عبدلله الذيفاني.. رحيل مبهج
معاذ الصوفي
يغادر عبدالله الذيفاني الملحقية الثقافية في ماليزيا إلى الأبد، مذموما مدحورا، ومحاطا بدعوات الطلاب وشتائمهم ولعناتهم النابعة من القهر والخذلان ، والتي من كثرها كتبت حتى على جدران الملحقية، واضطر لطلاء جدران الملحقية لمحوها.
يرحل مثقلا بمظالم الطلاب ومعاناتهم التي ظل يتغذى منها طيلة ثمان سنوات مثل تمساح معطوب العقل وميت القلب.
لن يجد الذيفاني من الطلاب من يقول له وداعاً، سوى حفنة من أبناء المسؤولين والمشائخ الذين ظل الذيفاني يدللهم وكأن المنصب أُعطي له ليقوم بهذه المهمة (ان ودعه احدهم ولااعتقد ان هناك من سليتفت له الآن وقد اصبح كرت مستخدم ومنتهي بلا فائدة او معنى)، قال لي أحد الطلاب في يوم وهو في قمة الحيرة والقهر لم يتبقى على الذيفاني سوى ان يقوم بدور مُغير حفاظات لهولاء الذين يأتون الملحقية بسيارات فخمة ويخرج الى خارج باب الملحقية يستقبلهم ويقدم الولاء والطاعة بينما يرفض حتى ان يقابل اصحاب الحقوق ومن لم يأتي بتوصية واتصال من شيخ أو مسؤول.
قبل فترة كنتُ في المطعم مع احد الزملاء للغداء قال لي “العجوز)يقصد الملحق( دعي قانون وافاق يأخذ ماليس له اتصل لملحقيين ثقافيين وللوزير من أجل منحة لأبنته بغير وجه حق، وأردف قائلا حاليا إذا قابلته بمكان ما لا ارد عليه حتى السلام”.
قال أحد الطلاب مبتهجا برحيل الذيفاني ” لو أنهم وضعوا حجرا مكانه لكان أفيد للطلاب.”
لقد مثلَ الذيفاني طيلة الثمان السنوات التي تقاضى فيها مايربوا عن 570الف دولار كرواتب، غير المكافئات والبدلات للسفر والعلاج والسكن والاثاث ومنح أولاده ورسومهم وعمولات الجامعات، مثلَ حائط صد لأحلام الطلاب وتطلعاتهم وكم من طلاب متفوقين تحولوا إلى مُحبَطين بسبب ضعف فهمه وقلة مهاراته الإدارية وعجزه ورحل البعض بحثا عن اللجوء نتيجة اليأس الذي وصلوا له جراء التدمير الممنهج الذي تبناه الذيفاني منذ توليه المنصب حيث وجه الكثير من الطلاب لجامعات ضعيفة التصنيف من أجل العمولات وتخصصات قد لايستفيد منها البلد في المستقبل.
يستغرب الكثير من الطلاب كيف تم تعيين ملحق ثقافي بتخصص تاريخ قديم في بلد مثل ماليزيا يفترض ان جل التخصصات فيها تقنية وعلمية، شخص لايفقه بأهمية التخصصات وتعقيدها ومتطلباتها، شكى لي أحد الطلاب بألم بالغ كيف حول دراسته في الدكتوراة من أمن معلومات الى ادارة أمن معلومات، يقول انصدمت بالذيفاني لايفهم شيء يريد شهادة فقط ايّن كانت هذه الشهادة ينظر للكم لا للكيف، يقول للطلاب بالحرف ادرس اي حاجه بأي جامعة المهم خلص بالفترة لاتهتم لجودة التخصص.
قال له احد الطلاب ذات يوم ” لو أن المسؤولين بعقليتك ويتهربون من المسؤولية هكذا، كانت سننوقف الحضارة البشرية عند أكل الإنسان البدائي لأوراق الشجر”.
طيلة الثمان السنوات التي قضاها الذيفاني ملحق ثقافي في ماليزيا لم يحدث ان دعى الطلاب لاجتماع واحد على الأقل لسماع مشاكلهم همومهم ومقترحاتهم او التعقيدات التي تواجههم لمناقشة سُبل حلها وخلق تعاون علمي واكاديمي بين الطلاب!
قال أحد الطلاب ذات مرة وهو خارج من مكتب الذيفاني وهو ممزقٌ من الأسى” هذا الكهل الذي على مشارف قبره لا يخشى الله، يرى مظلمتي وحقي يُسلب ولايفعل شيء مما هو واجب عليه كمسؤول عن الطلاب في بلد الابتعاث وأضاف أسأل الله ان لايسلطه حتى على عدوي.”
ذات مرة قابلت أحد الطلاب يعرف الذيفاني عن قرب قال لي أن الذيفاني عاد ليمارس مهنة والده، واستطرد يشرح التفاصيل، ان والد الذيفاني استقدمه الإمام نظرا لضخامة جثتة ليعمل كاحد بورزانات الإمام، وكان لدى هولاء البورزنات أداة تقليدية تشبه الميكرفون تعمل كمكبر للصوت عندما يتم تنفيذ احد البورزنات على رعوي يبدا البورزان يصرخ من طرف القرية على فلان الفلاني ان يجهز الديك والسمن واللبن والبيض، ويخلق رعب في بيت الرعوي والقرية ككل ويجلس في البيت يأكل ويقيم ثلاث ايام حتى ينهي ثروة الرعوي المتواضعه ثم يأخذ الرعوي الى السجن بعدها.
وختم كلامه قائلا الان يمارس الذيفاني نفس الدور خادم مطيع وبورزان وسوطه على ظهور الطلاب.
قال احدهم أن رحيل الذيفاني سيكون يوما من أيام الله، وعيد لطلاب اليمن في ماليزيا، وأضاف أخر انه لابد أن نذر ملح بعده.
راكم الذيفاني قضايا الطلاب بشكل مهول وعقّد أغلبها بسبب قلة حيلته وضعف قدراته ومهاراته الإدارية، وأجزم أن مايقارب 300طالب من أصل 500طالب دعوا على الشخص الذي اخرجه من سرداب مكتبة جامعة تعز ووضعه في منصب تنفيذي يتطلب عقل حركي متفاعل قادر على التعاطي وتقديم الحلول والمقترحات، وحتى اليوم يتخوف ماتبقى من الدبلوماسيين في السفارة اليمنية استلام عمل الملحقية الثقافية بعد أن حولها الذيفاني من مؤسسة لإنتاج الحلول إلى مؤسسة لخلق المشاكل وتعقيدها.
انه حقا رحيل مبهج ويوما من أيام الله الرائعة.