ضع اعلانك هنا

الإسلام السياسي والقضية الفـلـسـطـيـنـيـة

الإسلام السياسي والقضية الفـلـسـطـيـنـيـة

 

الدكتور عادل الشرجبي

خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين استطاعت قوى الحداثة العربية وفصائل المقاومة الفلسـطـيـنية اليسارية والقومية أن تكسب صداقة كثير من الدول والشعوب وحركات التحرر الوطني في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، من خلال طرح قضية فلسطين باعتبارها قضية وطنية وقومية، واستخدام خطاب إنساني يفهمه العالم، ومنذ مطلع ثمانينات القرن العشرين تنامى تأثير وقوة حركات الإسلام السياسي، والتي يمكن تصنيفها في تيارين رئيسين، الأول، رفع شعارات معادية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرا ئيل، واعتبرهما خصمان وجوديان له، أما التيار الثاني، فقد ارتمى في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية والإمبريالية العالمية الداعمة للصهيو نية والاحتلال الإسرا ئيلي لفلسطين، وراح يجيش المقا تلين لقتا ل الجيش السوفييتي في أفغانستان نيابة عنها، وبعد اكتمال مهمة إسقاط الاتحاد السوفيتي والأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن جماعات الإسلام السياسي المتحالفة معها، فشكل بعض ناشطيها جماعات وتنظيمات “إرهابية” مثل القاعدة وداعش، ونشط أخرون في إطار تنظيمات أقل راديكالية، ويمكن القول: أن تياري الإسلام السياسي رغم استمرار، بل وتنامي، الخلاف المذهبي والطائفي بينهما، التقيا منذ تسعينات القرن العشرين حول فكرة معاداة الولايات المتحدة الأمريكية، وبات ناشطوهما يصورون صراعهم مع الأخر على المستويين الوطني والدولي على أنه صراع صفري “zero-sum conflict”، على أساس الهويات الدينية والمذهبية، لا على أساس المصالح السياسية والاقتصادية والتوجهات الثقافية، وتخلوا تماماً عن أفكار ومبادئ التعددية والتعايش والحق في الاختلاف، الأمر الذي أدى إلى تحول بعض الدول العربية إلى ساحات للصراع المسلح، الدائم أو الدوري، بين هذين التيارين، مثل العراق، سوريا، لبنان، واليمن، وتشكل حركات انفصالية في بعض البلدان العربية والإسلامية، أما على المستوى الدولي فقد ترتب على إضفاء جماعات الإسلام السياسي طابعاً دينياً على الصراعات الدولية، واستخدامها لغة ومفردات عدائية واستئصالية، فقدان القضية الفلسطينية لتعاطف كثير من دول وشعوب العالم، ناهيك عن دعمها، وهو ما تجلى خلال الحرب القائمة بين المقاومة في قطاع غــزة وإسرائــيـل، فلم تعد معظم دول وشعوب العالم تنظر للمقاومة الفلسـطـيـنـيـة باعتبارها حركة تحرر وطني، بل تنظر إليها باعتبارها جماعة تمارس إرهاباً ضد دولة ديمقراطية.

ضع اعلانك هنا