للشعوب ذاكرةً اقوى …
المناضل / محمد سعيد عبدالله (محسن)
الشعوب تعلمنا دائما وأبداً أن القادة هم اولئك الذين يتركون بصماتهم المضيئة في حياة شعوبهم بتضحياتهم وعطائهم وانجازاتهم لصالح شعوبهم وأوطانهم ، هذا العطاء لا يمكن لعاقل سوي آي كان نسيانه أو نكرانه لأن ما قدموها من إنجازات تجد تعبيراتها على الأرض وفي حياة الناس .. وحدها هي من تدافع عنهم على مر الزمان مهما حاول البعض التطاول والافتراء والتشويه بهدف طمس الحقائق في ظرف سياسي ، فذاكرة الشعوب هي أقوى من أية ذاكرة ، كل ما قدمه وفعله هذا الإنسان او ذاك موجود على أرض الواقع ، في ذات الوقت ليس بمقدور أحد منح أحد شيء لم يكن من صنعه أو له يدا فيه أو يمنحه تاريخ ليس تاريخه لمجرد رغبات نفر قليل من الناس أما لرابط سياسي أو حزبي أو أسري وقبلي أو مصالح ، فالتاريخ لا يكتب على أساس رغبات وقناعات شخصية من هذا الشخص أو ذاك يفصلها صاحبها كما يريد أو أن يحدد فيه موقفه وحكمه على هذه التجربة أو تلك على هذا الإنسان او ذاك من واقع تقيمه واستنتاجاته الشخصية ، التاريخ يكتب مبني على وثائق ووقائع وحقائق وأحداث يعتد بها ، كما أن تقييم الماضي لا يبنى على أساس رؤية وواقع اليوم بحساباته المختلفة وإنما على أساس الزمان والمكان بكل تداخلاته المختلفة وطنيا وإقليميا ودوليا.
الحنين إلى الماضي
– من حق أي شخص الحنين الى الماضي السياسي وتفسيره حسبما يريد على أنه ينبغي توخي الدقة والأمانة التاريخية عند تناول الماضي وإلا تحول مثل هذا الحنين الى نوع من الاحتراف السياسي والكذب والتشويه للتاريخ ورموز وأشخاص وهذا ليس من حقه ، اي أنه ينبغي عدم تجاهل الحقائق والوقائع حتى يتثبتوا إنهم اوفيا لزملاء الأمس بحيث تجعلهم يتناسوا او يقفزوا على تلك الأفعال والمواقف التي حدثت أو ارتكبت ، فمن يكتب التاريخ ينبغي ان يكون صادقا أولا وأمينا مع نفسه بعيدا عن عقلية وثقافة ( الأنا ) وما يرمي إليه من أهداف إما بإعادة الاعتبار السياسي لماضي معين يعتبر نفسه جزأ منه أو لتحقيق هدف مستقبلي يريد الوصول إليه متناسيا أن التاريخ هو أجيالا متعاقبة ..فما يخفيه اليوم سيجد من يكشفه غدا بعقلية ونفسية وذهنية مختلفة تماماً عن الفترة التي تحدث أو كتب عنها ستكون الظروف والاعتبارات والمصالح قد اختلفت وتغيرت.
– يتناول البعض أحداث الأمس من منظار اليوم مع الأسف وبعضهم تناولها بجهالة لأن بعضهم لم يعيش تلك الفترات والمراحل ، ربما سمع أو قرأ عنها من هناء وهناك ، وأخر كان لازال في ظهر ابيه او طفلا في المدرسة وأخر يتناولها بخلفيته وثقافة الانتماء الحزبي القديم بصراعاته ورواسبه التي لم يستطيع تجاوزها بقيت معشعشة في عقله تبين ذلك من خلال ما رواها بعضهم من وقائع تواريخ وأحداث تدل على جهالة تامة .
الافتراء على التاريخ
– تناول وتقيم الأحداث الصغيرة والكبيرة , المحزنة والمفرحة التي حدثت منذ (ثورة26 سيبتمبر62 م و14 اكتوبر63 م) وفي مقدمتها الأزمات والصراعات والكوارث والحروب التي حدثت في طول اليمن وعرضها بكل ما تركته من الآلام والمآسي والأحزان لا زال أنينها ملازمة دون التطرق لدور الأطراف اقليميا ودوليا فيما جرى ويجري اليوم وأثر ذلك على اليمن واليمنيين ، إن تناول ذلك بسطحية يعني المداهنة لتلك الأطراف و الهروب من وضع النقاط على الحروف أمام هذا الحدث أو ذاك سلبا وإيجابا بمنهجية ، كما أن عدم الرجوع الى قرارات الهيئات والمؤسسات الرسمية والمؤتمرات الحزبية وإغفال دور الأفراد الأوائل من خلال العودة الى المحاضر والوثائق التي هي وحدها تضع النقاط على الحروف تبين ما داخل (الصرة) تفضح وتعري من يحاولون الافتراء على الافراد والتاريخ .
تعميق الوحدة الوطنية
– إن التنقيب وجمع الوقائع والحقائق والوثائق والأدلة والقرائن بهدف البحث عن الحقيقة من أجل حوار فكري داخلي يظهر الحقيقة يخدم ويعمق الوحدة الوطنية الداخلية للمجتمع يبرز المواقف بروح مسئولة بحيث يعطي للهيئات حقها سلبا أو ايجابا وللأفراد ما لهم وما عليهم دون تحامل او تكييف أو توظيف سياسي كما يجري اليوم في بعض القنوات والصحف لأهداف سياسية وجهوية ومصالح أنانية ضيقة هو الأساس حيث ينبغي أن لا يغيب عن بالنا بأننا في بلد مثقل بالجراح ومتخلف (متقلب المزاج عند الناس) وحتى يحدث العكس فنحن بحاجة الى تثبيت تقاليد مبنية على قواعد وقيم وثقافة وطنية راسخة ، كي تساعد على التغلب على الفقر والأمية ورفع مستوى العلم والمعرفة في حياة الناس ، نحن بحاجة الى التضامن والتكافل والصبر وعدم المراوحة أو جرح الواقع لمجرد الرغبة التي لا تستند على واقع مادي ملموس.
– المسؤولية الوطنية والأخلاقية تتطلب تقيم الماضي بأمانة وبالنظر للمستقبل الذي يخدم الوحدة الوطنية والاستقرار وأمن المواطن والوطن وتحسين المستوى المادي والروحي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي يحقق ويرسخ قيم حضارية وإنسانية متكاملة على صعيد الوطن كله أي أن يكون التقييم في خدمة المستقبل وليس العكس ، فما حدث ويحدث من صراعات متواصلة حتى اليوم عرقل مسيرة التقدم والتطور ، فالمشكلات الداخلية الأمنية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لازالت تفعل فعلها فالجهوية والقبلية والسلالية والمذهبية وشمال جنوب وثقافة الكراهية تفعل فعلها دون أن نلتفت الى ما يحدث في العراق من مآسي اليوم.
تصفية الحسابات
– أطراف وقوى معروفه لها أجندتها الخاصة وتعمل وفقا لأجندتها مستغلة الانفلات الأمني والأوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية الصعبة والبطالة المتزايدة لتوظيف اليمنيين ليس للقضاء على البطالة ولكن من أجل القضاء على بعضهم البعض ، فاليمن اليوم تعيش أزمة خانقة تهدد بالانفجار والتشظي وتعمل اطراف مختلفة على تصفية حساباتها داخل اليمن كما تجري تصفية حسابات لثأرات سياسية وشخصية بين أصحاب المصالح والنفوذ من اليمنيين غير أبهين أو مكترثين بأمن واستقرار ومصالح اليمن واليمنيين.
– ما يجري اليوم منذ انتهاء مؤتمر الحوار الوطني من محاولات حثيثة مغلفة للالتفاف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بطرق ملتوية بالمراوحة تارة وبافتعال المشكلات والقضايا تارة أخرى كل ذلك حتى لا ترى هذه المخرجات النور كما حدث لوثيقة العهد والاتفاق التي وصفها بعض من الموقعين عليها وفي مقدمتهم الرئيس السابق بوثيقة الخيانة بعد انتصاره بحرب صيف 94 م . هناء نضع سؤلا. هل يعقد اليمنيون المؤتمرات لأشهر وينفقون المليارات ويخرجون بقضايا تخدم اليمن واليمنيون وقبل أن يجف الحبر تنتج الأزمات فيعود الناس الى نقطة الصفر وإلى المربع الأول كما حدث بالأمس القريب .؟