بالصدفة منذ عدة سنوات وجدت فيلما يُعرض على قناة فضائية بعنوان المتبقي
الفيلم يحكي عن خطة إسرائيل لاحتلال مدينة حيفا وتمكين المهاجرين اليهود منها .. عن طريق إرهاب الفلسطينيين وشن هجوم من عصابات الهاجاناه على المدينة .. وحصار أهلها تحت وابل من الرصاص وطلقات المدافع وإجبارهم على الهروب ..
من أقسى المشاهد التي أبكتني خروج بطلة الفيلم صفية لاستطلاع ما يحدث في الشارع والبحث عن زوجها ، ولم تتمكن من الرجوع لبيتها وطفلها الرضيع بسبب تتابع ضرب النار وإصابة أهل الحي بحالة ذعر .. التي تنتقل إليها فتحاول العودة ، وهنا تتجسد المأساة ، هي عالقة في الطريق وعندما تقترب من البيت يتوالى صوت الطلقات المنهمرة بغزارة على البيوت والأهالي ،وهي تسمع صوت صراخ و بكاء الطفل ولا تتمكن من الوصول إليه.
بالامس مع اول صفحة من رواية عائد إلى حيفا لغسان كنفاني تذكرت الفيلم .. وأن الطفل الذي عاد بطل الرواية للبحث عنه بعد عشرين عاما والذي كان اسمه خلدون .. لم يعد ابنه
لقد سكن بيتهم عائلة يهودية آتية من بولونيا .. ليتربى الطفل ابن الخمسة أشهر بين اب وام يهوديين
يفقد هويته-بطبيعة الحال- ولا يعرف أنه ابن لاب وأم عربيين إلا بعدما يكبر ويبلغ عشرين عاما
هذه الرواية يضغط فيها غسان كنفاني بيده بكل قوة على الجرح الفلسطيني الغائر و يرسم بقلمه الغاضب انهيار حلم الوالدين .. وفي نفس الوقت نراه يسخر منهما ومن سذاجتهما .. كيف بعد عشرين عاما يتوقعان أن يرتمي ابنهما في حضنهما ويعود معهما لعكا التي هربا إليها حتى إن كان هروبهما اضطراريا .. ونرى أنه يوبخهما بقسوة على تركهما له
وهنا أقرأ لأول مرة العبارة الشهيرة لكنفاني في سياقها داخل الرواية والتي يقول فيها لزوجته الحزينة الباكية: أتعلمين ما الوطن يا صفية .الوطن هو إلا يحدث كل هذا ”
فهو يدرك الحقيقة القاسية التي قذفت على رأسه كحجر ثقيل ، وهي أنهما أصبحا غريبين عن بيتهما وأرضهما.. وأنهما كان لابد أن يقاوما في وقتها والا ييأسا من البحث عن خلدون الذي أصبح “,دوف،” الجندي الاحتياطي في جيش الدفاع الإسرائيلي !
ويصبح الحل الوحيد أمامهما هو التخلي عن ماضيهما.. ومحاولة تدارك الخطأ بأن يتركا ابنهما خالد ينضم للمقاومة ..بعدما كان سعيد”الاب” رافضا للفكرة وقد نهر ابنه بقسوة ليصرفه عما ينوي فعله
وهاهو يعدل عن رأيه ويقرر العودة من حيفا بعدما تأكد أنه لا فائدة من محاولة استعادة ما فقد .. وان لا سبيل لاستعادة البيت والوطن المفقود إلا بالحرب وبالقوة والمقاومة.
اقتباس
❞ أن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها، كائناً من كان، هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم، وهي التي تبرر له أخطاءه وجرائمه ❝
#غسان_كنفاني
#حكايات_فلسطينية
#حيفا
#قرية_فلسطينية
#أبجد
#عائد_إلى_حيفا
#عبير_سليمان_عبد_المالك