في الذكرى 21 لاغتيال جارالله عمر , الوصايا السبع للشهيد
*شهيد التسامح والسلام*
*د. عمـــر الـعودي*
في 28 ديسمبر تطل علينا الذكرى 21 لاغتيال الشخصية الوطنية الفذة و القائد الرمز ورسول السلام والتسامح الشهيد جارالله عمر الذي تلقى صدره النحيل رصاصات الغدر والخيانة وهو ينطق باخر كلماته التي صدح بها بشجاعة وكانت عالية ومدوية في وكر الثعابين واعداء السلام والتسامح والدولة المدنية والمواطنة المتساوية ، هذه القامة الوطنية التي نعيش اليوم ونحن بأمسّ الحاجة الى مثلها والى العودة الى فكره الوطني الذي يتحلى بنكران الذات والبحث عن مصلحة اليمن والشعب اليمني فوق كل المصالح الفردية والجهوية ، وواذا ما اعدنا التفكير في محنة اليمن التي نعيشها اليوم ومتى بدات فاننا سنجد ان بدايتها لم تكن المبادرة الخليجية والانقلاب على التوافقات الوطنية واندلاع الحرب في 26 مارس 2015 بل ان الماساة اليمنية قد بدات في لحظة اختراق رصاصات الغدر لصدر الشهيد جار الله عمر الذي دفع حياته ثمنا لكل القيم الوطنية التي كان ينادي بها وكان من جسد التسامح وابجديات النضال السلمي وحرية الراي والراي الاخر اضافة الى ارساء مداميك العمل السياسي بالحوار بين كافة الاطياف السياسية من مختلف المشارب الفكرية وقد كان مدافعا صلبا عن هذه القيم الاخلاقية وعن حق ابدا الراي حتى من خصوم الحزب الاشتراكي اليمني ظنا منه انهم يتمتعون بفكره السياسي الذي يتجاوز الذات والقبيلة والمنطقة والمذهب وكل هذه القيم الم تؤمن بها القوى الظلامية في الدولة العميقة التي تقف عائقا امام الدولة المدنية الحديثة لذلك فاننا اليوم وفي هذه المناسبة يتحتم علينا ان ندرك ان خروجنا من النفق المظلم لن يتاتى الا من خلال العودة الى وصايا وكتابات وافكار الشهيد جارالله عمر ونعتبر من الاخطاء ونبتعد عن النرجسية وعبادة الذات الى ان نضع مصلحة اليمن والشعب اليمني فوق كل اعتبار، لاسيما واليمن اليوم يتعرض لمخاطر التقسيم والتقاسم غير المشروع للمشاريع الضيقة المذهبية والمناطقية التي تتداخل مع اطماع دول الاقليم ومراكز النفوذ الدولية . ما احوجنا اليوم الى الاستماع الى صوت العقل وصوت جارالله عمر لإنقاذ ما يمكن انقاذه من بلدنا التي اصبحت لقمة صائغة امام مراكز النفوذ الاستعمارية من خلال اياديها الاقليمية والمحلية.
فيما يلي أنقل لكم الأهداف التي تضمنتها الكلمة الأخيرة للشهيد جار الله عمر،
تضمُنها “سبع” وصايا هامة وجوهرية لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية
أنّ هذه “الوصايا” السبع المُعمدة بدمه الطاهر صالحة لتكون قواسم مشتركة يلتقي عليها اليمنيون كافة على طريق إعادة اليمن إلى المسار المستقيم .ابتداء بالخروج من هذه الحرب التي تطحن الأرض والنَّاس منذ ما يزيد عن تسعة اعوام.
*أولاً* : إن الديمقراطية ضرورية لأي حزب كي يتجنب الصراعات الداخلية كما هي ضرورية لتجنيب الأوطان آثار التشظي والتفتت وويلات العنف والحروب الأهلية.
*ثانياً* : إن الديمقراطية منظومة متكاملة لا تتجزأ أساسها المواطنة المتساوية واحترام العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين وصيانة الحريات والحقوق الأساسية دونما تمييز لأي سبب كان والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية وعدم الاكتفاء من الديمقراطية بالتسمية ومظاهر الزينة الخارجية.
*ثالثاً* : إن جمهور المواطنين يحتاج على الدوام إلى تأمين حد أدنى من المساواة في الفرص لتأمين لقمة العيش وقدرا من العدالة والخدمات الاجتماعية المتاحة للجميع.
*رابعاً* : إن تأمين السيادة الوطنية يقتضي توازن المصالح بين الفئات الاجتماعية والمناطق المختلفة للبلاد بهدف سد الثغرات التي يمكن للقوى الخارجية المعادية النفاذ منها للانتقاص من هذه السيادة. ولقد نجحت اليمن في تحقيق السلام مع جيرانها بعد حل الخلافات الحدودية، ونحن نبارك ذلك ونؤيده، وهي تحتاج كذلك اليوم للسلام مع نفسها بهدف خلق جبهة داخلية متماسكة تصون سيادة الوطن وتسخر كافة الجهود والموارد لتحقيق التنمية بدلاً من شراء الأسلحة.
*خامساً* : إن تقوية النظام السياسي للبلاد يفترض وجود معارضة قوية مستندة إلى مجتمع زاخر بالحراك والفعالية والمنظمات الأهلية المستقلة بعيداً عن السيطرة الرسمية وبالصحافة الحرة المؤثرة والإبداع الحر ولا شك أن قيام اللقاء المشترك يشكل خطوة على هذا الطريق بعد أن أصبح اليوم إحدى حقائق الحياة السياسية في اليمن.
*سادساً* : إن التجربة الديمقراطية في اليمن قد بلغت درجة من الركود والشيخوخة المبكرة وهي تحتاج إلى إصلاح سياسي واسع وشجاع حتى تعود إلى شبابها، كما أن اليمن بحاجة إلى مجلس نواب يمثل اليمن بكل فئاتها الاجتماعية ومصالحها المختلفة ويضم بين صفوفه خيرة العناصر والقيادات الاجتماعية والسياسية والعملية في البلاد، مجلس نواب يشبه اليمن بتنوعه وعظمته ووحدته وتعدد تياراته الفكرية والسياسية.
*سابعاً* : إن اليمن بحاجة ماسة إلى تسريع الخطى في طريق التحديث من خلال سياسة شاملة تؤهلها للالتحاق بركب العالم المعاصر وتجعل منها إضافة نوعية إلى أي تجمع إقليمي تلتحق به ويتطلب ذلك جملة من الإجراءات والقوانين الثورية بما في ذلك التصدي لثقافة العنف ومنع الثارات والإسراع في إصدار قانون ينظم حيازة وحمل السلاح ومنع المتاجرة به بدلاً من قانون منع المظاهرات الذي يعرض على البرلمان في الوقت الراهن، وهو قانون مناهض للعصر والديمقراطية، وينبغي لكل دعاة التقدم والديمقراطية التصدي له بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية.