ضع اعلانك هنا

نص “رغوة الضوء، رغاء العتمة”

نص “رغوة الضوء، رغاء العتمة”

– الرغوة

أن تغلقي هاتفكِ الآن
فهذا يعني أنني توقفتُ عن الاتصال بك

– الرغاء

لا شيء يثير الشجن الإلهي داخلي
لأزيح مناقيرَ الغربانِ عن مائدةِ رأسي
وأبدأ تنظيف جمجمتي من خرائبِ الضوء
الضوء الذي يطفو برغوته على غناء العصافير الهاربة من وجع الناي
إلى صور الماء المعلقة في حدائق صوتي

ليكن هذا الآنَ مستعدًا لكآبةٍ مماثلة
تمتد بين أثداء القصيدة وفم الشاعر
ولتكن الكتابة هزلًا آخر يستنطق الريح
عن موعد الابتهاج بخروج الغيم، من جسد أنثى
محملًا بأقواس الزهو الطائشة،
إلى طقس الزفاف الإلهي لحوريات الجنة

لتكن عصا العمر التي يستند عليها ظهر السماء
هي المساء الذي ينام فيه النسيان هادئًا

ولتحاذِ رغائبها الشهوات العائمة في أجساد الخلق، صواعق القلق المنبعثة من حلوق المارة
لتتشظَّ القصائد في مرابد غيبها كقطع الغيم الخانقة ماءها في ألواح الذبول
ولتعتصر ليمونها أوراق الحظ المنسدلة من أعين الفجر إلى أقدام الليل المتورمة في غناء العشاق

وليكن كل شيء معتمًا وتافهًا كما يبدو وكما يجب
الرجال الذين خلقوا من خطيئةٍ سماويةٍ وسقطوا على عراجين الفقدان كأسمائهم
الإناث اللواتي تربّعن على عرش الخطيئة وبزغن خارجي كوميض النسيان في لوامع البرق
كأس النبيذ المقطّر من عرق النهود المعلقة على رخام أجسادهن الراقص باللذة
الريح التي خرجت قبيل الظهيرة باتجاه البحر وانطفأت في مساكن الذين ظلموا قصائدهم ونساءهم في الأفق الجسد
أسمائي وصفاتي الحسنى التي ورثتها عن نساء المدينة والعاشقات الصاخبات بعريهن وضلالهن اللذيذ
القلب المشدود على سلسلة من جحيمٍ إضافيٍّ لأبدِ المنبعث من أصواتهم أنين الموتى
صوتي الذي يعلو في القصيدة كمزمارٍ شعبيٍّ ينفخه زفيري المعشوشب بالنسيان والضحك
وطني المتساقط من عيون الصغار إلى ذاكرتي المعطوبة صدأً كفخّارِ قرى سامع النائية*
رسائل الحب المنتهية قبل عقدين والمتبقية من حديث الجنس الليلي الذي ملني ومللته
قصائدي المحترقة على أبواب الجحيم كشياطين برمودا

أنا الذي سأذهب بعد أيامٍ إلى حضنِ امرأةٍ أخرى
لا أعرف من مكيدتها سوى أنها امرأة
أنت التي ستغادرين الضوء إلى عتمة الوقت فيك
أشياؤنا التي تركناها في مكان مهجور في الشارع الخلفي للمدينة المغلقة باللصوص والقتلة
اليأس الذي جمعنا في مساء الكتابة الـ قفزت من الورق إلى صداعنا الدائم.
المرآة التي انكسرت في عيني قبل عامٍ ونيفٍ على فنجان الشاي الذي لم أعد أطيقه
أغاني فيروز ما حفظت منها وما نسيت
قصائد الخلود الأولى التي كتبها الله قبل بدء الخليقة فسقاها رأسي المتحول إلى سوقٍ شعبيٍّ يعجُّ بالباعة والمتجولين.
هذياني النازف على مواقع التواصل الاجتماعي
الرسائل القصيرة المُكَرِّرة رتابتها في رغبتي المنحلة بالأصدقاء المقهقهين في خلواتهم حتى مطلع (الكيف).
الأولاد الذين لن يتذكروا وجوهنا بعد عشرين عامًا
وقد ارتدَت عيونها المُبيَضَّة بالحزن أسفًا علينا
النساء اللواتي يلُذن بأجسادهن، من خيباتهن إلى فرحٍ مصطنع، بحثًا عن المتعة الخاطفة
الغياب المرسوم مستقبلًا في أشعته الخافتة كوجوه الأصدقاء الممتلئة بالرياء
وأنا مرةً أخرى، حين أنزف، في ساعة الحزن، هذا الكلام الغبي، كلحظته الجانحة.

– العتمة

أن أغلق هاتفي الآن
هذا يعني أنني بدأتُ كتابة هذا النص.

تذييل:
*سامع: مديرية في محافظة تعز اليمنية وهي مسقط رأس الشاعر

رياض السامعي – اليمن

ضع اعلانك هنا