وهم القوة المطلقة.. كسارة قرية الأنبوه نموذجا
رشيد سيف
في عصر تهيمن فيه المادة على كثير من علاقاتنا، يطل علينا وهم خطير يقنع البعض بقدرتهم على تجاوز كل القضايا مستخدمين سلاحهم الأقوى: المال.
إن إيمان بعض رؤساء المال والتجار بقدرتهم على حل كل المشاكل والتغلب عليها عن طريق المال، في تقديري منظور ومنطق سخيف و “أهبل” ومن الخطأ الاعتماد عليه في مواقف كثيرة، وخاصة المواقف المتعلقة بالحق العام، حتى وإن كان بالإمكان شراء الأمن والقضاء والدولة ككل.
مشكلة أهالي منطقة الأنبوه الأسفل التي تربط في المقابل قرى كثيرة يسكنها المئات من الناس بمركز مديرية المعافر ” النشمة” مع رأس مال يسعى لتوسيع أعماله وتأسيس كسارة قرب نطاق سكني مكتظ بالبشر يجب حلها بأسرع وقت.
منذ أسابيع، تغلق الآليات الخاصة بالكسارة وسيارتين لأهالي القرية طريق المركبات”السيارات” وغيرها من وسائل النقل الرباعية_التي تربط عشرات القرى بمركز المديرية، بينما تدور القضية في مراكز الأمن والقضاء ولدى المشايخ في المنطقة، معيقة اهتمامات الناس ومشاغلهم اليومية حيث أجبرت عشرات القرى على العبور في الطرقات القديمة غير المعبدة و الشاقة.
سنوات كثر ونحن نتكبد ويلات الطرق الملتوية والجبال الخطرة بسبب الحرب، واليوم لاحت أمامنا خيارات أخرى أكثر مرارة لأسباب يمكن تجاوزها أو استبدالها والغريب أن الناس تكيفوا بطريقة ما على استبدال المسارات وإن كانت مكلفة ومريرة.
ومع أن الناس يروون أن الكسارة، ذلك الوحش الذي سيطلق العنان للتلوث البيئي والضوضاء، مهددا صحة الأطفال وكبار السن، ومعيقا حركتهم اليومية ورغم محاولات الدفاع والتصدي وتوسيع حالة الرفض والاحتجاج أمام مقر المديرية واللجوء إلى القضاء إلا أن المسعى لا يزال قائما حتى اليوم، والخشية الحقيقية أن يتغلب المال على القانون.
المؤسف أكثر سيكون تضافر سلطات المديرية وأمنها ووجهاء المنطقة حول المال، ومساندتهم أو مشاركتهم في مغامرة عكسية ضد مصالح الأهالي وحقهم في بيئة آمنة وصحية.
2_
حتى اليوم شاهدنا احتجاجات الأهالي الرافضة إنشاء كسارة قرب مساكنهم إلى جانب الشكاوي التي تم تقديمها للجهات المسؤولة “الحكومية” والتي قوبلت بإيجابية مقبولة حتى اليوم.
كما أن هناك إجراءات قامت بها الجهات المختصة وقرارات ولجان فحص ودراسات وتقارير عن تأثير الكسارة على البيئة وأما الحلول الممكنة كفرض شروط بيئية صارمة على الكسارة قد يرفضها الأهالي وهذا من حقهم وقد يرفضها الطرف الآخر أيضا لأنها مكلفة حسب المعلومات.
3_
من الناحية القانونية تكفل المادة 41 من الدستور اليمني للأهالي الحق في بيئة صحية سليمة للأجيال الحالية والأجيال القادمة بالإضافة إلى فرض قانون حماية البيئة ضوابط وشروطا لممارسة الأنشطة التي قد تسبب ضررا للبيئة، في المقابل قانون الإدارة المحلية مهمته تنظيم مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية وعلى ضوء هذه الحقوق فإن لأهالي قرية الأنبوه الأسفل الحق في بيئة آمنة وصحية وعليهم التمسك بحقوقهم القانونية.
الخلاصة.. لا يمكن للمال أن يحل كل المشاكل وعلى من يهمه الأمر فهم ذلك.