأن كثيرا من القضايا التي طرحتها تلك الأنظمة لجهة استحالة توفير شروط التنمية والسيادة والاستقلال من دون إحراز شكل من أشكال التوحد القومي العربي والخروج من أسار الحدود الحالية للدولة الوطنية، وأنه دون الأفق العروبي فأننا لن نتمكن حتى من المحافظة على حدود الدولة الوطنية القعيدة والمشوهة بل أننا على الأرجح سوف نسقط في الطائفية والعشائرية.
اليوم أوّل ما يمكن مشاهدته في بلداننا مع صعود الثورات المضادة، سواء بعودة الأنظمة القديمة أو صعود الحركات الإسلامية الهوويّة والجهاديّة، هو زيادة الطّابع النيوليبرالي للخيارات الاقتصاديّة والاجتماعية للنظم حتى بطريقة أكثر تطرفا وسرعة منها قبل حدوث الثورات العربية، سياسة الخصخصة وتقليص الخدمات الاجتماعية والتّعليم والصحّة العموميّة العامّة، وسياسية تحرير وتعويم العملة والسياسات الأكثر انحيازا للرأسمال المحلي والأجنبي. وهي سياسية مطبقة على نطاق عالمي من قبل المؤسسات الدولية ف (بالرغم من أن أزمة سنة 2008 الكبرى قد فاقت أزمة السبعينيات عمقا وخطورة بكل وضوح، فإنها لم تؤدّ (أو لم تؤدّ بعد) إلى التخلّي عن المذهب النيوليبرالي الذي تسبّب في نشوبها بصورة أكثر جلاء بكثير من جلاء مسؤولية المذهب الكينزي عن أزمة السبعينيات. بل على العكس، فقد انتهز دعاة النيوليبرالية فرصة الأزمة كي يشنّوا هجمة جديدة واسعة النطاق لاستكمال فرض مذهبهم بحجة أن سبب الأزمة كامنٌ في عدم تطبيق الوصفات النيوليبرالية بصورة تامة، وأن الخروج من تلك الأزمة نحو إعادة تسريع وتائر النموّ الاقتصادي إنما يتطلّب مزيدا من الحزم في تطبيق الوصفات ذاتها). [5]
النموذج البديل
الآن إذا أتينا للحديث عن فكرة النموذج البديل والقول من قبل البعض بأن ذلك يقتضي ضربا من الطوباوية –ما يتضمن بشكل مضمر عدم إمكانية البديل الواقعي للأمر القائم والمقضي- وبأنّنا بمعنى ما طوباويون، وهو أمر دائما ما يطرح عند نقد النظام الرأسمالي القائم وهو سؤال ما هو البديل والقول أنّه لا يوجد لديكم بديلا كاملا أو نموذجا جاهزا، وهو نقد شائع وتقليدي عند الاعتراض على النظام القائم ومحاوله تجاوزه أو البحث عما هو أفضل، وأيضا في النّقد الذي يوجه لمن يطرح فكرة البديل والذي يمكن تلخيصه في أنّ حديث البديل ليس عن نموذج اشتراكي معين وعلى ميزات هذا النموذج بل حديث عن إخفاقات النموذج الرأسمالي أو عن إخفاق الأمر الواقع الرأسمالي، في تصوري أن هذه طبيعة الأمور وبالتالي لا مجال للحديث عن طوباوية، حتى ماركس لم يكتب عن الاشتراكية إلاّ أقل القليل وبعض لمحات، المهمّة القائمة كانت نقد النظام الرأسمالي القائم واستنتاج حتى بتطبيق مبادئه الأولى انه لا يؤدي للنتائج التي يزعم أنه يؤدي إليها وبالتالي هو محكوم عليه بالوصول إلى حدوده التاريخية وبأنه بالتالي يحمل بذور فنائه داخله، وبالتالي في تصوري المسألة ليست أخلاقية ولا طوباوية، المسألة هي حل مشاكل موجودة وواقعية وهي مشاكل تاريخية ومتصلة بنا نحن هنا والأن، وهي من ناحية ثانية مشكلة الرأسمالية الموجودة على مستوى العالم وبالتالي البديل لديه اسم تاريخيا وهذا الاسم هو الاشتراكية –مع كل ما يحمله هذا الاسم من دلالات نتيجة التجارب التي حملت اسمه في بلدان الاتحاد السوفيتي و بلدان المعسكر الشرقي والصين– وهناك من يعطيه اسما آخر على سبيل المثال طوني نغري ومايكل هاردت اللّذان يطلقان عليه اسم المشترك.
وبالأساس فأن مهمتنا هي معرفة ونقد وتجاوز رأسماليتنا المحليّة، هذه الرأسمالية الريعيّة والتي تقوم على نوع من العصابات المفياوية سواء التي أتى من نهب الثروة عبر العسكر أو البيروقراطية أو الأنظمة التقليدية والنّفوذ المشيخي في بلدان المشرق العربي، وطبيعة علاقتها بالنّظام الاقتصادي الدولي، نقد هذا النّموذج الواقعي، نقد رأسماليتنا التي كان يسميها الدكتور محمود عبد الفضيل برأسمالية المحاسيب[6]، ومعرفة حدودها، والفئات والطبقات المتضررة من هذا النظام الموجود -فلا يمكن الاكتفاء بمؤشرات الاقتصاد الكلي ونسب النمو التي لا تعكس حقيقة الأوضاع الاقتصادية لعموم المواطنين ويكفي أن نرى أن الثورات العربية في بلداننا بدأت في تونس التي تربعت على رأس جدول البلدان الأكثر نموا في أفريقيا لأكثر من عقد وفي مصر التي كانت التقارير الدولية تقدمها كنمر على النيل تشبيها بالنمور الأسيوية-، وبالتالي تحديد الطبقات والفئات صاحبة المصلحة في تقويض هذا النظام الذي هو معادي لمصالحها وحياتها من ناحية، ومعرفة الإمكانيات الواقعية الموجودة في المجتمع، الموجودة في مستويات الثقافة والوعي والتنظّم، وتطويرها نحو آفاق تجاوز هذا النظام التي تجد الأغلبية الشعبية أنها داخله لا تستطيع أن تجد فرصة ولا إمكانية في العيش، ولا في تطوير ذاتها ولا في تحقيق وتحرير إبداعاتها وملكاتها الإنسانية من ناحية أخرى، وبالتالي في تصوري إن المسألة تبدأ من تحليل الواقع وفهمه ونقده.
ومحاولة افتراض نموذج سواء نموذج كان موجود في الماضي –أساسا تجربة الاتحاد السوفيتي وبقية البلدان التي سميت اشتراكية- أو حتى في الحالات القريبة والتي كانت تبدو مبشرة في بلدان أمريكا اللاتينية من البرازيل إلى فنزويلا نحن نرى اليوم حدودها ونرى انحطاطها وسقوطها، كما في تجربة سيريزا في اليونان والتي رغم كل الأطروحات النّظريّة لم تستطع أن تقاوم هيمنة الاتحاد الأوربي والرأسمالية والنظام الرأسمالي واضطرت في الأخير أن تستسلم، وطبعا كانت هناك إمكانيات أخرى وأفضل، إمكانية لنقل المشكلة إلى قلب الاتحاد الأوربي وربما حتى إعلان الإفلاس أو خيارات أخرى، لكن يبقى أن الأساس يتعلق بموازين القوى داخل هذه البلدان وداخل النظام العالمي بشكل عام.
المسألة الأخيرة التي أريد مناقشتها هي موضوع الصناعة، وأنّ البديل لا يمكن أن يتحقق بدون تحديث المجتمع والتي تستلزم توطين الصناعة وتعميمها، فكرة ما بعد الصناعة لمجتمعات ما قبلها- وطبعا أصبحت هناك قاعدة واسعة للصناعة في بلدان عربية كثيرة- هي فكرة تتجاوز الواقع فنحن في بلدان فيها زراعة متخلفة وصناعات هامشية و تحويلية، ففكرة الانتقال إلى مرحلة ما بعد الصناعة بالنسبة لنا هي مسألة تمرينات ذهنيّة وليس لها أساس، وغنيّ عن القول أنّه وبالنّظر لمعرفة طبيعة برجوازيتنا أنّ دور الدولة أساسي في تصنيع بلداننا ولا يمكن تجاوزه وبالتالي فأنه (دون أن يكون هناك أرادة على ان يكون المجتمع قادرا على أنتاج الصناعة التي تنتج الصناعة التي تنتج السلع، يكون هناك مشكلة حقيقية في أي بناء صناعي)[7].
إذن نستطيع أن نرسم الخطوط العريضة للبديل الاقتصادي في تصوّري من خلال القول أنّه أوّلا بديل للرأسمالية وأنه بالتالي يحقق قلب المعادلة في مستويات الخيارات الاجتماعية والاقتصادية لمصلحة الغالبية الشعبية ومشاركتها في الإدارة الاقتصادية وتطوير أشكال الإدارة والمراقبة لمختلف مراحل الاقتصاد في الإنتاج والتوزيع.
وأنّه يقتضي الخروج من حدودنا القطريّة التي تحول بين بلداننا وبين توفير شروط التنمية وشروط السّيادة وشروط الاستقلال وهذا يقتضي ولو مرحليا تأسيس أقطاب إقليمية على الأقل كالمغرب العربي-تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا-او بعض بلدان المشرق، دون أن يعني ذلك ضرورة إحراز مقدار أكبر من السيادة والاستقلال ضمن الدول الوطنية القائمة والقضاء على التبعية والارتهان للبلدان الرأسمالية المهيمنة وما يقتضيه ذلك من تطوير قطاع الدولة والقطاع العمومي وعدم الاعتماد على القطاع الخاص المرتبط هيكليا بالخارج.
وأنه يتضمّن بالتأكيد تجاوز الأنظمة الاستبدادية وتحقيق طابع أكثر جذرية من الديمقراطية وتطوير أشكال من الديمقراطية المباشرة التي تمكن عموم المواطنين في الانخراط في تسير الشؤن العامة والمساهمة المباشرة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية وإنشاء نظام يلبي الحاجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأغلبية الشعبية ويؤمن الحاجات الأساسية لعموم المواطنين في الاقتصاد والصحة والثقافة والبيئة السليمة والصحية، وأحداث تنمية أساسها تلبية حاجات الناس لا معدلات الربح الخاص.
وأن يستطيع إنجاز مهام التحديث والعصرنة من خلال تعميم وتوطين التصنيع والصناعة والذي لا يمكن أن يحدث بدون دور رئيسي للدولة، ومن خلال الاستثمار في مؤسسات الثقافة والتعليم العموميين التي تعلي قيم العقلانية والعلمانية.
يبقى أنّ أزمة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية كانت في صلب العوامل إلى قادت إلى تفجّر الثورات العربية بداية من تونس مطلع العام 2011 مرورا بمصر وليبيا وسوريا واليمن، وأشكال الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية في المغرب والجزائر والبحرين والعراق وحتى سلطنة عمان، وأنّ كل التجارب والمؤشرات تقود إلى حقيقة فشل الخيارات والسياسات النيوليبرالية والليبرالية في تحقيق أي تنمية حقيقية وشاملة ومستدامة وقادرة على تحديث المجتمع وتوفير فرص شغل لملايين العاطلين وتحسين ظروف عيش عشرات الملايين من المفقرين، وأنّ الاستمرار في نفس السياسات والخيارات الاقتصادية والاجتماعية، بل وتطبيقها بطرق أشدّ تطرفا وتعسفا لن يقود سوى إلى مزيد تعميق شروط الانتفاضات الاجتماعية وتجذيرها.
[1] وائل جمال، اللبنات الأولى لاقتصاد بديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج-مكتب شمال أفريقيا، روافد للنشر والتوزيع، ص 3.
[2] – يمكن أن نرى تقديم لتعريف الاقتصاد البديل ومناقشة للمفهوم في بحث وائل جمال، اللبنات الأولى لاقتصاد بديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج-مكتب شمال أفريقيا، روافد للنشر والتوزيع
[3] – هناك كتابات قليلة تناولت تجربة اليمن الديمقراطية بدراسات معمقة يمكن أن نشير إلى كتاب علي الصراف اليمن الجنوبي: الحياة السياسية من الاستعمار إلى الوحدة، دار نجيب الريس، لندن، الطبعة الأولى (1992). وكتاب أحمد عطية المصري، النجم الأحمر فوق اليمن، مؤسسات الأبحاث العربية، بيروت، الطبعة الأولى (1986).
[4] – جلبير أشقر، السيادة والتنمية، سلسلة الاقتصاد البديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج، دار بدائل للطبع والنشر والتوزيع، الجيزة، مصر، 2017م، ص 11 وص 13.
[5] – المرجع السابق، ص 8.
[6] – محمود عبد الفضيل، رأسمالية المحاسيب: دراسة في الاقتصاد الاجتماعي، دار العين للنشر، الطبعة الأولى (2012).
[7] سلامة كيلة، الصناعة كأساس في الاقتصاد البديل، سلسلة الاقتصاد البديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج، دار بدائل للطبع والنشر والتوزيع، الجيزة، مصر، 2017م، ص 17.إشكالية الاقتصاد البديل في المنطقة العربية
معن دماج
كانت أزمة النمط الاقتصادي والخيارات الاقتصادية في صلب الأسباب التي قادت المجتمعات العربية إلى الثورة العام 2011 بداية من تونس وحتى مصر واليمن وليبيا وسوريا وأشكال الاحتجاج الاجتماعي في أقطار أخرى كالبحرين والمغرب، ورغم ذلك فأن القراءة التي أعطت للسياسة وللطبيعية الاستبدادية وغير الديمقراطية للأنظمة العربية ظلت هي السائدة في تفسير الثورات العربية.
ويمكن القول إنه منذ سقوط النظم الاشتراكية فيما عرف بالمعسكر الشرقي فإنه قد تراجع كل طرح جدي لنظام اقتصادي بديل للنظام الرأسمالي القائم، وحتى الأزمات التي شهدها هذا النظام مثل أزمته الكبيرة عام 2008 لم تنتج اقتراحات بديلة تتميز بالجدية والقوة السياسية وبقت أغلب الحلول المطروحة تتعلق بإصلاحات جزئية داخل النظام حتى مع اضطرار البلدان الرأسمالية الكبرى التي ضربتها الأزمة إلى اتباع سياسيات تتنافى مع كل أطرها الليبرالية ومبادئها التقليدية. (لم تكن المنطقة العربية استثناء فيما يتعلق بخطاب النيوليبرالية العالمي الكلاسيكي، الذي يقوم على الدفع بفكرة أنه لا يوجد بديل آخر. فلقد تم تقديم هذا الخطاب المتكامل مرة تلو المرة، حتى بعد أن تلقت هذه السياسات ضربة مباشرة بانتفاضات وثورات عام 2011.)[1]
غني عن القول أن الأحوال الاقتصادية في العالم العربي قد ازدادت سوءا منذ الثورات التي عرفتها، وحتى في الحالة التونسية والتي تقدم كنموذج النجاح الوحيد في المنطقة، فإذا كانت تونس قد نجت من المصير الدموي الذي حل ببلدان الثورات العربية التي قادتها الثورات المضادة والتدخل الخارجي إلى الحرب والدمار في سوريا وليبيا واليمن والى استعادة نظام اكثر قمعية وتسلط في مصر، وحققت بعض الإنجازات في المستوى السياسي على مستوى التعددية والانفتاح الإعلامي والسياسي، فإن أغلب مؤشراتها الاقتصادية أصبحت أسوأ وتفاقمت البطالة وازدادت الحياة المعيشية صعوبة.
لذا فإن الحديث عن كفاية التغييرات السياسية ومقرطة النظم بدون تغيير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى لم يعد يجد ما يسنده في الواقع.
في البداية أريد أن أشير إلى أني في ورقتي هذه وفي مقاربتي لمفهوم الاقتصاد البديل، لن انطلق من تصور اكاديمي بقدر ما أناقش وأسهم في الحوار حول البديل الاقتصادي كما يحضر في النقاش العام وفي نقاشتنا وحواراتنا الحالية ليس فقط لكوني غير مختصا في الاقتصاد ولا لكون ذلك سيكون تهورا غير محمود العواقب في حضور أساتذة مثل وائل جمال[2] وفتحي الشامخي بل لأن ذلك يساهم بطريقة أفضل في التفكّر بالمفهوم كما بالبديل المطلوب في حالة بلداننا العربية التي رغم الفروقات الكبيرة في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تتشارك أنظمة استبدادية وتهيمن عليها خيارات اقتصادية رأسمالية تابعة بقيادة طبقات مافياوية كان وجودها في سدّة السلطة الأداة الأساسية في ثروتها وهيمنتها الاقتصادية وتتحدّد مكانتها في النظام الاقتصادي أساسا بطبيعة علاقتها بالسلطة.
قبل ثلاثين او أربعين سنة الحديث عن بديل للاقتصاد الرأسمالي كان سيكون ببساطة حديثا عن الاشتراكية وغالبا عن نظام رأسمالية الدولة الموجود واقعيا في الاتحاد السوفيتي والصين وبلدان المعسكر الشرقي، ليس الأمر كذلك اليوم إن لجهة الحديث عن الاشتراكية أو لجهة الحديث عن وجود نموذج واقعي وموجود لما يظنّ أنه بديلا.
وبالعودة للحديث عن الثورات العربية التي نعيش أيام نكستها وصعود أشكال مختلفة للثورات المضادة، يمكن تسجيل ملاحظة تشابه بين الحديث عن الاقتصاد البديل وبين حديث سابق عن حل مشكلة التنظيم الثوري في خضم الثورات، والتفاؤل الساذج إذا جاز التعبير حول حله بسهولة من خلال التحركات الشعبية، نستطيع اليوم أن نلمس نفس التفاؤل الزائد والتبسيط عند مقاربة تجارب رائدة التي يمكن عدها ضمن أشكال المقاومة الاجتماعية والاقتصادية كما في تجربة قرية جمنة التونسية أو في حالات الإدارة الذاتية من قبل العمال للمصانع في مصر، نشاهد بطريقة ما عودة نفس الحالة من التفاؤل وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل والمبالغة في تقدير الأشكال التنظيمية، في لحظة من اللحظات كان الحديث أن الشكل الثوري الذي أبدعته الجماهير العربية بالأساس شكل ميدان التحرير في القاهرة أو ساحة التغيير في صنعاء، أن هذا الشكل من الممكن أن يحل مشكلة التنظيم الثوري الغائبة في الوطن العربي، مشكلة العجز عن تنظيم الجماهير ذاتيا وبشكل مستقل عن أعدائها الطبقيين وعن أعدائها السياسيين والاجتماعيين، وأن هذا الشكل الجديد يمكن أن يكون النموذج، ولفترة من الفترات كنت أنا وغيري نتشارك هذا التصور لا أقول الوهم، والتطورات التي حدثت وصعود الثورة المضادة والتي تمثلت في عودة النظام القديم بأشكال مختلفة وصعود تيارات الهويات الرجعيّة الإسلامية، أثبتت أنّه لا يمكن حل المسألة بهذه الطريقة وبهذا التفاؤل وربما بهذه السذاجة، الأمر نفسه في تقدير هذا الأشكال الجنينية والتي تمثل بالفعل موضوع للاستلهام وربما تعطي حافز وتحمس الناس، لكن هناك مبالغة كبيرة في تقدير هذه الأشكال وهناك محاولة لتحميلها أكثر مما تحتمل، وبالتالي نعود إلى نفس الأمر الفرح الشديد والتفاؤل ومن ثم الإحباط والانتكاس والعودة إلى المربع الأول.
الآن بالعودة إلى التاريخ السياسي العربي الحديث لدينا محاولات مختلفة لبناء اقتصاد جديد وفي نقد هذه التجارب تجارب حركة التحرر الوطني التي وضعت هذا المشروع بشكل ما، الذي عرف بمحاولة بناء اشتراكية عربية في بلدان مثل مصر في التجربة الناصرية أو تجربة جبهة التحرير الوطني في الجزائر وتجربتي حزب البعث في كل من سوريا والعراق، او حتى في تجربة نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية[3] والذي كان بين قوسين نظاما اشتراكيا ماركسيا ويحكمه حزب (ماركسي) ووضع على جدول أعماله وبشكل صريح تحقيق الاشتراكية وكان جزءا كاملا في المعسكر الشرقي الاشتراكي وقام بتأميم كل شيء تقريبا بما فيها القطاعات بما فيها دكاكين البيع الصغيرة وقوارب الصيادين ومع وجود حزب طليعي ومجالس شعب محلية ومليشيا شعبية إلى جوار الجيش.
ورأينا تطورات هذه التجربة و الإخفاق الشديد الذي أصابها رغم كل الوعود التي قدمتها سواء تجارب حركات التحرر الوطني او تجربة اليمن الديمقراطي، وفي تصوري إن أحد المسائل الأساسية التي تطرحها مراجعة هذه التجارب هي تقدير الوضع الدولي ووضع وإمكانيات البلدان العربية وإمكانها لطرح تنمية مستقلة، لأن المسألة التي تطرح نفسها عند كل محاولة للتنمية في هذه البلدان هي مسألة التبعية، في الحديث السائد مثلا هنا في تونس –وفي غيرها من البلدان العربية– دائما هناك إلحاح أن المسألة تنتهي بتغيير الطبقة السياسية الحالية وأنه ما إن يتم استبدالها واستبدال هذه السياسات حتى يمكن تحقيق رفاه وتشغيل مئات الألاف من العاطلين، بينما في تقديري –وهذا ربما محل خلاف دائم مع الأصدقاء التونسيين– أنه حجم البلد –تونس وأغلب البلدان العربية ربما باستثناء جزئي لمصر- لا يسمح بحلول جدية لهذه المشكلة، في ظل التبعية والتي هي مسألة هيكلية في نشوء وتكوين بلداننا العربية بشكل عام وهي لها علاقة بحجم وتاريخ بلداننا وليس فقط في طبيعة الطبقات الحاكمة والمهيمنة –إضافة إلى الطبيعة التاريخية لتكون الرأسمالية تاريخيا في مركز مهيمن وأطراف تابعة وسعي المركز الدائم لتقويض كل تطور وتنمية في الأطراف- لا يمكن أن يتحقّق فكّ الارتباط بالمركز الرأسمالي وبالتالي من دون التفكير بشكل جدي ومن ثم التّنظّم وكسر هذا المستوى القطري ومحاولة الخروج من هذه الحدود التي جعلت أغلب البلدان العربية ربما باستثناء مصر بلدان تفتقر لشروط التنمية وتفتقر لشروط السيادة وتفتقر لشروط الاستقلال!
تتعلق إذن الكثير من مسائل التنمية وتوفير شروطها بحل مسألة التبعية وحقيقة أن أغلب بلداننا تفتقر بدرجات مختلفة للاستقلال وبالتالي للسيادة على قرارها الاقتصادي كما على قرارها السياسي ما يجعل الخيارات الاقتصادية والاجتماعية السائدة والمفروضة غالبا عبر المؤسسات الدولية -البنك الدولي وصندوق النقد- تخدم دول المركز الرأسمالي وتكرس تبعية اقتصادية مستدامة وهيكلية تحرسها أنظمة وبرجوازيات ترتبط مصالحا بشكل كبير بالمراكز الرأسمالية وبدوام شكل الاقتصاد التابع وغير المستقل.
ترتبط مسألة التنمية والاقتصاد البديل بالتالي في بلداننا بما يسميه جلبير أشقر عن حق بمسألة التنمية والسيادة وهو محق ايضا في استنتاجيه (أن لا تنمية متناسقة بلا سيادة وطنية، إذ أن التنمية المتناسقة لا بدّ لها من تدعيم السيادة الوطنية من خلال تطوير متناسق للقدرات الاقتصادية للدولة النامية، الأمر الذي يستحيل بدون القضاء على تبعيتها، أي على ارتهانها غير المتكافئ بدول أخرى أكثر تطوّرا. والغاية هي أن يحلّ محلّ ذلك الارتهان التبعي ارتهانٌ متبادل ومتكافئ هو السمة الطبيعية للعلاقات الاقتصادية بين الدول الصناعية. والحال أن شرط مثل هذه التنمية هو القطيعة مع الإطار النيوليبرالي القائم على حرية التجارة وأولوية القطاع الخاص… التنمية المتناسقة تقتضي سيادة شعبية حقيقية بشكل الديمقراطية المباشرة والرقابة القاعدية على الدولة والإنتاج. ولا بدّ للأغلبية الشعبية من أن تُشرف مباشرة على التنمية بحيث تضمن تلبية هذه التنمية لحاجات عموم الشعب واحترامها لشروط الحفاظ على البيئة)[4].
عندما نفكر فقط داخل هذا الصندوق –الحدود القطرية– وبالعودة إلى تجربة الحزب الاشتراكي اليمن وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية رغم كل الوعود والإخفاقات، كان لدينا بلد بثلاثة مليون مع وجود مناطق واسعة شبه خالية من السكان وفي محيط معادي الجزيرة العربية والتي تحكمها أشدّ أنواع الأنظمة الرّجعية التي تنتمي للعصور الوسطى، ورغم اندماجه في المعسكر الاشتراكي سياسيا وعسكريا، ورغم الحديث عن إمكانية تنمية مستقلة وحتى رغم إمكانية مناقشة الأخطاء في السّياسات والخيارات، فإنّه في الواقع ترك البلد مفقّر ومتخلف اقتصاديا ولم يتم لا تصنيع البلد ولا تحديثه ولا بناء المؤسسات الحديثة التي هي بحاجة إلى تطوير اقتصادي قبل فكرة التوزيع والحديث عن كيف نوزّع ثروات هي موجودة أصلا، هذا الحجم وهذا الشكل للدولة العربيّة الحالية –مع التّسليم أنّنا مجبرين في نضالنا السّياسي الحالي أن نناضل داخل هذا الحدود الموجودة والتي رسمت بدون أن يستشيرنا أحد وأن كان لها جذور تاريخية أيضا ومع موافقتنا الأكيدة على أولويّة التغيير السّياسي– يجعل البقاء في التّفكير عن حلول في هذا الأفق ودون القدرة على تجاوزها والخروج من هذا التفكير الذاتي والحديث عن تغيير بعض السياسات من دون رؤية التوازن على مستوى العالم وطبيعة النظام الاقتصادية العالمي وتقسيم النّفوذ والمصالح الدّولية، وطبيعة التبعيّة التي ليست ذاتيّة فقط في وجود السّياسي ذاك أو الحزب الفلاني ذاك أو الطّبقة السّياسيّة المعيّنة تلك بقدر ما لديها أيضا شروطا تاريخية وشروط تجد مكانها في طبيعة النظام الاقتصادي العالمي الذي تكوّن تاريخيا.
لا شك أننا في غالبنا لا نحمل تقيما إيجابيا لتجارب دول التحرر الوطني في اليمن والجزائر ومصر وسوريا والعراق ولا لتجارب اقتصاد رأسمالية الدولة التي استلهمت من تجارب بلدان الاتحاد السوفيتي وبلدان المعسكر الشرقي الاشتراكي السابق، كما أننا نعرف المصير الأسود التي انتهت إليه تجارب الأنظمة القومية –بعثية وسواها– وتحولها بعد فقدانها لكل صلة بمشروع التحديث الفوقي التي تبنته في بدايتها إلى أنظمة عشائرية وعائلية لا تختلف كثيرا عن الأنظمة التقليدية التي رفعت شعار الصراع معها أو قامت على حسابها إلا في درجات القمع والاستبداد –والذي هو أشد في هذه الأنظمة الزاعمة للتحديث والعصرنة منه في تلك الأنظمة التقليدية- كما نعرف مقدار الأساة والضرر الذي ألحقته بفكرة الوحدة وحتى بقضية العروبة، لكن هذا لا يمنعنا من الاعتراف بأن كثيرا من القضايا التي طرحتها تلك الأنظمة لجهة استحالة توفير شروط التنمية والسيادة والاستقلال من دون إحراز شكل من أشكال التوحد القومي العربي والخروج من أسار الحدود الحالية للدولة الوطنية، وأنه دون الأفق العروبي فأننا لن نتمكن حتى من المحافظة على حدود الدولة الوطنية القعيدة والمشوهة بل أننا على الأرجح سوف نسقط في الطائفية والعشائرية.
اليوم أوّل ما يمكن مشاهدته في بلداننا مع صعود الثورات المضادة، سواء بعودة الأنظمة القديمة أو صعود الحركات الإسلامية الهوويّة والجهاديّة، هو زيادة الطّابع النيوليبرالي للخيارات الاقتصاديّة والاجتماعية للنظم حتى بطريقة أكثر تطرفا وسرعة منها قبل حدوث الثورات العربية، سياسة الخصخصة وتقليص الخدمات الاجتماعية والتّعليم والصحّة العموميّة العامّة، وسياسية تحرير وتعويم العملة والسياسات الأكثر انحيازا للرأسمال المحلي والأجنبي. وهي سياسية مطبقة على نطاق عالمي من قبل المؤسسات الدولية ف (بالرغم من أن أزمة سنة 2008 الكبرى قد فاقت أزمة السبعينيات عمقا وخطورة بكل وضوح، فإنها لم تؤدّ (أو لم تؤدّ بعد) إلى التخلّي عن المذهب النيوليبرالي الذي تسبّب في نشوبها بصورة أكثر جلاء بكثير من جلاء مسؤولية المذهب الكينزي عن أزمة السبعينيات. بل على العكس، فقد انتهز دعاة النيوليبرالية فرصة الأزمة كي يشنّوا هجمة جديدة واسعة النطاق لاستكمال فرض مذهبهم بحجة أن سبب الأزمة كامنٌ في عدم تطبيق الوصفات النيوليبرالية بصورة تامة، وأن الخروج من تلك الأزمة نحو إعادة تسريع وتائر النموّ الاقتصادي إنما يتطلّب مزيدا من الحزم في تطبيق الوصفات ذاتها). [5]
النموذج البديل
الآن إذا أتينا للحديث عن فكرة النموذج البديل والقول من قبل البعض بأن ذلك يقتضي ضربا من الطوباوية –ما يتضمن بشكل مضمر عدم إمكانية البديل الواقعي للأمر القائم والمقضي- وبأنّنا بمعنى ما طوباويون، وهو أمر دائما ما يطرح عند نقد النظام الرأسمالي القائم وهو سؤال ما هو البديل والقول أنّه لا يوجد لديكم بديلا كاملا أو نموذجا جاهزا، وهو نقد شائع وتقليدي عند الاعتراض على النظام القائم ومحاوله تجاوزه أو البحث عما هو أفضل، وأيضا في النّقد الذي يوجه لمن يطرح فكرة البديل والذي يمكن تلخيصه في أنّ حديث البديل ليس عن نموذج اشتراكي معين وعلى ميزات هذا النموذج بل حديث عن إخفاقات النموذج الرأسمالي أو عن إخفاق الأمر الواقع الرأسمالي، في تصوري أن هذه طبيعة الأمور وبالتالي لا مجال للحديث عن طوباوية، حتى ماركس لم يكتب عن الاشتراكية إلاّ أقل القليل وبعض لمحات، المهمّة القائمة كانت نقد النظام الرأسمالي القائم واستنتاج حتى بتطبيق مبادئه الأولى انه لا يؤدي للنتائج التي يزعم أنه يؤدي إليها وبالتالي هو محكوم عليه بالوصول إلى حدوده التاريخية وبأنه بالتالي يحمل بذور فنائه داخله، وبالتالي في تصوري المسألة ليست أخلاقية ولا طوباوية، المسألة هي حل مشاكل موجودة وواقعية وهي مشاكل تاريخية ومتصلة بنا نحن هنا والأن، وهي من ناحية ثانية مشكلة الرأسمالية الموجودة على مستوى العالم وبالتالي البديل لديه اسم تاريخيا وهذا الاسم هو الاشتراكية –مع كل ما يحمله هذا الاسم من دلالات نتيجة التجارب التي حملت اسمه في بلدان الاتحاد السوفيتي و بلدان المعسكر الشرقي والصين– وهناك من يعطيه اسما آخر على سبيل المثال طوني نغري ومايكل هاردت اللّذان يطلقان عليه اسم المشترك.
وبالأساس فأن مهمتنا هي معرفة ونقد وتجاوز رأسماليتنا المحليّة، هذه الرأسمالية الريعيّة والتي تقوم على نوع من العصابات المفياوية سواء التي أتى من نهب الثروة عبر العسكر أو البيروقراطية أو الأنظمة التقليدية والنّفوذ المشيخي في بلدان المشرق العربي، وطبيعة علاقتها بالنّظام الاقتصادي الدولي، نقد هذا النّموذج الواقعي، نقد رأسماليتنا التي كان يسميها الدكتور محمود عبد الفضيل برأسمالية المحاسيب[6]، ومعرفة حدودها، والفئات والطبقات المتضررة من هذا النظام الموجود -فلا يمكن الاكتفاء بمؤشرات الاقتصاد الكلي ونسب النمو التي لا تعكس حقيقة الأوضاع الاقتصادية لعموم المواطنين ويكفي أن نرى أن الثورات العربية في بلداننا بدأت في تونس التي تربعت على رأس جدول البلدان الأكثر نموا في أفريقيا لأكثر من عقد وفي مصر التي كانت التقارير الدولية تقدمها كنمر على النيل تشبيها بالنمور الأسيوية-، وبالتالي تحديد الطبقات والفئات صاحبة المصلحة في تقويض هذا النظام الذي هو معادي لمصالحها وحياتها من ناحية، ومعرفة الإمكانيات الواقعية الموجودة في المجتمع، الموجودة في مستويات الثقافة والوعي والتنظّم، وتطويرها نحو آفاق تجاوز هذا النظام التي تجد الأغلبية الشعبية أنها داخله لا تستطيع أن تجد فرصة ولا إمكانية في العيش، ولا في تطوير ذاتها ولا في تحقيق وتحرير إبداعاتها وملكاتها الإنسانية من ناحية أخرى، وبالتالي في تصوري إن المسألة تبدأ من تحليل الواقع وفهمه ونقده.
ومحاولة افتراض نموذج سواء نموذج كان موجود في الماضي –أساسا تجربة الاتحاد السوفيتي وبقية البلدان التي سميت اشتراكية- أو حتى في الحالات القريبة والتي كانت تبدو مبشرة في بلدان أمريكا اللاتينية من البرازيل إلى فنزويلا نحن نرى اليوم حدودها ونرى انحطاطها وسقوطها، كما في تجربة سيريزا في اليونان والتي رغم كل الأطروحات النّظريّة لم تستطع أن تقاوم هيمنة الاتحاد الأوربي والرأسمالية والنظام الرأسمالي واضطرت في الأخير أن تستسلم، وطبعا كانت هناك إمكانيات أخرى وأفضل، إمكانية لنقل المشكلة إلى قلب الاتحاد الأوربي وربما حتى إعلان الإفلاس أو خيارات أخرى، لكن يبقى أن الأساس يتعلق بموازين القوى داخل هذه البلدان وداخل النظام العالمي بشكل عام.
المسألة الأخيرة التي أريد مناقشتها هي موضوع الصناعة، وأنّ البديل لا يمكن أن يتحقق بدون تحديث المجتمع والتي تستلزم توطين الصناعة وتعميمها، فكرة ما بعد الصناعة لمجتمعات ما قبلها- وطبعا أصبحت هناك قاعدة واسعة للصناعة في بلدان عربية كثيرة- هي فكرة تتجاوز الواقع فنحن في بلدان فيها زراعة متخلفة وصناعات هامشية و تحويلية، ففكرة الانتقال إلى مرحلة ما بعد الصناعة بالنسبة لنا هي مسألة تمرينات ذهنيّة وليس لها أساس، وغنيّ عن القول أنّه وبالنّظر لمعرفة طبيعة برجوازيتنا أنّ دور الدولة أساسي في تصنيع بلداننا ولا يمكن تجاوزه وبالتالي فأنه (دون أن يكون هناك أرادة على ان يكون المجتمع قادرا على أنتاج الصناعة التي تنتج الصناعة التي تنتج السلع، يكون هناك مشكلة حقيقية في أي بناء صناعي)[7].
إذن نستطيع أن نرسم الخطوط العريضة للبديل الاقتصادي في تصوّري من خلال القول أنّه أوّلا بديل للرأسمالية وأنه بالتالي يحقق قلب المعادلة في مستويات الخيارات الاجتماعية والاقتصادية لمصلحة الغالبية الشعبية ومشاركتها في الإدارة الاقتصادية وتطوير أشكال الإدارة والمراقبة لمختلف مراحل الاقتصاد في الإنتاج والتوزيع.
وأنّه يقتضي الخروج من حدودنا القطريّة التي تحول بين بلداننا وبين توفير شروط التنمية وشروط السّيادة وشروط الاستقلال وهذا يقتضي ولو مرحليا تأسيس أقطاب إقليمية على الأقل كالمغرب العربي-تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا-او بعض بلدان المشرق، دون أن يعني ذلك ضرورة إحراز مقدار أكبر من السيادة والاستقلال ضمن الدول الوطنية القائمة والقضاء على التبعية والارتهان للبلدان الرأسمالية المهيمنة وما يقتضيه ذلك من تطوير قطاع الدولة والقطاع العمومي وعدم الاعتماد على القطاع الخاص المرتبط هيكليا بالخارج.
وأنه يتضمّن بالتأكيد تجاوز الأنظمة الاستبدادية وتحقيق طابع أكثر جذرية من الديمقراطية وتطوير أشكال من الديمقراطية المباشرة التي تمكن عموم المواطنين في الانخراط في تسير الشؤن العامة والمساهمة المباشرة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية وإنشاء نظام يلبي الحاجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأغلبية الشعبية ويؤمن الحاجات الأساسية لعموم المواطنين في الاقتصاد والصحة والثقافة والبيئة السليمة والصحية، وأحداث تنمية أساسها تلبية حاجات الناس لا معدلات الربح الخاص.
وأن يستطيع إنجاز مهام التحديث والعصرنة من خلال تعميم وتوطين التصنيع والصناعة والذي لا يمكن أن يحدث بدون دور رئيسي للدولة، ومن خلال الاستثمار في مؤسسات الثقافة والتعليم العموميين التي تعلي قيم العقلانية والعلمانية.
يبقى أنّ أزمة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية كانت في صلب العوامل إلى قادت إلى تفجّر الثورات العربية بداية من تونس مطلع العام 2011 مرورا بمصر وليبيا وسوريا واليمن، وأشكال الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية في المغرب والجزائر والبحرين والعراق وحتى سلطنة عمان، وأنّ كل التجارب والمؤشرات تقود إلى حقيقة فشل الخيارات والسياسات النيوليبرالية والليبرالية في تحقيق أي تنمية حقيقية وشاملة ومستدامة وقادرة على تحديث المجتمع وتوفير فرص شغل لملايين العاطلين وتحسين ظروف عيش عشرات الملايين من المفقرين، وأنّ الاستمرار في نفس السياسات والخيارات الاقتصادية والاجتماعية، بل وتطبيقها بطرق أشدّ تطرفا وتعسفا لن يقود سوى إلى مزيد تعميق شروط الانتفاضات الاجتماعية وتجذيرها.
[1] وائل جمال، اللبنات الأولى لاقتصاد بديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج-مكتب شمال أفريقيا، روافد للنشر والتوزيع، ص 3.
[2] – يمكن أن نرى تقديم لتعريف الاقتصاد البديل ومناقشة للمفهوم في بحث وائل جمال، اللبنات الأولى لاقتصاد بديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج-مكتب شمال أفريقيا، روافد للنشر والتوزيع
[3] – هناك كتابات قليلة تناولت تجربة اليمن الديمقراطية بدراسات معمقة يمكن أن نشير إلى كتاب علي الصراف اليمن الجنوبي: الحياة السياسية من الاستعمار إلى الوحدة، دار نجيب الريس، لندن، الطبعة الأولى (1992). وكتاب أحمد عطية المصري، النجم الأحمر فوق اليمن، مؤسسات الأبحاث العربية، بيروت، الطبعة الأولى (1986).
[4] – جلبير أشقر، السيادة والتنمية، سلسلة الاقتصاد البديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج، دار بدائل للطبع والنشر والتوزيع، الجيزة، مصر، 2017م، ص 11 وص 13.
[5] – المرجع السابق، ص 8.
[6] – محمود عبد الفضيل، رأسمالية المحاسيب: دراسة في الاقتصاد الاجتماعي، دار العين للنشر، الطبعة الأولى (2012).
[7] سلامة كيلة، الصناعة كأساس في الاقتصاد البديل، سلسلة الاقتصاد البديل، منتدى البدائل العربي للدراسات بالتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورج، دار بدائل للطبع والنشر والتوزيع، الجيزة، مصر، 2017م، ص 17.