ضع اعلانك هنا

ما معنى أن يكون المرء يساريا؟

ما معنى أن يكون المرء يساريا؟

 

أن يكون المرء يساريًا في اليمن أو في العالم، يعني أنْ يتبنى وجهات نظر سياسية واجتماعية تلتزم بالمبادئ اليسارية التقدمية. وتتضمن هذه المبادئ عادة الاهتمام بالعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الفرد، وتعزيز دور الحكومة في توزيع الموارد بشكل عادل للجميع، وتقديم الخِدْمَات الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم بشكل شامل على الصعيد الوطني، و كذا الوقوف مع القضايا الإنسانية العادلة في العالم، كما تعمل جَنُوب أفريقيا وكوبا وفنزويلا وغيرها .

 

يتميز اليساريون عادة بالدعوة لتوفير فرص متساوية للجميع والتصدي للظروف الاقتصادية القاسية والتمييز والاستغلال. واليساريون يدعمون القضايا البيئية والحريات الشخصية والحقوق المدنية.

 

اليساريون ليسوا مناهضين لوحدة الوطن، فهم لا يهربون من المعضلات القائمة في الواقع، بالسعي إلى الانفصال. فاليساريون، تاريخيًا، يعدون القضية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية جزءًا جوهريًا من نضالهم. بتعبير أوضح، اليساريون يعدون الاهتمام بالوطن والمجتمع والعمل على تحسين حالتهم جزءًا من نضالهم.

 

اليساريون لا يدعون إلى وحدة الطبقة العاملة العالمية في نضالها من أجل الحرية والعدالة والتقدم على الصعيد العالمي، وفي ذات الوقت، يناقضون أنفسهم ويدعون إلى التنافر بين أبناء الطبقة العاملة على الصعيد الوطني.

 

وبتفصيل أوضح، اليساريون لا يسعون للتناغم مع نضال العمال في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية من أجل العدالة والحرية والسلام والتقدم، وفي ذات الوقت، يعملون على إضرام نار الخلافات وتأجيج التنافر بين عمال قعطبة وعمال الضالع، وعمال عدن وعمال تعز.

 

واليساريون لا يسعون إلى تعزيز الهُويات الفئوية: القبلية والجهوية والطائفية، ولكنهم يعملون بدأب من أجل تعزيز الهُوِيَّة الوطنية لكي يتمكنوا من هزيمة القِوَى المتخلفة التي تسعي لتمزيق الوطن وترسيخ هيمنة الكيانات الفئوية الشوهاء، وخدمة القِوَى الخارجية.

 

اليساريون قوميون و أمميون في توجهاتهم، ولكنهم بدرجة رئيسة وطنيون لا يقبلون التفريط بوطنهم. ولذلك يعارضون التدخل الخارجي، الإيراني والسعودي والإماراتي في شؤون وطنهم. فهم يرفضون بقوة التواطؤ مع القُوَى الرجعية الخارجية المناهضة للقضايا الإنسانية العادلة، كقضية الشعب الفلسطيني وقضايا المهمشين، سعيًا للحصول على المال، ورغبة في تحقيق مصالحهم السياسية الضيقة على الصعيد الوطني. ذلك أنَّ هذا المسعى المتواطئ مع الظلم والمناهض للعدالة والكرامة الإنسانية، يتناقض عادةً مع المبادئ والقيم الأساسية لليسار.

 

ربما هناك من سيتساءل، ويقول: وماذا بشأن ” اليساريين” اليمنيين، الذين يتواطؤون مع القُوَى الخليجية على حساب وطنهم. وجوابي بإيجاز على هذا القول هو إنَّ هؤلاء مُرْتَزِقَة يسعون إلى المال والسلطة وليس إلى العدالة، وعلى هذا، فهؤلاء لا يمتون للفكر اليساري بصلة حتى وأن تظاهروا بذلك.

 

اليساريون، كما سبق أن بيَنت في السطور السابقة، عادةً ما يسعون للعدالة الاجتماعية والمساواة ويعارضون التمييز والعنصرية والاستغلال الداخلي، كما يعارضون التدخل الخارجي الذي يمس بسيادة وطنهم وكرامة شعبهم.

 

وبتعبير أوضح، قد يكون هناك اختلافات في الرؤية والتحليل السياسي بين اليساريين من الزاوية المنهجية، ولكن خيانة الوطن والقيم الإنسانية والتواطؤ مع القُوَى الرجعية الخارجية عادةً ليس جزءًا من النهج اليساري.

 

هذا هو معنى أن يكون المرء يساريًا في اليمن أو في العالم. وقد حفل تاريخنا الوطني، بشخصيات يسارية فذة، تصدت للنزعات الانقسامية الضيقة: الطائفية والقبلية والجهوية، وجمعت، في تألف عميق، بين الرؤية الوطنية والرؤية القومية والرؤية الإنسانية. ومن هؤلاء، فيدل كاسترو، وتشي جيفارا، ونيلسون مانديلا، وعبد الله باذيب، وعبد الفتاح إسماعيل، وغيرهم.

 

ومع ذلك، يجب أن نعترف بأن هناك تنوعًا داخل الحركة اليسارية واختلافات في المفاهيم والتوجهات. قد يكون هناك فرد أو جماعة يتبعون الرؤية اليسارية، ولكن لديهم وجهة نظر مختلفة بشأن درجة الحرية الفردية في المجتمع وطبيعة الحقوق والمسؤوليات الفردية، بسبب تجاربهم الفردية المختلفة ورؤيتهم السياسية الشخصية.

 

طاب يومكم أيها الأحرار والحرائر🌹

ضع اعلانك هنا