هل تخدم قوى خارجية الحوثي؟
وميض شاكر
قد يخطر السؤال هذا على الكثير منا لكن دون أن نجد له إجابة واضحة. غير أن جزءً مهماً من الاجابة قد قيل على لسان د. عبد الرحمن السقاف، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، في جلسة “الأحزاب اليمنية والتسوية السياسية”، التي نظمها مركز صنعاء للدراسات Sanaa Center For Strategic Studies الجمعة الفائت.
في الجلسة أشار السقاف إلى النقطة الايجابية في محادثات السعودية-الحوثي الحالية، وهي نجاح السعودية بإجبار الحوثي على التفاوض، كما سيجبره الاتفاق الناتج عن المحادثات على التفاوض مع الشرعية بعد انقطاعها لأكثر سبع سنوات. بيد أنه في المجمل، اتفاق كهذا لا يخدم مصلحة اليمنيين عامةً وتطلعاتهم لسلام عادل، بل يراعي مصالح من يبرمون الاتفاق.
السقاف اتبع منهج تحليل السياق السياسي والأمني في اليمن للوصول للاجابة. فالمتابع للسياق الحالي في اليمن، سيلاحظ جملة من التحولات التي قد نشأت خلال الحرب. وبحسب كرونولوجيا الأحداث التي رصدها السقاف منذ ٢٠١٦، نجد أن هناك توقف للمحادثات اليمنية-اليمنية بعد محادثات الكويت.
في ٢٠١٧، انسحبت القوات العسكرية للشرعية اليمنية من جبهة نهم القريبة للعاصمة صنعاء، مقر الحوثيين. بعدها، شهدنا انهياراً لتحالف الحوثي-صالح، وتبعه أحداث ديسمبر ٢٠١٧ بين الحوثيين وصالح، انتهت بمقتل صالح وفرار او اعتقال افراد عائلته وعدد من القادة العسكريين.
في ٢٠١٧ أيضاً، تم الاعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي. وخلال الفترة من ٢٠١٧ الى ٢٠٢١، خضع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأم المتحدة في اليمن لثلاث تغييرات، فقد أوفد مارت غريفيتس البريطاني في ٢٠١٨ بدلاً عن اسماعيل ولد الشيخ الموريتاني، وفي ٢٠٢١ أوفد هانس جروندبرج السويدي خلفاً لغريفيتس.
في ٢٠١٨ أيضاً، أبرمت اتفاقية ستوكهولم بالسويد بين جماعة الحوثيين والحكومة الشرعية بقيادة هادي آنذاك. جاءت الاتفاقية لتعطي مهمة أمن ميناء الحديدة للحوثيين، بعد تصاعد الضغوط الدولية لوقف المعارك في الحديدة، والتي بدى فيها تقدم القوات المشتركة على الحوثيين. أشار السقاف بأن هذه التحول المتراجع كان نتاجاً عن خلافات قد بدأت بين أعضاء التحالف العربي: السعودية والامارات، ثم استمر هذا الخلاف إلى يومنا هذا، ولم يذكر السقاف التفاصيل.
المتابع أيضاً للتطورات على السياق اليمني، سيلاحظ تزامن المحادثات بين السعودية والحوثيين مع بعثة السويدي جروندبرج، الذي دأب على تأسيس هدنة طويلة الأمد في اليمن وصولاً الى ايقاف النار. كما سيلاحظ أن عقد المحادثات بين الطرفين الى جولاتها الأخيرة كانت بوساطة عمانية في ظل غياب الامارات عن المشهد، وحضور السويدي جروندبرج في جولة المحادثات الأخيرة بالرياض كراعي أممي للاتفاق الذي توصل لخارطة طريق بين الحوثيين والحكومة الشرعية من ثلاث مراحل: اجراءات اقتصادية، حوار سياسي، وتشكيل حكومة موحدة. ولازال هذا الاتفاق غير مطروح على طاولة مجلس القيادة الرئاسي كممثل عن الشرعية للمراجعة والتعليق.
يرى السقاف أن كل تلك التحولات كانت في صالح الحوثي، راسمةً خريطة لمصالح القوى الاقليمية والخارجية او صفقةً بينها، بالذات لمصالح السعودية والإمارات وإيران وبريطانيا والولايات المتحدة، وقد غاب عن الخريطة دول الاتحاد الأوروبي التي ربما قد سقطت سهواً عن السقاف أو لسبب ضيق وقت الندوة. “هناك خارطة جيوسياسية في اليمن تم نسجها بذكاء لصالح الحوثي، لن تنتج سوى الهشاشة وحالة اللاحرب واللاسلم”، هكذا اختتم السقاف مداخلته.