نبيل سبيع
ما حدث في ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣، كان هبة شعبية نظيفة وطاهرة من تدخلات الحكومة والأحزاب والقوى الداخلية والخارجية بمختلف مسمياتها. وهي تقريباً أول هبة شعبية تقوم في وجه الحوثي منذ إسقاطه الدولة واحتلاله عاصمة البلاد والمدن الأخرى عام ٢٠١٤. وهي أيضاً، وهذا هو الأهم في نظري، أول هبة شعبية جمهورية تحدث في وجه آخر حركة إمامية في تاريخ اليمن، إذ حدثت دفاعاً عن العلم الجمهوري.
الحوثي حاول قمع الهبة الجمهورية الشعبية بشدة، لكنه لم يفلح. لقد حدثت الهبة بقوة، وقد دافع اليمنيون واليمنيات عن علمهم الجمهوري ببسالة، وكسروا الحاجز، حاجز الخوف. لقد عرفوا الطريق، وشعروا بقوة لم يشعروا بها من قبل في وجه أسوأ جائحة إمامية مرت على البلاد.
أعتقد أن الحوثي يدرك أكثر من أي طرف آخر ضخامة وخطورة يوم ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣، ويدرك أكثر من أي طرف آخر كم أن هذه الهبة باتت متوقعة -إن لم نقل مرتقبة- في أي وقت. ولذلك، سيعمل الحوثي بكل ما أوتي من قوة وطاقة ومال على اختراع علاقات “مشبوهة” بين هذه الهبة الشعبية الخالصة وبين الحكومة والأحزاب، وصولاً إلى التحالف، وربما الكيان الصهيوني.
ويبدو أنه قد بدأ فعلاً، ومن داخل الشرعية. إذ بماذا يمكننا وصف تصريح وكيل وزارة الإدارة المحلية عبداللطيف الجفير، لقناة “الحدث”، حول وجود تواصل واتصال بين الحكومة وبين “أبنائها” في صنعاء في مواجهة الحوثي؟! من يخدم هذا التصريح ومن يضر؟ بكل تأكيد، يخدم الحوثي، ويلحق أفدح ضرر بهذه الهبة الجمهورية الشعبية الباسلة والعظيمة.
هل يعرف عبداللطيف الجفير أن الحوثي اعتقل العشرات يوم ٢٦ سبتمبر، وواصل اعتقال العشرات والعشرات يومي أمس وأمس الأول؟ هل يعلم أن الحوثي سيستخدم تصريحه المشبوه هذا في قمع واعتقال المزيد والمزيد من بنات وأبناء اليمن الجمهوري البواسل؟ إذا لم يكن يعلم، فلا بد أن يعلم وبأقسى طريقة.
مئات الشباب اليمنيين واليمنيات في ذمتك يا عبداللطيف الجفير، وذمة كل من يروج الأكاذيب حول وجود علاقات أو تواصل بين هذه الهبة الشعبية الجمهورية العظيمة، وبين أي كيانات أو أحزاب أو قوى داخلية أو خارجية.
لا ندري مع من يعمل عبداللطيف الجفير؟ هل أنتم متأكدون من أنه يعمل مع الشرعية أم مع الحوثي؟ هل يعمل مع الجمهورية أم الإمامة؟ أعتقد أن تصريحه قدم الجواب الكافي.
لا بد من تجريد هذا الرجل من منصبه فوراً، وإحالته إلى التحقيق. فهو حتى لو افترضنا جدلاً أنه لم يكن قد تعمد هذا التصريح، فإنه في الواقع قد أوقع بالغ الضرر والأذى بالهبة الشعبية ورجالها ونسائها.
وفي نهاية المطاف، مهما حاول الحوثي بكل جنوده وجواسيسه تشويه هبة ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣، إلا أنها ستظل أول هبة شعبية جمهورية في مواجهة آخر حركة إمامية في تاريخ اليمن، وهي من أنظف وأطهر وأشرف الهبات الشعبية التي شهدتها اليمن.
تعظيم سلام لكل بطلات وأبطال هبة ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣! ولا نامت أعين الإمامة ومن والاها !