شعلة فبراير لا تزال متقدة
كتب المحرر السياسي ل “صحيفة الثوري”:
الثورات ليست محصورة بتاريخ اليوم الذي اندلعت فيه وما الذي حققته في اليوم التالي، وإنما هي مراحل تغيير طويلة المدى، نظرا لما يعترضها من عراقيل ومؤمرات وتظل الثورة، بفكرها وأهدافها، توجه المراحل التالية للحظة اندلاعها، وتعيد تحريك بوصلة الأحداث إلى مسارها الصحيح، راسمة الأهداف التي اندلعت من أجلها كدليل يرشد الجماهير إلى مصالحهم وحريتهم وحقوقهم التي نادت بها الثورة، ويستمر صمودها ضد المؤامرات مهما طال الزمن حتى تحقق أهدافها كاملة.
لقد كانت ثورة الحادي عشر من فبراير فبراير ضرورة وطنية ملحة ضد الظلم والفساد والاستبداد والتوريث، وقد نجحت إلى حد كبير في الدفع باليمنيين على اختلاف توجهاتهم السياسية ومكوناتهم المجتمعية إلى الانخراط في حوار وطني شامل انبثق عنه وثيقة وطنية “مخرجات الحوار الوطني الشامل” والتي تضمنت كافة اهداف الثورة غير ان هناك من أبى إلا الانقلاب على الثورة ومخرجات الحوار الوطني وادخال البلاد في دوامة حرب أكلت الأخضر واليابس ولا يزال أوارها حتى اليوم ولا يزال اليمنيون يعانون من رزاياها قتلا وتدميرا ونزوحا وجوعا وتشردا وازمات اقتصادية طاحنة وفساد مهول.
إن شعلة فبراير لا تزال متقدة في الوجدان الشعبي لا تُطفئها عواصف الثورات المضادة ولا اولئك الذين ساروا بمحاذاتها لوأدها وستظل جذوتها وقادة رغم كل الحلكة والظلام وستبقى في الذاكرة كمشهد ثوري كان ولا يزال أعظم مشهد في عصرنا الحديث، حين افترش الشعب الارض ونصب عليها أوتاد أحلامه وخربش على سمائها اهداف ثورة وطنية انتصرت له وعبرت عن طموحاته والامه وحقوقه ومثلت لحظة مفصلية في التاريخ المعاصر وامتداد طبيعي لثورة الحراك السلمي الجنوبي وشكلتا جدار مواجهة صلب ضد الظلم والغطرسة والقمع والقهر، وفتحتا الابواب مشرعة أمام الجماهير لنيل الحقوق والحريات المصادرة بفعل قوة الغلبة التي مارستها السلطة ومعها كل قوى التخلف .
لقد كانت ثورة فبراير شعبية المنشأ والمطلب، ومبادئها قيمية عادلة لا تنتصر للأشخاص بقدر ما تنتصر للقضية وعدالتها ولوطن كان يترنح بين اوهام التوريث ومخاطر الكهنوت ولقد اعادت صياغة المشروع الثوري بالطريقة السلمية وعدت محطة ملهمة من محطات التاريخ العظيمة التي عبرت بكل صدق عن طموح الشعب للحرية والعدالة واقامة الدولة المدنية وعلى امتداد الحضور الشعبي الكثيف الذي شكل سياجها واداتها.
إن ألق فبراير لا يزال ساطعا كونه تعبيرا مكثفا على حاجة الشعب الملحة للتغيير وإسقاط الاستبداد بكل أشكاله وتحقيق الحلم بارساء مداميك الدولة والمواطنة وإنهاء حقب التمييز والاستئثار بالسلطة والثروة وتجاوز آثار الحروب والصراعات وفي مقدمة ذلك حرب 94 الظالمة بكل مرارتها ومآسيها وتداعياتها والتي كانت السبب الرئيس فيما آلت إليه أوضاع البلد من تشظيات واقصاء وفساد ، وتنكر للشراكة والانقلاب على روح ومضامين الدولة والوحدة .
إن توحيد الجهود ونبذ الخلافات ضرورة وطنية، وحاجة شعبية عاجلة لتحقيق النصر وإنهاء الحرب ومآسيها، وان المعركة اليوم هي معركة وجودية، تستوجب رص الصفوف والدفع بكافة القوى المجتمعية لاستكمال التحرير وانهاء الانقلاب والحرب وإحلال السلام واستعادة الدولة وحل القضية الجنوبية العادلة وفقا لخيارات الشعب في الجنوب .والذهاب الى مستقبل يعج بالتنمية والامن والاستقرار وحضور سيادة الدولة الضامنة للحقوق والحريات وطي صفحة الحروب والمٱسي الى غير رجعة.