في الذكرى 34 لاتفاقية الوحدة اليمنية* *خواطر وآمال
*د. عمـرالعـودي*
توطئة
او د في البداية تصحيح مفهومية خاطئة، اذ ان الكثير يحتفلون باعلان تحقيق الوحدة اليمنية، فمن حيث تسمية الحدث فانه غير دقيق بل يجب القول انه احتفال بمناسبة توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية وليس اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وذلك يعني انه طالما ان اهناك اتفاقية فلابد من انها تحتوي على شروط وبنود تم الاتفاق عليها وفي حالة مخالفة اي بند فانه يلغي الاتفاقية. يقولون احتفال بتحقيق الوحدة اليمنية ويقفزون على اتفاقية الوحدة اليمنية وبنودها التي يحدد الالتزام بها اما استمرار او الغاء الوحدة.، وهذا التعبير يجرهم الى مفهوم الوحدة المغلوط الذي تردد كثيرا ، الوحدة خط احمر.، الوحدة او الموت، الاصل والفرع، حرب الردة والانفصال كل هذه المفردات اكبر دليل على انتهاكات بنود انفاقية الوحدة اليمنية وترسيخ قاعدة التنمر والغلبة والاقصاء والاستحواذ. لذلك من الصحيح ان نؤكد اننا نحتفل بذكرى توقيع اتفاقية الوحدة ومن الخطاء القول اننا نحتفل بذكرى تحقيق الوحدة اليمنية فالتعبير الاخير يوحي بعدم وجود اتفاقية من الاصل و يتجاوز بنود اتفاقية الوحدة بين دولتين كاملة السيادة الى مفهوم مغلوط تم توضيحه انفا يمكن ان يعتبره البعض جزافا اعادة الفرع الى الاصل وهذا هو احد الانتهاكات التي لم تنص عليها اتفاقية الوحدة…
بعد هذه التوطئة وبناء عليها
كان بودي ان اكتب مجلدات تعبر عن فرحتي كل عام بذكرى عزيزة على قلب وضمير كل يمني الا انني وجدت نفسي غارقا في اسباب حزن لا فرح وترددت في كتابة اي موضوع عن هذه الذكرى الوطنية التي تجسدت في نبص قلوب كل ابناء اليمن وضميرهم وقررت ان اكتب بعض الخواطر والامال فبدون الامال تنتهي الحياة فقد حل اليوم الثاني والعشرين من مايو الذي يذكرنا كل عام بصرخة شعب اراد ان يتخلص من الام وعذابات التشطير وتحقيق حلم كان قبل ذلك التاريخ بعيد المنال و جاء 22 مايو واعلنت الوحدة اليمنية فرقصنا وغنينا و نسفنا كل خططنا التي كانت مبنية على وضع تشطيري مقيت تجرعنا مرارته في الشمال والجنوب حين كانت خطواتنا وانفاسنا وكلماتنا محسوبة ومرصودة علينا تحت الرقابة المشددة ما ان تنحرف خطواتنا نحو الجنوب او نحو الشمال الا وينتهي بالكثير منا الى السجون ، ماكانت تخرج كلماتنا عن قصد او غير قصد الا والتقطها العسس في الشطرين كل يحقق فيها غايته ويبهر مدرائة بحنكته ومهارته الفائقة في كتابة تقارير وادراجها في ملفات الناس المخابراتية حتى تحين الفرصة للزج بهم في ااسجون . لعل جيل ما بعد عام 1990 ليس لديه ادنى فكرة عما كان قبل 90 من معاناة ولو ان ذلك في جنوب الوطن كان اقل حدة واكثر انسانية من الوضع في شمال الوطن الذي كانت حياة المعارض للنظام والفساد او للتدخل السعودي في الشان اليمني تساوي طلقة كلاشنكوف او حادث مروري مصطنع او جريمة جنائية تقيد ضد مجهول وجاء يوم 22 مايو. على امل ان يتخلص الناس من جميع تلك الكوابيس المرعبة وشبح الاغتيالات والاعتقالات او الاخفاء القسري وكان الجميع يتوقعون تصفير السجون من المعتقلين والمخفيين قسريا على ذمة الصراع العسكري والامني والاستخباراتي الشطري الا ان هذا لم يحدث فقد ظل المعتقلين في السجون. وظل المخفيين قسريا في وضع مجهولين المصير وظل اقارب هؤلاء الضحايا يلهثون بحثا عن اقاربهم في السجون وللاسف ان قيادات الاحزاب وقيادات دولة الوحدة لم تكلف نفسها. حتى بوضع ملفات المخفيين والمعتقلين نصب عينها واهتماها و كان ملف ضحايا الاعتقالات والاخفاءات الشطرية وقع ضمن اتفاقات خلف الكواليس ان يتم تجاهلهم وعدم فتح هذه الملفات الذي الى اليوم لازال وضع المعتقلين والمخفيين قسريا يشكل الكابوس الفضيع الذي يؤرق اقاربهم ورفاقهم في النضال و بعد الثاني والعشرين من مايو استبشر الناس خيرا في التئام الجسد اليمني والتئام ندبات جراحاته وتعافيه ، ومالبثت الوحدة ان تحولت الى ورقة ابتزاز للشعب اليمني. ومزايدة ومتاجرة و مزايدة باسمها ورفع شعارات ملتهبة كشعار الوحدة او الموت متناسيين ان الوحدة تمت وفقا لاتفاقية لها شروط ومقومات واذا ما تم الالتزام بتلك الشروط والبنود التي تحدد استمرار الوحدة او انتهائها بما ظهر من مقولات مخالفة لبنود اتفاق الوحدة مثل الضم والالحاق والاصل والفرع وما الى ذلك. من ترهات جوفاء تنم عن الغطرسة والتنمر. والاستقواء واللجوء الى مبداء الغلبة ، بدات باغتيالات القيادات الجنوبية وانتهت باعلان حرب صيف 94 المشئومة التي شكلت اول انقلاب على بنود اتفاقية الوحدة و هيمنة التحالف العسقبلي والديني على مقاليد السلطة واقصاء الشريك الاساسي في صناعة هذا الحدث العظيم وهو الحزب الاشتراكي اليمني وقياداته من المشهد السياسي في جريمة لم يشهد مثلها اي صراع سياسي وطني بدوافع الاستئثار بالسلطة والثروة من قبل عصابة دمرت اليمن ونهبت مؤسسات الدولة و قتلت الشرفاء من اليمنيين في الشمال والجنوب ومن المفارقات العجيبة ان هؤلاء لازالوا اليوم يعزفون على وتر الوحدة ويزايدون على الشعب اليمني ويتاجرون بدماء الضحايا الذين سقطوا تحت ايادي جلاديهم وان كانوا صادقين فعلا في مشاعرهم ونداءاتهم في الدفاع عن الوحدة وتوحيد الصف الجمهوري كما يقولون فان ذلك لن يتم كاستمرار لشعارات الوحدة او الموت والضم والالحاق والاصل والفرع وغيرها من الترهات بل ان ذلك يتطلب اولا بالاعتراف باخطاء قياداتهم التي نحرت الوحدةمن الوريد الى الوريد وتسببت في سيل من الدماء اليمنية الطاهرة في حروبها غير المشروعة. ، ولم يفكروا بالاعتذار للجنوب وللضحايا التي تسببوا بها على مستوى الافراد والنخب السياسية الوطتية وعليهم ان يعرفوا ان المزايدات باسم الدين وباسم الوحدة اليمنية التي تتناقض كليا مع ما يمارسونه على الواقع امس واليوم وربما غدا من تكريس للانفصال من خلال تمجيد خصوم الشعب اليمني الذين تلوثت حياتهم واياديهم بدماء اليمنيين وبالغدر بشريك الوحدة ، عليهم ان يعرفوا ان اصواتهم لم تعد مقبوله حتى وان انفقوا عليهم الاموال الطائلة لان الشعب اليمني قد ادرك جوهرهم وان الوطن او وحدته لا تعني لهم شيء اكثر من مشاريع للفيد والنهب والبيع والتفريط بالسيادة الوطنية وهاهم اليوم يحاولون العودة على ظهر دبابات الغزاة الجدد ولم يثبتوا صحة ادعائاتهم بالوطنية وحب الوحدة بل لازااوا يعتبرون اليمن بشطريه او اليمن موحدا احد مشاريعهم العائلية التي وضعوها بالشراكة مع امارة ساحل عمان وهام اليوم عند اقدام شخبوط وطحنون كاحذية ويمثلون مشاريع واطماع هذه الدولة التي دخلت في الفلك الصهيوني وها هي اليوم تقوم بتفويج السواح الى جزيرة سقطرى على مراى ومسمع العالم وبغطاء من اولئك مدعيي الوطنية سواح من الصهاينة قتلة اطفال فلسطين ولا يخجلون ايضا ان يزايدوا حتى على القضية الفلسطينية وهم يصافحون ايادي الصهاينة قتلة اطفال فلسطين
فماهو موضوعا للمزايدة لا يمكن ان ينطلي على الشعب اليمني. فما استطاعوه من خداع الشعب اليمني بالزيف والتضليل خلال اكثر من ثلاثة عقود كان الزمن كفيلا بفضحهم واكاذيبهم . ولم يعد معول عليهم لعب اي دور وطني وربما ان هناك بينهم الشرفاء والمضطهدين والمقصيين ربما يجعلون فارقا بان يتبنوا تحديد مواقف مشرفة من قياداتهم الفاسدة التي انهكت الوطن والمواطن ويبادرون الى الاعتراف باخطاء قياداتهم واعلانها للشعب ويتبرون من تلك القيادات وبطاناتها الفاسدة. وهذه هي الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح ان ارادوا فعلا تصحيح مسار الوحدة لتعود بمعناها الحقيقي المتمثل بوحدة الارض والانسان. وحدة الحياة وليست وحدة الموت وحدة الندية والتكافؤ والعدالة والمواطنة المتساوية وليست وحدة الضم والالحاق والاصل والفرع . هذا ان كانت النوايا حقيقية والرغبة في مغادرة فلسفة النظام الذي غدر بالوحدة وانقلب عليها واراد اليمن ملكية عائلية… او تسليمها للامامة الكهنوتية، فهل هذا هو دليل الشرف والوطنية ؟؟؟