السلطة والثورة في رجل واحد!
جمال حيدرة
حينما يصف الانتقاليون كل من انتقدهم أو عارضهم بفاقدي المصالح عليهم أن يتذكروا أن علي سالم البيض اتخذ قرار فك الإرتباط حينما فقد مصالحه كقيادي جنوبي مع دولة الوحدة، وحينما خرج الناس ضد نظام صالح في العام ٢٠٠٧م كانوا قد فقدوا مصالحهم مع دولة الوحدة أيضاً، وحينما تشكل المجلس الانتقالي نفسه كانت قياداته قد فقدت مصالحها مع الشرعية، وحينما تفقد مصالحها غدا سوف تخرج ضد الشرعية، وهكذا تسير الأمور.
الناس فقدت مصالحها اليوم مع الانتقالي لأنه لم يقدم لهم شيئا يذكر غير الخطب والشعارات، وفرض سلطته بالقوة دون أن يراعي مصالح ملايين الناس في الجنوب، فضلا عن أنه غارق بالفساد بالفوضى والتسيب، والشللية والمناطقية، وعلى حساب الشعب والقضية بنى مجده وثرواته، واستثماراته الخاصة، وسيطر على المناصب في الدولة باسم الشعب الجائع والفقير، وهذا السلوك لا يستقيم أبدا مع شعاراته.
لقد ضاع الزبيدي ولم يبق منه سوى صوته .. يطل الرجل كل يوم ببدلة جديدة وربطة عنق فاخرة من ماركات عالمية، يطعم الناس خطب وشعارات ووعود حتى أدمنها الشعب وصارت في قائمة المكيفات إلى جانب القات والدخان، وهذا أمر خطير وفتاك.
يعود الزبيدي عقب كل خطاب إلى بيته الفخم، ويستلقي على أريكة مريحة، ويغرد على صفحته الفسبوكية، معبرا عن سعادته الغامرة، وأمامه سفرة عامرة بالفواكهة والمشروبات المختلفة، يقضم تفاحة مستوردة، ويستدعي كاتبه لكي يملي عليه مجموعة قرارات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا هدف منها سوى ترتيب أوضاع ثلة من المنتفعين والمنافقين.
أكثر من سبعين قرارا اصدرها الزبيدي في العام الفارط فهل ساهم قرار واحد في معالجة مشكلة واحدة في عدن، هل عالج مشكلة الكهرباء، هل عالج مشكلة الأراضي، هل عالج مشكلة المضاربة بالعملة، وارتفاع الأسعار، وهذه مشاكل بسيطة وكان بمقدوره أن يثبت من خلالها للشعب وطنيته، وإحساسه بما يعانيه بشكل يومي.
نعم يا رفاق فقد الناس مصالحهم وقضيتهم وكرامتهم وحريتهم، أحلامهم وأمنياتهم وكل شيء جميل في مدنهم، بينما كسبتم أنتم كل شيء ثمين، ومع ذلك تستكثرون عليهم التعبير عن همومهم وأوجاعهم، جوعهم وفقرهم، وواقع في الحضيض، ومستقبل في مهب الريح.
أقسم لو جمعنا ربطات عنق الزبيدي منذ توليه رئاسة المجلس ووضعناها في كفة، وهو في كفة لرجحت الميزان، فعن أي ثورة ونضال تتحدثون، وكيف للسلطة والثروة أن تجتمع مع الثورة في شخص واحد.