ضع اعلانك هنا

القوميه اليمنية في القرآن حقيقة ثابتة ،، (مقال بحثي) 

القوميه اليمنية في القرآن حقيقة ثابته

،، (مقال بحثي)

 

 

 

مصطفى محمود

 

ما ان يقيم الاقيال فعاليه معينه مثل يوم الوعل او يوم المسند بهدف احياء الهويه القوميه اليمنيه يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، وما يشيع لدى بعص رجال الدين وعامه الناس وبعص خاصتهم ، أن الأسلام من حيث هو دين ودعوة سماوية عالمية شاملة، يقف تجاه ” الهويه القومية ” على طرفي نقيض ، وأنه يدحضها ويحذر منها ويمنع دعواها. ولكن ما أبعد هذا الظن عن الحقيقة الأسلاميه، وماكان للأسلام وهو الذي شمل الظواهر الكونية والتاريخية والاجتماعية أن يتنكر لظاهرة تاريخية اجتماعية إنسانية كالهويه لقومية. لها جذور متأصلة في واقع البشر وتاريخهم وتكوينهم وطبيعتهم .

وأعنقد أن النصوص القرآنية الواضحة والقاطعة بهذا الصدد هي التي يمكن أن تحسم الجدل حول هذا الموضوع ، الذي دار حوله خلاف كبير وخطير في الحياة اليمنيه الاسلاميه ومازال يثير الخلافات والمشكلات ويعرقل سير هذه الأمة في طريق استعادة هويتها والتطور السليم .

 

فلنبق إذن مع النصوص القرآنية حول هذا الموضوع ولنسر معها في مقاربتها لهذه الحقيقة الانسانية لنتبين حقيقة الموقف الاسلامي من المسألة القومية . النهج الواقعي في الاسلام : ينطلق القرآن بمنهجه الواقعي في النظر إلى الشؤون الكونية والطبيعية والانسانية ، من حقيقة تقرير التنوع و التعدد والاختلاف في واقع البشر فيقول .

(ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم والوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين ) [الروم- 122 ] .إذن فمن آيات الله البينات التي لابد للمسلم أن يتقبلها ويؤمن بها اية اختلاف ألسنة البشر وألوانهم واختلاف الألسنة يعني بطبيعة الحال اختلاف الثقافات ، وبالتالي اختلاف القوميات والاداب والفنون والفلسفات، باعتبار الثقافه هي الوعاء الحاوي لذلك كله والمؤثر فيه تأثيرا نوعيا و عضويا، فالقوميه ليست مجرد شعارات – كما أثبتت الدراسات الاجتماعيه الحديثة- وإنما هي حقيقة نفسية و عقلية تسم كل ماهو خصوصيه بها بميسمها وتطبعه بطابعها. والقرآن الكريم ذاته يقرر مدى عمق البعد اللقومي اليمني عندما يقول في آياته (أهم خير أم قوم تبع)الحشر [ ص: 135 ] لنتأمل في صفتي القرآن هنا والترابط بينهما، أي بين هاتين الصفتين .فلقد اختار الله ، من بين كل الاقوام(قوم تبع) ليكون نموذج الحقيقة الالهية الكونية القرانية الى الانسانية كلها ، ولابد إن ذلك تم لحكمة تتصل بطبيعة الرباط الوثيق بين الحقيقة القرآنية والحقيقة القوميه في والتركيبه الاحتماعيه اليمنيه وإعجازها وقدرتها على تجسيد هذا النموذج… وحدها القوميه اليمنيه بين مختلف القوميات البشريه جاء القرآن يحكم الاندماج العضوي بين حقيقته الآلهية وذكر القوميه اليمنيه ( قوم تبغ)

 

بحيث جاء ذكر القوميه اليمنيه ، كطبيعة ثابته في اليمنيين مع طبيعة القرأن الالهية المطلقة واصبح وصفها بالكمال الخيري [ أهم خير ام قوم تبع] مقترنا بوصفة “الخير ” . بل ان هذا الوصف القومي لطبيعة اليمنين يأتي ملتصقا بالقرآن بعد الخير والكمال، ولموضع كل كلمة في الإعجاز القراني حكمة وغاية- وكأن القوميه اليمنيه كصفة من صفات القرآن الجوهرية، جزء مكمل لقوانينه واحكامه؟ و إذا كان الوحي او الروح القدس . هو الوسيلة الألهية التي اوصلت القرآن من الله إلى الرسول ، فإن القوميه اليمنيه ، ستبقى بعد توقف الوحي وختام النبوة ، هي الصفه الالهية التاريخية الدائمة والمستمرة لتكون الحقيقة إلى سائر البشر فهي تصل الآن، الئ اينما يصل القرآن وتعاليمه إلى كل عقل بشري ،فالقوميه اليمنيه إذن- هي من صميم القرآن مرسله إلى كل عقل،وباقيه ببقائه والخالدة بخلوده وهذه حقيقة ملزمة لكل مسلم صادق مؤمن مخلص ، يمنيا كان ام عربيا أم غير عربي ، إذ لا يمكنه ان يتقبل القرآن من حيث هو كتاب إلهي ويصد عن اية( اهم خير ام قوم تبع) فهذه الصفة الثابتة نص قرآني ملزم لأعتقاد المسلم ، أيا كانت لغته ، وقوميته ، بحيث يصدق الحكم القائل إن مودة المسلمين و العرب لليمنيين من دلائل حسن إسلامهم ، وعدم طاعتهم لليمنيين مدعاة للظن في صدق ما يعلنون من إسلام . وهذه حقيقة يؤكدها التاريخ العربي- الاسلامي على ضوء بعض رجال الدين و السلالات المتورده واليارات الاسلاميه التى بدأت بالطعن بالاقيال وستنتهي بانحراف تعاليم الاسلام ومقاصده الساميه وتشويهه سوى كان جهلا منها ام هدفها البعيد في نهاية المطاف .

ـ،

اختلاف الالوان :

أردنا من هذا الاستطراد تبيان الصلة العضوية الوثقى بين الحقيقة والقوميه اليمنيه التي تتجسد فيها تلك الحقيقة، سواء كانت حقيقة كونية إلهية أو حقيقة إنسانية كونية، من منطلق الإشارة القرآنية إلى اختلاف القوميات ، وتطبيق ذلك على الايه القرآنية بشأن صفة القوميه اليمنيه ومدى عمقها ومغزاها من حيث ءكر الوحي القرآني للقوميه اليمنيه دون سائر القوميات .

 

أما ” اختلالف الألوان ” فهو تقرير لحقيقة وجود العروق والأجناس التي يتكون منها الجنس البشري. ومن العروق والأجناس تتفرع القوميات المختلفة بهوياتها المتعددة ، فكل قومية في التحليل النهائي هي جنس معين بثقافه معينة وهذا ما عنته الآية بعبارة. ) واختلاف ألسنتكم و ألوانكم ( . ويجدر بنا أن نلاحظ أن هذا ” الاختلاف ” في الآية المذكورة من سورة الروم ، يوازي في أهميته آية خلق السماوات والأرض التي هي من أعظم آيات الله ، واكثرها استمرارا وديمومة وأعظمها في التدليل على براعة الخالق ، حيث يسير التقرير القرآني على النحو الآتي . ) ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف السنتكم وألوانكم … ( ” الآية “.

فهذا (الاختلاف الثقافي القومي) إذن ليس بالظاهرة اليسيرة التي نمر بها مرور الكرام ونغفلها أو ننكرها. وكيف نتستطيع وهي تلي آية خلق السماوات والأرض- في صلب المنطوق القرآني الالهي- وتستمد منها أهميتها ، بل وبقاءها واستمرارها في واقع البشر ما دامت السماء وما دامت الأرض .

و هذه اللمحة القرآنية تتوافق الى حد بعيد مع ما قاله مفكرو القومية المحدثون من أن القومية ليست مرحلة عابرة في التاريخ ، وانما هي ظاهرة من ظواهره الباقية كيف لا وهي فى مفهوم القرآن الكريم آية كآية خلق السماوات والأرض، يدعو الله البشر جميعا إلى التأمل فيها حيث يتبع ذكرها بقوله. ) إن في ذلك لآيات للعالمين ( وهذا ما يدعو للتعمق في تقديرها كغيرها من حقائق الخلق . فكيف يستطيع منكرو الحقيقة القومية من المؤمنين بالدين اغفال هذه الدعوة القرآنية الصريحة والاصرار على رفض القومية باعتبارها منافية للدين؟ وأي دين هذا الذي ينكر الحقائق البشرية الأساسية ولا يتعاطى معها ؟

إنه ليس الاسلام قطعا… فالاسلام اعترف بالحقيقة الجنسية لدى الذكر والأنثى ووضع من التشريعات والأخلاق ما ينظمها لا ما ينكرها ويرفضها كما فعلت الرهبنة المسيحية .

ولقد اعترف بنزوع النفس البشرية إلى التملك ، فنظم الملكية في حدود المنفعة العامة ولم ينكرها كما فعلت الشيوعية .

ولقد شجع الاسلام ظاهرة الترابط والتكافل العائلي فرعى الأسرة كظاهرة اجتماعية وإنسانية ايجابية، ولم يدع قط الى التحلل منها كما فعلت الأفلاطونية والبوهيمية.

فاذن على ضوء تعاطي الاسلام الايجابي مع كل هذه الظاهرات الفردية والجماعية لماذا يصر بعض رجال الدين على محاربة الاقيال والتحريض عليهم وتكفيرهم ومعارضة فعاليتهم و القول بأن الاسلام يرفض الظاهرة القومية؟

أليست الظاهرة القومية حقيقة اجتماعية اكبر من حقيقة العائلة والعشيرة؟ فكيف يرفض الاسلام الظاهرة الأكبر ويقبل الظاهرة الأصغر؟ أليس انتماء الإنسان إلى قوم يوازي أهمية انتمائه إلى اسرة ؟ ثم كيف يعترف الاسلام بملكية الانسان لمال وعقار ويراعي ميله النفسي لهذه ه الملكية ، ولا يعترف بملكية الإنسان لوطن قومي و لا يراعي ميله النفسي للانتماء إلى أهل هويته ولونه في حدود هذا الانتماء وأبعاده النفسية والاجتماعية والثقافية ؟

الاجابة على هذه الأسئلة لا يتركها القرآن معلقة ، بل نجد تواترها في آيات كريمة أخرى ، كلها تربط الحقيقة القومية بحقائق الحياة الكبرى والدائمة والثابتة .

قال تعالى : ( يا ايها الناس ، إنا خلقناكم من ذكر وانثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ سورة الحجرات /13 ] .

 

موطن الخطأ :

فحقيقة انقسام البشر إلى شعوب وقبائل أي حقيقة الرابطة الاجتماعية تتنوازى في هذه الآية مع حقيقة انقسام الجنس البشري إلى ذكور واناث ، أي الحقيقة الجنسية النتاسلية العانلية. وكما أن الله خلق ” الثنائية ” بين الذكر والأنثى لحفظ النوع البشري من خلال التزاوج والتناسل فانه خلق التعددية ” بين الشعوب والقبائل لتيسير غاية الانتماء الفردي للانسان الى جماعة طبيعية تحميه وتنمي شخصيته، ثم لتحقيق غاية ” التعارف ” بين مختلف الجماعات في إطار الرابطة الانسانية والرابطة الالهية حيث يتقرر التمايز والتفاضل بين جماعة وأخرى بمدى اقترابها من المثل العليا. فيكون الخالق قد أوجد تعددية الشعوب والقبائل ، بحكمة منه- وفعل ” جعلناكم ” فعل إلهي لا راد له- لتحقيق التعاون الانساني (تعارفوا)، ثم التنافس بدل الحروب والنزاعات – في الهدف السامي ، هدف السبق إلى المثل العليا . ) إن أكرمكم عند الله أتقاكم (.

 

وهنا أيضا نجد الاتفاق ماما بين هذا التصور القرآني للعلاقات القومية وللتعامل بين القوميات ، وبين التصور القومي الأنساني الذي يدعو الى أن تكون العلاقات بين القوميات إنسانية وتعاونية وتنافسية في مجال الخير والقيم ، وهذا ما تدعو إليه القومية اليمنيه اقيال ـ انسجاما مع جوهرها الروحي السماوى ، بعكس بعض الدعوات القومية الهاشميه العنصريه الأستعلائية والعدوانية التي تدينها مختلف الأديان و الفلسفات والشرائع ، والتي يحق لرجال اىدين أن يرفضوها وحدها ويستاصلون جذورها من اليمن

 

وليس مخاربة القوميه اليمنيه اقيال.. الذي يشير اليها ولمثاها الآية الكريمة التي استشهدنا بها من سورة الحجرات . ولعل مرجع الاشكال القائم بين الدينيين والاقيال ، أن بعض مثقفي القومية اليمنيه تحدثوا عنها باعتبارها ” عقيدة “، فقالوا “العقيدة القومية”. وهنا موطن الخطأ. فالقومية ليست عقيدة لا بالمعنى الديني ولا الفلسفي، وانما هي حقيقة اجتماعية تعبر عن ظاهرة جماعية لمجموعة من البشر تربطهم الثقافة والأرض والمصلحة والشعور والماضي المشترك والمستقبل الواحد.

والأقرار بوجود هذه الجماعة وحقها في العيش المشترك هو بمثابة التسليم بحقائق الأشياء في الحياة البشرية كحقيقة الجنس ، وحقيقة التملك والعائلة.. الخ ، ولا يمثل ” عقيدة ” ترقى إلى مستوى الدين والفلسفة .

ومن حق كل جماعة قومية ، بعد الاقرار بوجودها ، أن تعتنق من العقائد والفلسفات والنظم ما تراه حقا ومتلائما مع روحها وطبيعتها.

 

بين القومية والعقيدة :

والدليل على الفارق بين ” القومية ” و ” العقيدة ” في التاريخ ، أن قوميات عديدة غيّرت عقائدها من وثنية الى سماوية ، ومن رأسمالية الى اشتراكية ، ومن روحية إلى مادية دون أن تفقد صفتها القومية، وان تشيعت بروح العقيدة .

فالأمة اليونانية هي الأمة اليونانية في عهدها الوثني والفلسفي وفي عهدها المسيحي، والأمة الألمانية هي الأمة الألمانية في قسمها الشيوعي وشطرها الرأسمالي، لا يلغي التقسيم العقاندي القائم حاليأ حقيقتها القومية الثابتة . والأمة الروسية هي .. هي في عهدها المسيحي القيصري وفي عهدها المادي الماركسي .. الخ .

ومن ناحية أخرى فان انتشار عقيدة عالمية بين قوميات مختلفة لا يصهرها في بوتقته فالأمة الأمريكية مسيحية والأمة الحبشية مسيحية ، ومن الصينيين بوذيون ومن الهنود بوذيون ولماذا نذهب بعيدا : هل استعربت تركيا وإيران وباكستان وأندونيسيا والبانيا باعتناقها الاسلام؟ أم هل قاربت العقيدة الماركسية بين القومية الروسية والقومية الصينية والحال بينهما على مانراه من مجابهة ونزاع ؟.

وأصحاب الرأي من رحال الدين الذي ينكر كل هذه الحقائق ، ويرى أن الاسلام يتفرد بين الأديان والدعوات بالعمل على خلق ” أمة ” إسلامية واحدة تصهر القوميات وتلغيها، يستشهدون بالآية ( إن هذه أمتكم أمة واحدة ، وانا ربكم فاعبدون ) – [سورة الأنبياء/ 92 ] .

ولمناقشة هذا الأمر، يتطلب البحث دراسة اخرى ، للتمييز بين ثلاثة مفهومات للأمة وردت في القرآن الكريم مختلفة ومتباينة ، لايسع تفصيلها المجال المحدد لهذه المقالة .

ويكفي ان نلاحظ أن القران الكريم استخدم تعبير ” امة ” حتى بالنسبة لجماعات الحيوان والطير حيث قال : ( وما من دابة في الأرض ، ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم امثالكم ، ما فرطنا في الكتاب من شيء ( [ سورة الأنعام/ 38 ] .

وهذا يدل على خصوبة المفهوم القرآني لمصطلح ” أمة ” ولا يقصره على فهم واحد بعينه لمدلولها كما يذهب دعاة الأممية الدينية .

ومن تأمل في هذه الآية يرى أن تعدد الأنواع حقيقة ثابتة يؤكدها القرآن ليس على صعيد البشر فحسب ، و إنما في الطبيعة أيضا، مما جعل التعدد القومي إمتدادا لتعدد طبيعي وكوني أشمل . والى مزيد من الحوار في مقاله قادمه

 

مصطفى محمود اليمن .

ضع اعلانك هنا