عن فلسطين و طارق صالح وإليه ..
يونس عبدالسلام
قبل أيام تجرأ طارق صالح على قول حقيقة بسيطة، انتقاد الحوثي وقرصنته على السفن وتهديده للأمن الملاحي الدولي في البحر الأحمر، باسم فلسطين والانتصار لغزة .
على حسابها في فيس بوك، نشرت قناة الجزيرة تصريح الرجل، وبطريقة تهكمية تظهره كمخطئ او تحرض عليه، وبمناسبة ذكر القناة وتغطيتها مؤخرا فلن تستطيع كمشاهد التفريق بينها وقناة المسيرة الحوثية .
ليس مهما هذا، فالجميع يعرف كيف تعمل قناة كالجزيرة، الأهم مررت على تعليقات لمئات اليمنيين، الكثير من الهراء، الكثير من التهم والتخوين وتمجيد الحوثي كبطل مناصر لفلسطين والقضية الفلسطينة، وممن ! من يمنيين يفترض أنهم استوعبوا الدرس جيدا .
أستطيع أن أقول هنا أنني تتبعت كل حساب تحدث بنبرة غضب وسب وشتم، وكنت أستنتج شيئا واحدا، لا يمكن لأنصار الجماعات الدينية، باختلاف مشاربها، لمجتمع متدين عاطفي مثلها، أن تستوعب دروس الماضي وتتعلم من أخطائها .
تجر جماعة كالإخوان، منذ أكثر منذ عقود وفي عدة بلدان، حشودها نحو الموت، الانقلاب على الحليف تارة وتأييد قاتلها تارة اخرة، تاريخها قفز من تناقض إلى تناقض، وهكذا تسيرها على ما يبدو الجماعة، خلفها إرادة المال القطري وموقف قطر الذي نعرف كيمنيين دورها مع الحوثي من قبل أن يغادر صعدة، في الحروب الست ضد الحوثيين، كيف حافظت على الجماعة المارقة وساطاتها، وكيف سلمت لها لاحقا مدن البلاد، محافظة محافظة .
بالأمس كنا في نقاش حول أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة في المشهد اليمني مؤخرا، طافت كلماتنا الجميع، سلبا وايجابا، لا وجه يستطيع أن يمثل ارادة اليمني وينتصر لقهره وثأره مع الحوثيين .
حالة تماهي مخيفة، فقد الجميع البوصلة وأصبح الحوثي بطلا، من فلسطين وباسمها بمظلوميتها يواري سوءته وقبحه، أجندة عالمية لقوى ظلام وكهنوت، إعلام مناهض للجماعة داعم لخطابها في حين يفترض أن يعريه ويستشعر بخطر استغفال اليمنيين باسم قضية حساسة كفلسطين .
لام إعلام الإخوان، وقوف اليسار، نسبيا بآراء ومقالات، في صف الحوثي إبان مواجهات وانقلاب 2014، واستخدم هذه المواقف كسلاح تخوين ضد كل من يخالفه الرأي في تعز ومأرب وغيرها، والان يمارس ذات الإعلام ذات الحماقة والتضليل، بل وبامكانيات أوسع وأكبر، من الجزيرة حتى المهرية وبلقيس وسهيل والعربي ومنصات التواصل الاجتماعي .
في النقاش المذكور هنا في قاهرة مصر مع نشاطء وصحفيين من عدة توجهات، كانت الشخصية التي اخترتها بمثابة محل إجماع للكثير أو مشروع إجماع وطني لليمنيين ضد كهنوت الحوثي هو طارق صالح، الرجل الذي أرى فيه ملامح غضبنا ورغبة انتقامنا ممن أخرجنا من ديارنا وسلبنا حق الحياة والضوء وحق البقاء في وطننا، في شخصية طارق رأيت اليمني العنيد والعسكري الذي لا ينسى ثأرا، لا يغفر ولا يسامح، لا تحركه العاطفة ولا يمكن لشعارات زائفة أن تنطلي عليه، تحدثت بهذا الشكل .
أحدهم لم يوافني الرأي، تحدث عن مواقف ضعيفة للرجل، عن نقاط كثيرة، كان أهمها التردد والضعف وشيء يؤثر سلبا على شخصيته العسكرية، ربما أثر نفسي لما حدث لعمه علي صالح وله في صنعاء أواخر 2017، رأى صديقي .
رغبت في الكتابة لتوضيح الفكرة، لطرح تساؤلات، هل انعكست أحداث ديسمبر 2017 سلبا على شخصية طارق ؟ هل لم يستطع تجاوز الهزيمة واشعال ثقاب مواجهة منها ودافع معنوي له ولنا ولجميع من حوله ؟ أم هو الضغط السياسي الذي جعل الرجل مسؤلا سياسيا أكثر من كونه عسكري يعرف كيف يحارب ؟ .
أخذتني اسئلة كثيرة، أتمنى أن تكون قد مرت عليه أو روجعت من قبله شخصيا، ليدرك من خلال اجاباتها نقاط ضعفه وقوته، وحجم المهمة الملقاة على عاتقه والتي تتطلب شخصية صارمة بموقف ثابت.
شعرت بملاحظات صديقي وانا أرى من رفاق المعركة من يحاول أن يبرر لطارق صالح تصريحاته الأخيرة ويوضح موقفه من فلسطين، وكأنه اخطأ ! في حين بقيت أفكر لماذا لم يكن واضحا أكثر ويعلنها صراحة في وجه الجميع، لا مجال للمهادنة ولا لخيانة البلد وقضيتنا الأولى مع الحوثيين وخلفهم إيران ولو كان المبرر فلسطين و مواجهة إسرائيل .
كان يجب أن يقول هذا بوضوح، وكلنا خلفه، لا يمكن تقديم مصلحة الغير على مصلحة اليمن، من يحاصرنا ويقتلنا ويشردنا لا يمكن له أن يكون صادقا، ولا يمكن السماح بتمرير نوع من الخديعة والدجل واستغفال الشعب اليمني، الذي ذاق الأمرين من جماعة الحوثي، واليوم تُقدم له ليل نهار، مواد إعلامية متماهية وممجدة للجماعة، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
لم يقل هذا، مجرد تذكير بخطر الجماعة، استفز الخصوم وجيره الأصدقاء لصالح الخصم الموحد لليمنيين، الحوثي وجماعته .
ما أطلبه هنا هو عدم التوقف، الشعب يحتاج ردودا لما يحدث، عملية الاستغفال والتخدير تتم بطرق ناعمة هي أكثر خطرا وأثرا ودمارا.
ما زال في الوقت متسع أعتقد، سيادة العميد، لموقف واضح من عبث الحوثيين وجهات في الشرعية بمعركة اليمنيين، من مساومة وخيانة علنية للوطن والمعركة ومن سقطوا في سبيل مقارعة ظلم وتسلط وانقلاب الحوثي .
أصر وأتمنى أن لا يخذلني حدسي، على أن يكون طارق صالح كما يجب وحيث يجب، واضحا ومكاشفا للجميع، كآخر ما نعول ويعول عليه الشعب كله في انقاذ البلد من جماعات الإرهاب والشعارات والقضايا البعيدة عن المواطن اليمني وحلمه بحياة كريمة وحقه في العيش والعودة إلى عاصمته ومدنه .
عليه ووفقا لهذا الاعتبار كمنقذ، أن يكون بحجم التحدي، أن لا يدس رأسه في الرمل ولا يهادن أو ينافق كباقي القيادات السياسية في الشرعية، عليه أن يعرف جيدا من هو، العسكري الذي لا يعرف موقفا رماديا، لا يجيد الحياد ولا الوقوف في المكان الوسط، والا سقطت آخر بندقية في أيدينا وجرفتنا خطابات المسيرة والجزيرة ونشطاء الإخوان والحوثيين، ولن نربح غزة ولا صنعاء .